"المذكرة الثالثة "
.
.
.
أسهبنا في القلق , ننتظر ماذا ستؤول عليه الأمور مع والدي ,
توافدوا أخوتي بعد ما أدو صلاة الفجر, حيث كل شيء في تلك اللحظة ممكنا,مع انقلاب أبي المفاجيء
كان اليوم يوم " التروية " , وهو التاسع من ذي الحجة , وليس لنا فرصة غيره,
كنا نترقب مجيء أبي , لنأخذ الإشارة منه , جاء أبي ولم ينطق بشيء , وذهب إلى فراشه
فا تلبسنا الإحباط في تلك اللحظة ,
فلما دخلت الساعة السابعة , جهزت والدتي قهوة والدي الصباحية , تترقب طلعته ..
وضلوا أخوتي في المنزل ولم يغادروه , طلع علينا أبي ووجهه هادئ لا ينبيء بشيء ,
أنفضينا من مكانه , و ألقينا عليه التحايا متواترة , ورددها لنا بهدوء ,
تحلقنا حوله وكنا جميعنا, عيوننا معلقة بقسمات وجهه ,
كان القلق يعتصرنا تلك اللحظة ,
أما أنا فلم اشعر بخيبة , طوال عمري مثل تلك اللحظة الموجعة , كستني خيبة رهيبة ,
وحيرة قاتلة من تصرف والدي....التفت والدي , على أخي و أخبره أن الساعة التاسعة ,
موعدنا للمغادرة , انفرجت أساريرنا تلك اللحظة ,
وتهافتت نظراتنا ببعض , وحمدت الله في سري , أما أخي فاستبشر وجهه , وأومأ برأسه
خاضعاً , وأمي.. فأنها لم تكف عن الابتهال إلى الله في تلك اللحظة ..
****************************
انصرمت الساعتين.. الفاصلتين.. عن موعدنا بسرعة عجيبة , عكس ساعات الفجر الرتيبة
الكئيبة...في ذالك اليوم ,
نسيت الخوف من الحج في تلك اللحظة .. أو لنقل بدأت لذة ,
الحج.. من تلك الساعة , كنت مغتبطة, وشقيقتاي.....
لم أخبركم كم عددنا.... حسناً... كنا أربع نسوة ... والدتي , وأنا,وشقيقتاي ,
وأخوتي الأربعة , ووالدي.....استقلينا السيارة في الساعة التي حددها والدي ,
كنا نتكلم , ونقول ما لم نقله لبعضنا في تلك الليلة, لم نتحرك بسيارة بعد ... ننتظر تفقد والدي
للمنزل , عادة له تعودنا عليها , فلما أقبل يتأبط كتابين , أذكر واحد بعنوان,
" زاد المعاد / لأبن القيم " والآخر لا أذكره أسمه..
خفتت أصواتنا, وابتلعنا تعليقاتنا الساخرة , لما تراء لنا والدي ,
أنضم إلينا با لسيارة , فبسمل عند ركوبه .. فالتفت إلينا يذكرنا بدعاء السفر ,
وألتفت , يقري والدتي الدعاء ..وهي تتابع معه ,
تحركنا , وكان كل شيء ينطق بالوجود أمام ناظري , لا زلت أذكر الوجوه,
التي نمرق من أمامها بسيارة , الطرقات , كل شيء كأني أعيشه الآن .
"يتبع "