ألى جميع الأخوة الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسموحو لي أن أقدم لكم في هذه السلسله ما يبكيكم ويجعل قلوبكم تتفطر من الهم والحزن وعيونكم تتجرح من الحزن والبكاء
نعم سأروي لكم قصص من سجون بعض أنظمة الحكم في بلاد العرب بلاد الأسلام قصص تجعل العقول تطيش قصص تفسد على قارئها صفو العيش .
نعم أنها قصص واقعية يرويها أصحابها وبأيديهم يكتبونها
نعم ستقرأو كيف يجبر السجين الأسلامي على أكل الفأر
ستقرأون كيف تلغا كرامة الأنسان لأنه يقول ربي الله
ستقرأون كيف يجبر الأخ على فعل اللواط بأخية وشقيقة وأمام والدهم وجميع السجناء
ستقرأون ماذا يفعل المجرمون بأخوانكم وأنتم تتبادلون النكات وهمكم الضحك والفكاهه
أخوكم بصراحة
مع شكر خاص للأخ الفاضل المفيد الثالث في منتدى القلعة حيث أنه زودني ببعض القصص فجزاه الله خيرا وبارك فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة الأولى :
مقدمة :
كانت الحياة ضحى ذلك اليوم البارد من آخر أيام سنة 1991 تمضي في مدينة تدمر الصحراوية على غير ما جديد . فالأطفال مضوا مبكرين إلى مدارسهم . والأمهات في المنازل يلُكْن الأحاديث مع الجارات وقد أمنّ انصراف الرجال إلى أعمالهم وخلو البيت من المنغصات . والدكاكين في السوق الرئيسي للبلدة استقبلت روادها الذين اختلط النساء فيهم بالرجال ، والمدنيون بالشباب المجندين ، والمترجلون بالراكبين ، والدواب بالسيارات .. وكلٌ ينفث من صدره هماً أو يرسل زفرة التياع . فهذا جندي متأخر في إجازته يريد اللحاق بوحدته العسكرية ولكن سائق السيارة الذي لا يزال يأمل في اصطياد راكب إضافي يماطل ولا يتحرك . وصاحب الدكان ضاق ذرعاً بزبونته التي أطالت معه الجدال من أجل أن يخصم لها من سعر الحاجيات التي اشترتها بضع ليرات هي كل ربحه من هذه الصفقة التافهة ، وما عادت تكف عن الرجاء والإستعطاف . وحتى الحمار الذي حمّله صاحبه من البرتقال أكثر من قدرته في هذا السن المتقدم صمم فجأة على تسجيل موقف مشرف .. فحرن وسط الطريق العام ، وأحدث أزمة سير سببت له ولصاحبه سيلاً من الشتائم بالألسنة أو الزمامير النزقة .. لكن الحمار وحده هو الذي لم يهتم !
وعلى هذا الطريق ومن حيث تدلف السيارات القادمة من جنوب المدينة فتعبرها باتجاه حمص ، كان أحد باصات "التويوتا" أحمر اللون يغذ بنا السير نحو الإتجاه نفسه ، من غير أن يلفت انتباه أحد من كل هؤلاء الناس أو يعني لهم أي شيء . لكننا نحن ركاب الحافلة الذين ارتدينا جميعاً ملابس عسكرية كاكية اللون تكاد تكون جديدة ، وقبعنا في مقاعدنا يلفنا صمت مطبق ، كنا اللحظة كالخارج من رحم أمه أول مرة ، أو كالقادم إلى الأرض من كوكب لم يكن فيه من البشر من قبل أحد . وحينما أطلق السائق النزق شتيمة سافلة للحمار وصاحبه ، وتخطاهما يكاد يحرق محرك الباص من غير سبب حقيقي أو مبالاة .. كنت وبقية الركاب الآخرين لا نزال نحملق في الحمار صاحب الموقف .. وببقية عباد الله حوله . ونتابع بعيون نهمة قدر ما هي وجلة كل شاردة وواردة تخطر حولنا . ثم لا نلبث أن نخفض رؤوسنا بانكسار .. ونرد الطرف وهو حسير .. وننصت متوجسين خشية أن يكون أمر ما قد صدر ونحن في سرحاننا هذا فأوجب علينا تلكؤنا بالإجابة العقاب !
ويمضي الباص بنا في اتجاه دمشق .. وتمضي بي الهواجس تسري من جديد ، وتنفجر في داخلي العبارة التي لا تزال تعصف في أذني كالبركان منذ أيام ثلاثة مضت ولا تكف عن الترداد تقول :
"سيادة الرئيس أصدر قراراً بالعفو عنكم .. وإن هي إلا أيام حتى تكونوا بين أهاليكم" .
لكنني أراني كالملسوع ومن غير مقدمات يقفز من أعماق أعماقي صوت آخر كحشرجة المحتضر يقول : بعد اثني عشرة سنة .. من يُصَدِّقْ ؟ ومن يثق بمن ؟ ثم ماذا إذا صَدَقُوا ؟ أي مستقبل لنا وأية حياة ؟ وأين سيكون موقعنا بين هؤلاء الذين فارقناهم في أعمارنا فصاروا الآن آباء ورجالاً لهم في الحياة مركز وموقع ؟ أو موقفنا من أولاء الذين خلفناهم وراءنا حتى من غير أن نقول لهم كلمة وداع !
وسرعان ما أنتبه من حواري الصامت هذا على أحد المرافقين يقهقه بصوت مجلجل من غير أن أفهم السبب .. أتأمله من طرف عيني فكأنه بشعره النابت وشاربيه المتدليين وسحنته السمراء نوع من المخلوقات انقرض من عهد بعيد واختفى ، ثم ها هو ذا يعود الساعة إلى الوجود !
كان من أغرب المشاهد حقاً علي وعلى قرابة خمسة وثلاثين أخاً يستقلون الباص معي أن نبصر رجلاً طبيعي الهيئة معافى البدن يقهقه ملأ شدقيه بلا خوف ولا وجل .. بعد أكثر من عشرة أعوام أمضيناها في سجن تدمر الصحراوي ، لا نبصر إلا وجوه المعتقلين صفراء ناحلة ، ورؤوس نزلاء الزنازين محلوقة كالبطيخة الملساء .. وهاماتهم مطأطئة من القهر على الدوام .. تتلقى كل أصناف العذاب ، ولا حق لها أن تنبس ولو ببنت شفة !
كانت تلك هي نهاية الكابوس المرعب أو مراحل نهايته الأخيرة . وكانت المشاعر والهواجس خليطاً من الفرح والوجوم .. والبشرى والتوجس .. والتشوف والتخوف . لكن البدايات كانت مذ كانت غير ذلك .. وفاتحة الرحلة ها هي كما ارتحلتُ بها من قديم الزمان .
والبقية تأتي :