بسم الله الرحمن الرحيم
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
لـ أنكم إخوتي .. سأروي لكم ماحدث
في القلب غصة ، وفي محجر العـين آلاف الدمعات تنتظر من الرموش أشارة لتنطلق بقوة الحزن الذي يملأ صدري
ما يهوّن الأمر أننا مسلمون .. راضون بقضاء الله وقـدره .. وندركـ أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا .. وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا
ولا حول ولا وقـوة لنا إلا بـ الله ..!
قـبل كم يوم كُنت في السيارة رايح أخلص شغـلة للأهل
رحت للمحلات اللي فـيها الأغراض اللي أبيها
وأنا بـ الطريق راجع .. مريت محل سباكة وكهرباء .. الخزان عندنا خربان
أخذت العامل وركب معي بـ السيارة
قال : بيت بعيد ؟؟
قلت : لالا قـريب خمسه دقيقه أن شاء الله
ما كنت أتوقع أنها أطول خمس دقايق في حياتي ...!!
مشيت بـ السياره وكنت أقـول : بعـد ما يصلح العامل الخزان .. بطلع أجيب عشاء وأحاول أنام بدري اليوم عشان الدوام
فجأة رن جوالي نغـمة مسج (( رساله )) طلعـت الجوال من جيبي .. لكنه طاح من يدي وصار عند رجولي
أنا شفت الطريق ما كان فـيه أحد .. نزلت يدي أسحب الجوال
ثواااني فقط .. سمعـت العامل يصرخ بقوة صدييييييق شووووف
رفعـت راسي أشوف الطريق .. وما دريت ألا وأنا أسمع قـوة الإرتطام (( الصدمه )) اللي حركت كل نقطة دم فـيني !!
صغـير يقطع الشارع ... وصدمته
أرتجفت يديني .. تجمدت كل أطرافي .. ماعرفـت أفـتح باب السياره .. توقف تفكيري
يارب ما مات .. يااااااارب
نزلت وما أدري كيف نزلت .. تقدمت بخطوات بطيئه .. وشفته مغـطى بـ الدماء
رجعـت بسرعه للسياره .. حطيت راسي وبكييييييت .. وش أسوي وكيف أتصرف
التفت يميني أشوف العامل ونظرات عيونه تغـني عن ألف كلمة
نزلت مرة ثانيه .. تقدمت بخطوات أثقل بكثير من سابقتها
وفي كل خطوة .. اتمنى لو أن الأرض تنشق وتبلعـني ...!!
يارب ما مات .. يااارب
شفته .. وحسيت بشيء من بصيص الأمل .. لـ أنه كان يتحرك ويرتجف .. قربت أكثر وسمعـته يئن أنين يوحي لمسمعي بـ أنه أنين الفراق من هذه الحياة ...!!
ثم رحل فكري الى عالم آخر من السواد .. فكرت في ثواني كما لم أفكر في سنين !!
فكرت في السجن .. القضاء .. الحُـكم .. وربما القصاص
ثم أنقطع تفكيري بعـد أن أثقل عقلي .. وإذا بي أتناول هاتفي النقال .. وأتصل بـ أخي
ولكنه لم يجب !!
صدمة مابعـدها صدمة .. ومصيبة لم أحسب لها أي حساب ...!!
تفاجأت بـ يد تلامس كتفي .. التفت لـ أراه
فإذا به أحد المقيمين الذي أدهشه الموقـف .. وأرعبه ذلكـ الصغـير الممدد على الشارع ...!!
فقال لي بصوت دخل الى نخاع عظمي : مااات ؟؟
فلم أتحرك .. ثم سألني بسرعه ... أتصلت بالاسعاف ..؟؟؟
فلم أتمكن إلا من الإيماء بـ إشارة تدل على " لا " !
لم ينشغـل بالي بمستقبلي .. ولا حتى بما ينتظرني من سواد عاتم .. بـ الرغم من الأفكار التي سيطرت على تفكيري .. هل سيعـفو أهله عني ..؟ هل سيطالبون برقبتي ..؟؟
أكثر ما كان يسيطر علي .. هم أهلي .. وكيف سيكون وقع الخبر
نظرت عن يميني وشمالي فلم أجد العامل .. فقد ذهب وتركـ أغراضه في سيارتي
لم يكن يفصلنا عن وصول البيت سوى دقائق .. ليصلح الخزان ثم أخرج للعـشاء وبعدها النوم .. كما كنت أخطط !!
لم يقطع كل تلك الأفكار التي داهمت عقلي .. سوى شجاعة خرجت من صدري لتقودني الى ذلكـ الصغير الذي كتب الله نهايته بيدي
لقد مـــات
اللحظات عصيبه والخطوات ثقيلة جداً .. رأيته وأنينه قد أختفى .. وحركته قد سكنت ... وأيقنت بـ أن روحه قد خرجت
مسكين ذلكـ القط الصغير .. فقد كان يريد أن يقطع الشارع .. فكانت سيارتي أقرب له من الرصيف .. فـرحل من الدنيا إلى غير رجعــة
مــات القط .. بعد أن دهست سيارتي عظامه .. وتناثرت دماؤه على الشارع
لا يلام العامل على رحيله من هول الموقـف .. فـقد كان قطاُ بريئاً في مظهره ومشهد دماؤه وأنينه يصيب القلب في مقتل
التفتّ يميني فإذا برجل النظافة يكنس الشارع .. ويبتسم لي بـ إبتسامه فهمت منها أنه أعتاد على مثل هذه المواقف
ويسحب القط وعظامه بمكنسته الى سلة المهملات التي يجرها بيديه
فنظرت إليه نظرة أخيره .. وداعاً أيها القط !!
ملاحظات :
* عندما عثرت على جوالي لـ أقرأ الرسالة التي وصلتني ، كان نص الرسالة : (( عزيزي العميل : لا تصير بخيل .. سدد وألا حوّل لموبايلي ))
* الموضوع كله فضاوه x فضاوه ... ما دعست أحد ولا جبت عامل ولا دمامين وعظامه !
منورين حبايبي