من بين كل الأحجار الثمينة والمعادن النفيسة يسطع بريق الألماس فيبهر العيون – وعيون النساء على التحديد . فهذا الحجر الشفاف والبراق يعتبر افضل رفيق للمراه في سهراتها اذ تتباهى امام صديقاتها بخاتم السوليتير او بعقد الألماس الذي اشترته او تلقته هديه .
ويعود سبب اهميته الى قله وجوده وندرته ، كونه يتشكل في أعماق قشره الارض منذ ملايين السنين وفي ظل ظروف محددة : ضغط جوي عال ٍ وحرارة مرتفعة .
..:: صلب وقاس كـ الحجر ::..
حجر الألماس هو أكثر من مجرد حجر جميل براق يزين اعناق سيدات المجتمع المخملي وأياديهن. فإذا نظرنا الى مكوناته لوجدنا أنه مثل حجر الجرافيت فكلاهما يتكون من الكربون ولا شيء غير الكربون.
بيد أن ثمة فارقا ً شاسعا ً بينهما يرتكز الى ترتيب جزيئات وذرات كل منهما . الألماس من جهته أقوى من المواد المعروفة ، أضف الى ذلك أنه حجر شفاف اللون ذو بريق قوي ، ويشكل عازلا ً ممتازا ً للكهرباء وثمنه غال ٍ جدا ً لندره وجوده. في المقابل ، يتصف حجر الجرافيت برخاوته ولونه الأسود الداكن وكثرة وجوده ، إضافه الى كونه غير عازل للكهرباء .
للألماس إذن لائحة طويله من المواصفات والمزايا المؤثرة. ولانه أقوى المواد، فهو قادر على مقاومة اعتداءات الأسيد القوي والمواد القلويه . وكونه عازلا ً ممتازا ُ للكهرباء يعني ان ثمه استخدامات عدة له غير الزينه . فقد أعلن منهدسو الكمبيوتر عن رغبتهم في إنتاج شرائح ( microchip ) من الألماس، لانه يبدد الحرارة بشكل تام مما يجعله افضل من شرائح السليكون المعتمدة حاليا ً . وهذا الامر سيساعدهم على "حشر" مزيد من المكونات الالكترونيه في حيز صغير من دون أن يؤدي ذلك الى ارتفاع حرارة الدوائر الكهربائيه ، بهدف أنتاج جيل جديد من الكمبيوترات فائقة السرعة .
..:: بين الطبيعي والصناعي ::..
على عمق 200 كم في باطن الأرض ، يتشكل الألماس الطبيعي منذ 3 مليارات من السنين ، وهو يصل الى سطح الارض من خلال البراكين التى تقذف صخورا ً بركانية مثل الكمبرلايت مصطحبة معها الألماس، إذ مع اقتراب تلك الصخور المنصهرة من سطح الأرض ، تخف حرارتها تدريجيا ً ، وعندما تبرد تشكل نوعا ً من أنابيب حجرية غالبا ً ما يعثر بداخلها على الألماس الطبيعي , والمعروف أن الكربون لا يمكن أن يتحول إلى الألماس إلا في عمق يتراوح بين 100 و 200 كم ، حيث يبلغ الضغط الجوي أكثر من 45 ألف جويه " وحدة قياس الضغظ الجوي " والحرارة تصل إلى أكثر من ألف درجة مئوية .
ويشير بعض العلماء إلى أن معدل صعود الألماس من باطن الأرض يصل إلى 100 سم سنويا ً .
حاليا ً ، لم تعد حجارة الألماس تتمتع بهذه الاصول الطبيعية المتجذرة في أعماق الارض ، إذ بات معظمها ينتج بواسطة آلة ضغط ضخمة هيدروليكية ، تملأ بالجرافيت وبمادة معدنيه محفزه . انها محاوله لتقليد الظروف المناخيه التى في ظلها يتكون الألماس الطبيعي في اعماق الارض وتعرف هذه العمليه باسم ( زيادة درجات الحرارة ورفع الضغط الجوي اصطناعيا ً ) وفي هذه الحال ، قد تصل الحراره الى 1300 درجه مئويه اما الضغط الجوي فيصل الى 1300 طن لكل بوصه مربعه .
وعلى رغم من محاوله التقليد الدقيقه للألماس ، فان المحترفين لا يسهل خداعهم بسهوله ، فالألماس الطبيعي يبقى متميزا ً عن نظيره الصناعي فحجم هذا الاخير يكون اصغر من حجم الألماس الطبيعي ، ويتراوح شكله من البودرة الى حبات الحصى الثمينة ومن اللون الاصفر الى اللون البني ، اما اضخم حجر الماس صناعي فـ يوازي حجم ظفر الاصبع .
..:: من يصنع الألماس::..
شركات الألماس الكبرى مثل ( دي بيرز) و ( جنرال الكتريك ) بدات تصنع الألماس في اوائل الخمسينات من القرن الماضي ، اذ ان التقدم التكنولوجي والعلمي اتاحا للعلماء فرصه تحويل أي ماده غنيه بالكربون الى الألماس، وقد نجح في هذا الاطار احد علماء الكيمياء في شركه جنرال الكتريك في انتاج الألماس من زبدة الفول السوداني ,
واليوم بدأ العلماء اعتماد تقنية حديثة تعرف باسم ترسيب البخار الكيماوي CVD . لانتاج طبقه من الألماس فائق الصلابة والقوة .
وتتميز هذه التقنيه باستخدامها لدرجات حراريه مرتفعه مقابل ضغط جوي منخفض لتغطيه ماده معينة ببخار الكربون ليشكل طبقة من بلورات ماسيه صغيره .
وستلتصق هذه البلورات ببعضها البعض في نهايه المطاف ، وسيصبح في الامكان استخدامها لانتاج حجاره ضخمه من الألماس،
وهذه الاخيره تقطع بهدف تصنيع معدات صناعيه او طبيه مثل المباضع الجراحيه الطويلة .
في الوقت الحاضر ، يستخدم بعض العلماء تقنية الـ CVD لانتاج شرائط ألماسية من خلال تغطيه أسلاك التنجستين " عنصر فلزي يستخدم لتقوية الفولاذ في صنع الاسلاك بداخل المصابيح الكهربائية " ببخار الكربون . ويمكن استخدام هذه الاسلاك الرفيعه جدا ً والفائقة القوه في تعزيز متانة مواد أخرى . حتى أن علماء فيزياء الجزيئات في معهد سيرن للأبحاث النوويه يستخدمون بلورات الألماس الصناعي في إجراء اختبارات مهمه على عناصر المادة الطبيعية .. ويحتاج أولئك العلماء الى كل مزايا الألماس خلال تفجيرهم ذرات الماده من خلال حمل الالكترونات على الاصطدام بالبوزيترونات ، مما يؤدي الى انتاج طاقه كبرى لا يقدر على المتصاصها الا الألماس.