يعرف العالم الإسلامي فوضى اجتماعية وثقافية كل سنة مرتين مرة عند بداية شهر رمضان ومرة ثانية عند نهايته واشتدت وطأة الخلاف في السنوات الأخيرة مما جعلها تنسحب على شهر محرم وأخشى أن تعم جميع شهور السنة وكل هذا كان بسبب غياب الشخصية القيادية الشرعية مما سبب عجز كامل في التوفيق بين رأي الشرع ورأي العلم فتولد عنه صدور إجتهادات فردية أنهكت كاهل المتلقي من العامة الأمر الذي جعل شريحة عريضة من الناس تعيش في بحر لجي متلاطم الأمواج من الفوضى الفقهية . وما فوضى دخول شهر محرم التي نعيشها الآن عنا ببعيد بعد بلبلة شهر رمضان المنصرم . علما بأن الإسلام جاء بشريعة كاملة مستوعبة لمصالح البشر تحمل المكلفين على أيسر السبل وأسهلها في سائر الأزمنة والأمكنة على اختلاف أجناسهم حتى قيام الساعة وشمولية الإسلام لكل أوجه الحياة تستلزم تنزيل النص على الحوادث والمستجدات والفقيه هو الواسطة بين النص والحادثة ولا بد له من أن يروض الحادثة على النص بما يمتلكه من مقومات ترويضية تتناسب مع وضعية الزمان والمكان . ولا أظن أحدا بمقدوره ينكر ما نعانيه من عجز فقهي على كافة الأصعدة والدليل على ذلك التناقضات التي تنهال على رؤوسنا يوميا والضحية الذات المتلقي . أحد المنتمين للمؤسسة الشرعية يذكر أن يوم الاثنين هو يوم عاشوراء وبعده بيوم يذكر شخص آخر من نفس المؤسسة عدم ثبوته وآخر يقول لا تصدقون الفلكيين مما جعل السامع يكبل بقيود المتناقضات . ومما أود الإشارة إليه أن شهر رمضان ثبت دخوله فلكيا داخل المملكة وشرعيا في غرب العالم الإسلامي وشوهد هناك ونحن نشترك معهم بليلة واحدة وهذه الرؤية تنسحب علينا . وقد قال صاحب الزاد (أنه إذا رآه أهل بلد يلزم الناس كلهم الصيام) وهذا هو المذهب وبه قال أكثر الحنفية واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فالخطاب هاهنا للعموم وليس فيه تخصيص بلد على بلد آخر والمسلمين جميعا أمة واحدة وقد قال الشيخ محمد بن عثيمين أن هذا أقرب إلى اتحاد المسلمين وتوحيد كلمتهم وعدم التفرق بينهم. وقال شيخ الإسلام رحمه الله تتفق مطالع الهلال باتفاق أهل المعرفة فإن اتفقت لزم الصوم و إلا فلا.
وقد ذهب أهل العلم أنه يلزم حكم الرؤية كل من أمكن وصول الخبر إليه في الليل . ووسائل الاتصال اليوم جعلت العالم المترامي الأطراف قرية واحدة صغيرة أما من قال لا تصدقون الفلكيين فأهمس بأذنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل المدينة سأل اليهود فقال لهم ما هذا فقالوا له هذا يوم نجى الله موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فقال أنا أولى بموسى منكم وصامه وأمر بصيامه فالنبي صلى الله عليه وسلم صدق اليهود فلماذا أنتم لا تصدقون الفلكيين من المسلمين .
ويا أخوتي حالنا اليوم يرثى لها . فهل يعقل في عصر التقدم التكنلوجي أننا لا نعرف متى نصوم ومتى نفطر
وخلاصة القول أن يوم الاثنين يوم عاشوراء لأن المثبت بالتقويم يأخذ الأسس الشرعية لتوليد الهلال
خالد بن صالح الزعاق (باحث فلكي)
بريده
الأحد 8/1/1425من هجرة المصطفى