" إِنَّ الحَاكِمَ العَرَبِي يَعْتَبِرُ نَفْسَه المُطْرِبَ الأَوَّل .. وَ صَاحِبَ الصَّوْتِ الأَجْمَلِ
لِذَا كَانَتْ حَيَاتُنَا السِّيَاسِيَّة نَشَازَاً
لأَنَّ الشَّعْبَ وَ هُوَ صَاحِب الصَّوْتِ الأَحْلَى وَ الأَرْخَم مَمْنُوعٌ عَنِ الغِنَاء
بِأَمْرٍ عَسْكَرِيٍّ لا يَقْبَلُ الاسْتِئِنَافَ أَوِ التَمْيِيز"
[ أَحْلام مِسْتَغَانْمِي ]
لَقَدْ قَادَنِّي فِكْرِي مُؤَخَّرًا إِلا أَنْ أَؤْمِنَ إِيمَانًا جَازِمًا
بِإَنَّ الوَاقِعَ الوَهْمِيَّ المُتَجَسِّدَ حَقِيقَة عَلَى صَفَحَاتِ الشَّبَكَةِ العَنْكَبُوتِيَّة
لا يَخْتَلِفُ كَثِيرًا مِنْ حَيْث المُعْطَيَاتِ وَ الحَيْثِيَّاتِ وَ الأَنْسَاق السِّيَاسِيَّة وَ الاجْتِمَاعِيَّة وَ الثَّقَافِيَّةِ
الـ/ يُبْنَى عَلَى أَسَاسِهَا وَ يَنْطَلِقُ إِيمَانًا بِهَا
عَنْ وَاقِعِنَا الفِعْلِيِّ
فَهُوَ أَشْبَهُ مَا يَكُونُ بِرَسْمٍ بَيَانِيٍّ يُثَرْثِرُ صِدْقًا بِمَا فِي أَعْمَاقِ العَقْلِ وَ الرُّوحِ
إِنَّهُ أَشْبَهُ بِاسْتِنْسَاخٍ لعَالَمِنَا ..
خَلا أَنَّ الفَرْقَ الوَحِيدَ يَكُمْنُ فِي أَنَّ عَوَالِمَنَا مَنْطُوقَة .. مَسْمُوعَة ..
فِي حِينَ أَنَّ هَذِهِ العَوَالِمَ السَّايْبَرُونِيَّة قَدْ تَحْكِي وَ قَدْ تَضُجُّ
وَ لَكِنْ بِصَمْتٍ وَ هُدُوءٍ وَ أَكْثَر عَقْلانِيَّة
عَقْلانِيَّةٌ هِيَ الأُخْرَى قَدْ تَبْدُو فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيَان مُصْطَنَعَة وَ مُزَيَّفَة ..!!
إِنَّهُ ذَاكَ الوَاقِعُ الـ/ يُزْمِعُ فِي عُمُقِهِ أَنْوَاعَ شَتَّى مِنْ خَلْقِ الله مِنَ البَشَرِ
لِيُجَسِّدُوا مِنْ ذَوَاتِهِمْ هُنَا أَيْضًا رَاعِيًّا وَ رَعِيَّةً
وَ رُؤسَاء وَ مَرْؤوُسِينَ
بَلْ قَدْ يَصِلُ الأَمْرُ أَحْيَانًا حَدَّ الاسْتِعْبَادِ وَ القَمْعِ
لِيُرَدِّدَ فَاهُ القَلَمِ مُتَعَجِبًا
[ مَا لَكُمْ يَا قَوْم قَدِ اسْتَعْبَدْتُمُ الأَقْلام .. وَ قَدْ دَلَفُوا إِلَى هُنَا أَحْرَارًا ]
وَ لأَنَّنَا بِوَاقِعِنَا لا نُتْقِنُ الحُرِيَّة بَلْ وَ لا نَفْقَهُ لَهَا مَعْنَىً عِوَضًا عَنِ التَّطْبِيقِ
فَلَقَدْ كَانَ مِنَ الطَّبِيعِيِّ جِدًّا أَنْ تُغَيَّبَ الدِيمُقْرَاطِيَّةَ فِي وَاقِعِنَا السَّايْبَرُونِي
لِيَكُونَ الصَّوْتُ الأَوْحَدُ وَ الأَكْثَر عُلُوًا وَ إِنْ كَثُرَ الضَّجِيج هُوَ صَوْتُ القُوَّة
صَوْتُ المَطَارِقِ وَ المَعَاوِل .. صَوْتُ القَمْعِ وَ الكَبْتِ وَ الحَذْفِ ..
للأَسَفِ أَنْ تُفْرَضَ قَوَانِينٌ بَشَرِيَّةٌ مُهْتَرِئَةٌ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ
وَ لا آَمَنَ بِهَا أُولِي الأَلْبَاب وَ لا أَدْلَى المنْضَمُّونَ أَصْوَاتَهُمْ بِخُصُوصِهَا
لِيَسْتَحِيلَ هَذَا الدُّسْتُور البَشَرِّي وَ كَأَنَّهُ أَشْبَهُ بِحُكْمٍ إِلَهِيٍّ
وَ يْكَأَنَّهٌ وَحْيٌّ سَمَاوِيٌّ وَ شَرِيعَةٌ مُثْلَى لا يُطَالَهُ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ
غَيْرَ قَابِلٍ للتَّفْنِيدِ تَبَعًا لِلْمَصْلَحَةِ وَ انْطِلاقًا مِنْ مُتَغَيِّرَاتِ الزَّمَانِ وَ المَكَانِ
وَ الأَدْهَى أَنْ يَكُونَ نِظَامٌ ثَابِتٌ وَ نَهْجٌ دَائِمٌ لا يُمْكِنُ عَلَى الإِطْلاقِ إلصَاق الزَّلل وَ الهَفَوَاتِ بِهِ
وَ إِنْ مَا بَدَا البُرْهَانُ وَ الحَجَّةُ عَلَى أَنَّهُ بَالِّي
تَأْخُذُ أَصْحَابَهَا العِزَّةُ بِالمُكَابَرَةِ
فَيَجْحَدُوا بِالحَقِّ عِنَادًا وَ قَدْ اسْتَيْقَنَتْ بِهَا أَرْوَاحُهُمْ
إِنَّنَا حَقًّا مُجْتَمَعٌ بِلا عَافِيَّة
لأَنَّنَا نُطَارِدُ الأَقْلامَ الوَاعِيَّة وَ الحُرُوفَ الصَّادِقَة بِكُلِّ مَا أُوتِينَا مِنْ قُوَّةٍ
لأَنَّنَا نَجُزُّ بَتَلَةَ الإِبْدَاعِ قُبَيْلَ سُويْعَاتِ النُّمُوِ
لأَنَّنَا نَرْفُضُ الفِكْرَ المُؤْمِنَ بِاسْتِقْلالِيَّتِهِ وَ نُكَرِّسُ العُقُولَ الرَّاضِيَّة بِعُبُودِيَّتِهَا
التَّابِعَة .. التَّبِيعَة .. لِكُلِّ فِعْلٍ نَسَقِيٍّ
لأَنَّنَا نَسْتَمِيتُ كَيْ نَنْبُذَ المُغَنِّينَ خَارِجَ السِّرْب وَ السَّابِحِينَ عَكْسَ التَّيَار
وَ إِنْ كَانُوا المُضَمَّخِينَ بِالإِبْدَاعِ .. المُتَدَوْلِبِين بَيْنَ فُصُولِ الحَرْفِ وَ الصِّدْقِ
فَقَطْ لأَنَّهُم نَهُجُوا [ الاخْتِلاف ] دَيْدَنًا
وَ لا نَبْرَحَ حَتَّى نَبْتُرَ أَحْرُفَهَمْ عَلَى مَقَاصِلِ الحَذْفِ
إِنْ لَمْ تُقَيَّدَ مَعَاصِمَ مُعَرَّفَاتِهِمْ بِأَغْلالِ التَّوْقِيفِ
لِيَتَشَرْذَمُوا بَيْنَ دُرُوبِ الخَيْبَةِ وَ لِيَتَدَهْلُزُوا عَمِيقًا حَيْثُ أَجْدَاثِ الخُذْلانِ
آَنْ لِقَلَمِي أَنْ يَنْطُقَهَا صَرَاحَةً فِي وَجْهِ الدِّيكْتَاتُورِيَّةِ الحَمْقَاء / السَّوْدَاء
مَتَحَلِّلاً مِنْ قُيُودِ الوَجَلِ
مُؤْمِنًا أنَّ اسْتِقْلالِيَّتَهُ أَثْمَن مِنْ كُلِّ مُسَاوَمَةٍ
مَا لَمْ يُتَاحُ لَنَا مَسَاحَةً مِنْ الحُرِيَّة / حَقُّنَا الإِنْسَانِّي المَشْرُوع
سَتَصِلُ أَقْلامُنَا لِحَالٍ يُرْثَى .. وَ مَحَابِرُنَا لِوَضْعٍ مُزْرِيٍّ
سَيَمُوتُ كُلَّ جَمِيلٍ .. وَ يُبْعَثُ كُلَّ شَنِيعٍ نَتِنٍ
سَتَنْبُتُ أَشْوَاكُ الاسْتِبْدَادِ فِي أَوْسَاطِ الرِّمَالِ المُتَحَرِّكَةِ
وَ تَذْبُلُ يَاسَمِينَ الفِكْرِ وَ الأَدَبِ
سَتَتَلاشَى أَشْذَاءُ الانْتِمَاءِ وَ الحُبِّ وَ الهَوِيَّةِ
وَ سَتَتَعَمْلَقُ فِي أَرْحَامِ المَحَابِر مُضَغَ العَدَاءِ وَ الكَرَاهِيَّةِ
دَعُونَا أَرْجُوكُمْ نَتَنَفَّسُ
فَقَدْ فَاحَتْ رَوَائِحُ الاخْتِنَاقِ بِمَا يَكْفِي
" حِينَ تَذَوَّقَتِ الفَرَّاشَة طَعْم التَّحْلِيق بِحُرِيَّة ,
حِينَ تَعْرِفُ نَشْوَةَ تَحْرِيك أَجْنِحَتِهَا فِي الفَضَاء ,
لا يَعُودُ بِوِسْعِ أَحَد إِعَادَتَهَا إِلَى شَرْنَقَتِهَا ,
وَ لا إِقْنَاعَهَا بِأَنَّ حَالَهَا كَدُودَةٍ أَفْضَل "
[ غَادَة السَّمَّان ]
حُرِّرَ للتُّوِ
بَيَاض