بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :
فقد حضرت ندوة ( أزمة الثقافة العربية ) ( التي عقدت يوم الأحد 6/11/1427هـ في كلية اليمامة بالرياض )
وكان لي بعض الملاحظات فأحببت أن أوردها خاصة وقد أوردت قناة العربية وبعض الصحف كعادتهم بعض المغالطات حول ما جرى في الندوة :أولاً: فوجئ الإخوة بالإختلاط السافر لصالة المعرض المجاور لقاعة المحاضرات لتلك الصالة كان هناك مجموعة من النساء السافرات من المنظمات ( يعلقن بطاقات ) ومن الزائرات وفي الصالة نفسها كان هناك مجموعة من الرجال كما فوجئ الحضور بالنساء في الشرفات المطلة على قاعة الرجال لا يحجبهن إلا زجاج شفاف فإذا دخلت المرأة ألقت خمارها وحجابها فاعترض بعض الحضور بأدب بحجة أن هذا مصادم للتعليمات وفيه غش للنساء اللاتي ربما توهمن أن الزجاج عاكس وأنها لا تعلم أن الرجال يرونها بشكل واضح وأن هذا مقدمة اختلاط .
فما كان من أحمد العيسى ومن معه من المنظمين إلا أن دافعوا وقالوا غضوا أبصاركم فانسحب المناقشون بهدوء وقال أحد المشايخ الذي سمح بالاختلاط في القاعة المجاورة هو الذي سمح بهذا الوضع ونفى أحمد العيسى علمه بهذا الاختلاط مع أنه لا يفصله عنه إلا بضعة أمتار .
ثانياً: قدم أحمد العيسى للندوة وقد بدا عليه شيء من الإحباط لما ذكر تخلف مدير الندوة عبد العزيز السبيل والمشارك أحمد كمال أبو المجد والمشاركة فوزية أبو خالد وكاد كل من الغذامي والزهراني أن يعتذرا كما ذكر ذلك للحضور ( فلا ندري عن سر هذا الهروب الجماعي ).
ثالثا: استفتح الغذامي كلمته بأنه قد عزم على الإعتذار والتغيب عن الندوة متعللا بتعب لتغير الجو ، وبدأ حديثه فكان مما ذكر أن أورد مثالاً لأزمة الثقافة عندنا بالحال في العراق حيث البيت يضم الأعراق والأديان المختلفة والزوجين الشيعي والسني والمسلم والنصراني ثم آل الحال إلى التناحر وسفك الدماء ، فاعترض أحد المشايخ وقال هذا كلام غير صحيح ولا يجوز الزواج بين مسلمة وشيعي أو مسلمة ونصراني وحاول أن يوضح ولكن الغذامي وصف مناقشة المتكلم بأنها ليست من الدين ولا من الخلق واستشاط غضباً وسانده أحد الحضور في الصف الأول الذي هب واقفاً وتكلم بغضب شديد وتوتر وهيجان واصفاً الغذامي بأحد أبرز رموز الثقافة في البلد ومعترضا على من ناقشه وصفق بعض الحضور ، ولما وضح بعض الإخوة عدم مشروعية التصفيق للرجال دافع الغذامي عن التصفيق وصفق هو الآخر باعتبار التصفيق نوع من التعبير عن الرأي قال هذا جوابا على من أورد الحديث الصحيح ( ألم أنهكم عن التصفيق ، إنما التصفيق للنساء ) .
رابعاً : تناسى الغذامي أن أصل الأزمة في العراق وسبب هذه المصائب إنما هو الاحتلال الأمريكي أو الآخر كما سماه ، وعجيب تركيزه على هذا المثال الذي ضربه في أزمتنا الداخلية .
خامسا : مجد الغذامي العقل الغربي وقال ( ليس هناك أزمة عقلية لدى الغرب وإن كان لديهم مشكلات أخرى ففي الاقتصاد والسياسة وغيرها ..) وكان كلام الغذامي عما سماه بالآخر عائما ومجملا زاعما أنه ليس بيننا وبينهم عداوة وإنما هي المنافسة والاختلاف الذي علاجه الحوار ..
سابعاً : تحدث الدكتور المصري صلاح فضل وكان كلامه مليء بالمغالطات والمجازفات فمن ذلك حديثه عن اللبرالية وأبدى صدمته وتفاجئه بأن اللبرالية في هذه البلاد سبة وتهمة ، بينما في مصر يؤمن الناس هناك إيمانا جازما أنها هي الطريق لحل الأزمات و لإصلاح الأحوال .
ثامناً : أقحم المتحدث كلام الوزير المصري عن الحجاب ودافع عنه وأضاف أن الذين عارضوه ليسوا فقهاء وإنما تدفعهم دوافع حزبية وسياسية مشيدا بمظاهره السيدة هدى شعراوي وتمردها على الحجاب وأن ممن شجعها بعض الفقهاء ،ثم قال: فجاء من جاء في هذا السنوات الأخيرة ممن يسمى بكذا أو كذا ( يقصد جيل الصحوة ) مطالبين بالرجوع إلى الماضي ولو أنهم استمروا على ما كان عليه أولئك ( التنويريون ) لكان أفضل .
تاسعاً: ومما جاء في حديثه أن حقوق الإنسان لمن تأملها ليس فيها ما يعارض الإسلام وهكذا بدأ المتحدث متطرفاً بشدة نحو الليبرالية وضد الحجاب والمصلحين.
عاشراً : ثم تحدث معجب الزهراني واستهل كلمته بقريب من كلام الغذامي وأنه كان يريد الاعتذار ولكنه تحامل على نفسه ، ومما جاء في حديثه مثال للأزمة الثقافية لدينا والممارسات السلطوية أو التسلطية التي تلغي الآخر ومثل بمثالين الأول : الحكومات عندنا . الثاني : المؤسسات الدينية .
ودعاء إلى حرية الرأي المطلقة وهنا قاطعه أحد المشائخ أتريدونها فوضاء إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن الله يقويهم على الحق ( يقصد الحكومة ) .
الحادي عشر : ثم تحدث سعيد عبدالله حارب وكان أجود المتحدثين وقد رد على سابقيه بأن ( حضارة أجدادنا لهم وحضارتنا لنا ) عبارة غير صحيحة ، فنحن امتداد لهم ولا نستغني عن تاريخهم وحضارتهم - يرد على الثلاثة الذين توافقوا على هذا القول -، وكان كلامه عن الدعوات المتمردة على الفصحى جيدة إلا أن حديثه عن ( أننا متعبدون بالكتاب والسنة مجرد من أي فهم ) محل ملاحظة وتعميم غير دقيق فنحن مطالبون بفهم الوحيين كما فهمها السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم ، والصحابة هم الذين شهدوا التنزيل وعايشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تفضل بذلك الشيخ عبد العزيز العمر في مداخلته .
كذلك يلاحظ عليه حديثه عن الدعوة إلى حرية المرأة فقد كان فيه شيء من التعميم.
الثاني عشر : بعد ذلك جاء دور المداخلين من الحضور :
أولاً : أولى المداخلات كانت للشيخ عبد العزيز العمر وفيها ناقش الدكتور سعيد حارب كما تقدم وتكلم عن حرية الرأي التي دعى إليها المتحدثون وقال إنما هي في حدود الشرع أم الدعاة إلى البدع فلا يمكنون ولا يستمع لهم ولا يعطوا كلمة كما قال بعض السلف ولم يصف أحد من الحضور ببدعة كما زعمت أو افترت قناة العربية .
والشيخ عبد العزيز العمر رجل محتسب فاضل يؤم الناس منذ ثلاثين سنة وهو معروف لدى العامة والخاصة وقد شيبته المنابر والمحاريب وقدم نفسه في بداية المداخلة وليس شاباً نكرة كما زعمت أو قناة العربية ( وليس قولك من هذا بضائره ) .
ثانياً: ثم أعطى أحمد العيسى المداخلة إلى الكاتب في إحدى الجرائد ( العويس ) وقد تكلم بكلام عام لا يخرج عن تأييده للمتحدثين .
ثالثاً: ثم داخل الدكتور سليمان الغصن وتكلم كلاما جيدا عن أن حرية الرأي مضبوطة ولا تعني القفز على الثوابت ولاحظ على الغذامي قوله ( كلما ترقى مركز الإنسان قلت مساحة التعددية لديه ) .
رابعاً: ثم أحال أحمد العيسى الحديث إلى يحيى بن الأمير الذي هاجم فهم الإسلام بمفهوم ( عروبي ) كما سماه داعيا إلى مفهوم عام ضارباً المثل بماليزيا واندونيسيا وذكر أن الأزمة عندنا بدأت منذ عام أربعين للهجرة مهاجما ما أُلف في تلك الفترة من كتب مختلفة في الفقه والتفسير على أنها أُلفت على فهم الدين بمفهوم عروبي، ولا أدري بأي فهم يريد لنا أن نفهم الدين ؟! والقرآن عربي والنبي عربي (ملحوظة يُفهم من كلام ابن الأمير لمز الصحابي معاوية رضي الله عنه وخلافته...) فهو الصحابي الذي اجتمع عليه المسلمون في تلك الحقبة وسمي ذلك العام ( 41) عام الجماعة .
خامساً: ثم كانت المداخلة لي بعد طلب متكرر من المقدم وفيها تحدثت للذين صفقوا بكل حماس للمتحدث المصري في ختام كلمته وسألتهم هل فهمتم ما قال ؟ حتى تصفقوا له بكل هذا الحماس ، وخوفتهم بالله من تأييد صاحب الباطل على باطله ، وتأييده على أقواله الخطيرة ، وأنه لا ينبغي أن يدفعهم الحماس ضد من يرونه فريق آخر في القاعة أن يؤيدوا كل من عارضهم مهما تلفظ به من ألفاظ خطيرة ، فهل تؤيدونه على الدفاع عن المتهجم على الحجاب أم تصفقون له لحماسه للبرالية ودفاعه عن قادة السفور ؟!!
وفندت كلام المتحدث المصري عن اللبرالية وبينت أنها تُناقض الدين كما فندت كلامه عن السياسة وزعمه أن الدين يجب أن ينزه عن السياسة وألاعيبها ،وأن الدين شيء والسياسة شيء ،لا تداخل بينهما ووضحت أن هذا صحيح بالنسبة للسياسة التي يفهمها والتي أخذها عن الكفر فهي مبنية على النفاق والكذب والمراوغة أما السياسية الشرعية فهي من الدين ولا انفصام فيها عنه وهي السياسية التي كان عليها أبو بكر وعمر والخلفاء والأئمة المهديون، وألف فيها ابن القيم والماوردي وغيرهم .
وناقشته أيضا في كلامه عن الحجاب وبينت أن الوزير مخطئ وقوله باطل ولا يصح الدفاع عنه وزعمه أن الذين ردوا عليه ليسوا فقهاء وإنما سياسيون زعم باطل ، فقد رد عليه فقهاء وعلماء في مصر و من كل مكان وضربت مثالاً برد سماحة مفتي عام المملكة ،كما فندت قوله في تمجيد نظام حقوق الإنسان ، وأنها لا تعارض الدين ، وبينت أنها نشأت في بلاد كافرة حيث بنودها من منظمات اليهود والنصارى ، وأن كثيرا منها يناقض الدين ويعارضه ، وضربت مثالاً بمساواة الرجل والمرأة ، وعدم التمييز بين الناس حسب أديانهم وعقائدهم ، وأن هذه المنظمات الحقوقية كثيراً ما تستعمل سيفاً مسلطاً على بلادنا وحياتنا الإجتماعية والتدخل في شؤوننا ومناصرة من يسمونها بالأقليات وتبني حركات تحرير المرأة في الوقت الذي تغض الطرف فيه عن جرائم الدول العظمى وأفعال اليهود والنصارى وبينت أن ميثاق هذه المنظمة باطل ومردود ولا كرامة .
ورددت على معجب الزهراني بكلامه على التسلط الحكومي ونسي وتناسى أصحابه الإعلاميين من رؤساء تحرير ومجلات وقنوات وإقصاء أصحاب الرأي الآخر ، إلا من وافق أهوائهم ممن يتكلم بالدين .
سادساً : ثم تحدث الشيخ فهد العبيسي وأوضح أن قول الغذامي عن الغرب أنه لا يعيش أزمة عقلية غير صحيح فلو كان لهم عقول يعقلون بها كما قال أخبر الله عنهم لهدتهم إلى توحيد الله الواحد الأحد وترك عبادة البشر المسيح وإخلاص الدين لله وحده . كما قال في مداخلته لو كان عن يمينك يا أحمد العيسى بعض المشايخ والعلماء وعن يسارك بعض المفكرين لكان الطرح متوازنا وما اضطررنا إلى هذه المداخلات كما أوضح أن سبب ذلة المسلمين وانحطاطهم ليس فقط بتأخرهم في الصناعة بقدر ما هو التنكر لدين الله والتنصل من أحكامه والرضى بالزرع وترك الجهاد .
سابعاً : الدكتور عبد الله الزايدي فقد أجاد وأفاد وكان مما جاء في حديثه أن من أراد أن يتحدث عن أزماتنا فليغص إلى أعماق الأمة وليعش همومها ليجد الأمة تلتف حوله وليجد لحديثه صدى في ضمائرها، وذكر مقالا صحفيا سابقا لعبدالله الغذامي اشتكى فيه من قلة الحضور في النادي الأدبي في جدة حيث كان يغري عمال النادي بوجبة عشاء لتكثير الحضور ويحث طلابه ويُغريهم بالحضور وقارن بين هذا والحضور الكثيف للعلماء والدعاة الذين ينزلون إلى مستوى العامة ولا يتعالون عليها ولا يعدون أنفسهم نخباً فكرية ويتحدثون في همومها .
ثامناً : ثم كانت المداخلة الأخيرة للشيخ عبد الله الوطبان وفيها استعرض نقاطاً سريعة فتكلم عن حرية الرأي وأن الدعوة إليها بإطلاق غير صحيح واستهجن أسلوب أحد المتحدثين ( الغذامي ) دون أن يسميه بفرحته بالتصفيق له وسروره بورقة لا يعرف مرسلها ( قرأها الغذامي ) ومفادها أن من قاطعة لا يمثل المتدينين إلى آخره .
وأشار إلى أن كلام المتحدثين عن مثل هذه الموضوعات كثيراً ما يردد دون جدوى وأن إثراء هذه الندوات إنما هو من الفريق المعارض لهم ممن يحلو لهم أن يسموه الآخر ،ولعل بعضهم أمامه الآن ولولا هذا الحضور لكانوا ( يسولفون مع أنفسهم ) وهنا ضجت القاعة بالضحك لقد كانت كلمة الشيخ على عفويتها في الصميم .
تاسعاً: ثم تكلم أحمد العيسى ورد على الشيخ فهد العبيسي وقال لا أحب أن أكون بينهما في اتجاه معاكس وأكون مثل ( فيصل القاسم ) وقال عندنا محاضرة للدكتور سلمان العودة ووزير الشؤون الإسلامية وكأن أحمد العيسى أصلحه الله يسير على منهج داوها بالتي كانت هي الداء فإما كذا أو كذا يا أحمد العيسى جعلت الحديث عن هذا الموضوع المهم للعلماء العارفين بالكتاب والسنة إذا لم ترد تكون بين اتجاهين أفيكون الحل بتصدير هؤلاء الجهلة بالكتاب والسنة ،وهذا أحسن وأهون ما يقال فيهم وإجلاس الناس أمامهم مجلس التلاميذ من الشيوخ سامحك الله وهداك
عاشراً : جعل أحمد العيسى دقيقة لكل واحد من المحاضرين فتكلم الغذامي وأكد بكل حماس على دعوته إلى حرية الرأي مطلقاً بدون تقييد ولكنه أيد كلامي عن إقصاء الإعلاميين لغيرهم وتوحدهم بالإعلام وأوضح أن هذا خطأ كبير، كما أيد كلام الشيخ عبد الله الزايدي وعبد الله الوطبان بأن حضور المخالفين هو الذي يثري هذه الندوات ويجعل لها قيمة ، وتجاوز في حديثه الوقت ، ورفض الاستجابة لنداءات مدير الندوة المتكررة له بالتوقف والتفت قائلا توقفت بالأول إحتراما للوقت ، أما الآن فلن أتوقف حتى أكمل .
ثم تحدث المصري صلاح فضل وقال : أنا لم أقل أن الليبرالية من روح الإسلام وإنما قلت إن الديمقراطية هي التي تنطلق من روح الإسلام مع أن الجميع سمعه يدافع عن الليبرالية بكل حماس .
وتحدث معجب الزهراني ودعاء بأن تكون هذه الندوات واللقاءات حرة ويسمع فيها الرأي الآخر وحتى المساجد ( وهذا ما يريد أن يصل إليه ) قال لابد أن يسمع فيها الرأي الآخر وأن تكون مكان للحوار كما حاور الرسول اليهود والنصارى ..
ثم تحدث سعيد حارب وأجاب عن ملاحظة فهم السلف الصالح بأنه لا بد من الرجوع إلى فهم السلف ولكن هناك قضايا عصرية وحادثات لابد أن تعالج في عصرنا .
ولم أشاهد شيئا من المشاجرات والمشادات كما زعمت بعض الصحف والمواقع نعم اعترض أحد الحضور على قصر وقت المداخلات بالنسبة إلى وقت كلام المحاضرين وحصل نوع من الاحتجاج الكلامي وارتفعت الأصوات وقبله حصل رفع أصوات من قبل المدافعين عن الغذامي في أول الندوة ، أما زعم أن الغذامي تعرض لمحاولة اعتداء هذا ما لم أشاهده وأظنه من قبل تهويل مناصريه وإدرار العطف له ، كما حصل من قبل في ندوة معرض الكتاب من الزعم أن السديري تعرض لنفس المحاولة لولا تدخل طابور من رجال الأمن .
وليس الافتراء والكذب على الصحف والمواقع العلمانية بغريب إنما الغريب أن يشاركهم التلبيس أو يقلدهم تقليد أعمى دون تثبت بعض المواقع المحسوبة على الاتجاه الإسلامي .
هذا ما أردت توضيحه عن مشاهداتي وملاحظاتي لهذه الندوات نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق إلى سبيل الرشاد والفلاح .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه محمد بن أحمد الفراج
منقول