الـتـقـاء غـيـر مـبـاشـر ( قصة حدثت لي ) !

[سَـاكنة القـلب]

توظفت –رسميًا – منذ فترة بسيطة ، وإن كنتُ متواجدة في مدرستي وأعطي دروسي ولكني تحت الاختبار !
في الحقيقة لم أتخرج بعد ، فأنا طالبة منتسبة ، ومع ذلك توظفت !
وهذا يعني الخلل الواضح في المدارس الخاصة !
والحظ الوردي الجميل بالنسبة لي !

أدرس أطفالًا في مرحلة التمهيدي ..
وأتعب معهم تعبًا لا يوصف ولا يطاق ، لدرجة أن دعوة ( جعل والديّ في الجنة ) أصبحت تلازمني كظلي !

والألم الجسدي يهون عند الجرح النفسي الهائل الذي تسببه اعتراضات الأمهات وطلباتهن الغير منطقية !
فواحدة تعترض على حرمان طفلها في حال خطئه ، وأخرى تريد إعطاءه أكثر من المقرر ،
وثالثة تتشكى من ضرب الأطفال لولدها وفي الحقيقة هو من يضربهم ،
ورابعة – بقمة الوقاحة وقلة الأدب – تطلب مني أن أذهب به لدورة المياه بنفسي !!
شعرت بأني أم ومديرة ومعلمة وحاضنة ومربية وخادمة !
كلها في نفس الوقت !

الأهم ،
أن عندي طالب متميز ومشهور في المدرسة كلها بأدبه وأخلاقه وذكائه ونبوغه – تبارك الله - !
( عبدالملك ) أو بالأصح تلميذي المفضل !
الذي ما إن تحبطني مستويات الطلاب ومشاغبتهم ، حتى أتطلع إليه لأتذكر بأن الدنيا ( حلوة ) !

أثناء تقيمي للأولاد في سجلات المتابعة ، كتبت شكرًا وتقديرًا لوالدة عبدالملك ،
وبالغت في الثناء الصادق الذي تستحقه !
وفي الغد ، وأنا أكتب التقييم اليومي ، لفت نظري تعليق لها في خانة الملاحظات ..
ويا الله !
كالبلسم الشافي لقلبي العليل !
خط رائع وعريض وأسلوب غاية في البلاغة والجمال !
جعلت الفضل كله لي !
وأن عبدالملك ما بلغ هذا المستوى إلا بسبب موهبتي وتربويتي العالية !
قرأت التعليق أكثر من مرة وقلبي يخفق فرحًا ،و نفسي تزداد عطاء ، واهتمامي بعبدالملك ينمو أكثر !
من حيث أشعر ولا أشعر !

ولا عجب !
فللكلمة الطيبة تأثيرها العميق !
وإن من البيان لسحرًا !
رددتُ عليها وشكرتها لتواضعها الجم وخلقها العالي ، وكنت أحاول أن أجاري أسلوبها
البليغ الذي أنبأني عن إنسانة غير عادية ألبته !

في اليوم التالي ونحن نردد شكرًا شكرًا للأمطار !
تقدم نحوي عبدالملك وسلمني سجل المتابعة خاصته !
استغربت بشدة كوننا لازلنا في الطابور الصباحي ، وعندما فتحته وجدت بطاقة ملونة جميلة جدًا
كبيرة نوعًا ما وفيها من عبارات الثناء -الغاية في الرقة- ما ألجمني عن الرد !
ولازلنا على هذا الموال المنعش !
اكتب تقييمًا ، لأجد التعليق الوافي الدال على المتابعة !
أضع استيكر صغير ، لأجد عبارات الشكر والتقدير !
أرسل عمل عبدالملك الفني ، لأجد الثناء على حرصي في تنمية مواهبه !

وامتد الثناء إلى عطاياها !
ففي وحدة بلادي ، التي يلتزم الطلاب فيها بالزي الشعبي ويتحفوننا بأطباق شعبية ،
أرسلت لي سلة خوص جميلة فيها أشكال وألوان من الحلويات القديمة ..
وفي وحدة الماء التي ذهبنا فيها إلى رحلة لعالم البحار قمت فيها بتعليمهم
شيئًا يسيرًا من هذا العالم العجيب الجميل ..
فاجأتني من الغد بعلبة شوكولاته صغيرة وأنيقة مع شكر وتقدير لجهودي !!

وكنت لا أقصر في رد الجميل أبدًا !
وازداد لقائنا الغير مباشر ، وتعمق !
بل أصبحت أتلهف لابتكار عمل فني غريب ، لأرى تعليق أم عبدالملك !
لتغيير نوعية التحفيز ، لأرى شكرها !
وحتى سجلات المتابعة !
كانت قاتمة مملة ، غيرتها إلى ألوان طفولية جميلة ،
كي تروق لأم عبدالملك !

بل حتى الدوام !!
أصبحتُ أتلهف أكثر له ومن لحظة دخولي وعيناي تتلفت بحثًا عن عبدالملك ،
لأني أعلم أن بانتظاري شيء جميل !

ومنذ أيام ، وجدتُ بطاقة أنيقة في السجل وكالعادة ثناء وتقدير ، ولكن عجب العجاب
هو التوقيع الذي صدمني لعدة أيام !!!!

( أبو عبدالملك ) !

طبعًا كل طفل لدينا ، نعلم بوضعه الاجتماعي ، وكنت أعرف أن والديّ عبدالملك منفصلين
ولكني لم أتصور ولا 1% أن يكون الطفل عند أبيه !!!

عمومًا ، أنا لم آتِ هنا لنقاش موقف هذا الوالد ، لأن نيته ( المشبوهة ) واضحة وضوح القمرين !
ولكنه سؤال حيرني وبشدة !

أنا أدرس 15 طالبًا يوميًا ، وثلاثة طلاب ينضمون إليهم ثلاثة أيام في الأسبوع ،
ولم تشكرني أي أم من هؤلاء الثمانية عشر !
ولا حتى بكلمة عابرة !

أجيبوني بصراحة و واقعية ..
لماذا إيجابيات المرأة لا يراها إلا الرجل ، وإيجابيات الرجل لا تراها إلا المرأة ؟؟!
ويأتي على إثرها الإعجاب ، الثناء ، المساعدة ، وغيرها من المشاعر التي سأصفها بدقة وأقول
( الصادقة المعطاءة ) .


تهمني جدًا آراؤكم ..