قبل أن أنتقل للفصل الثالث أريد أن نتذكر كلام صديقتنا مرهً اخرى,
قالت وبحرقةٍ شديدة والدموع تحاول الخروج من محجر عينيها المزرقتان!!
أنا وبصراحة أردت أن أذهب ليس لشيء!! بل أردت أن تعمل الصدفة, وتتجلى وأن أحرز تقدماً على صعيد الإنطلاق مع الناس في هذا المكان الصغير...
أردت أن أتعرف وأن أتخلص من شبح الخوف ونظرات الناس إلي هنا بانني مُختلفة وغريبة !!
فلقد قضيت غالبية التسعة عشر عاماً الماضية في تركيا ... وسط مجتمع يعج بمن يشابهونني ... ولكن الآن أرى نفسي وحيدة!!
لا أعلم لماذا أحس أحياناً أنني غبية, متخلفة, مسكينة, وضعت حاجزاً بينها وبين الناس بما ترتدي!!
...........................................
(3)
أكملت الآنسة كلامها, وحرقتها تتواصل... وتقول: نعم صدقني, لقد حاولت أن أتمرد وأسقط كُل شيء تخيلت أنه يقف عائقاً في طريق سعادتي,!!
أتعلم, كنت أدرس في الجامعة, وبعد أن ينتهي الدرس أبقى وحيدة لاأريد أن أكلم أحد خوفاً من أن ألفت النظر إلي!!!
وبما أن الجامعة تخلو من الفتيات المسلمات , فبِت وحيدة !!
فلست شاباً أستطيع الإنطلاق وليس هناك علامةُ تُميزني!! أو بالأحرى تُحرجني!!؟؟
قاطعتها وأنا أضحك بإستغراب: تحرجكِ!! يا كرستين,
قالت, مهلاً, دعني أكمل لو سمحت,
- مللت من خوف الأطفال مني ....!! حيث أنني قد ذهبت للتسوق في إحدى المرات وعندما دخلت المحل, رأيت طفلاً صغيراً جميلاً يسير نحوي وعندما هممت بمسكه وتقبيله..... أتت امه مندفعه وسحبته مني, ولم تتركني أكمل المداعبة!!
هل أنا مرعبةُ حقاً هكذا!!
(أرأيتم حجم تخيلها الفارغ!!!)
تُكمل كريستين حديثها بإنكسار وتقول: بعد مضي شهرين من العزلة والوحدة, وإصطناع الضحك عند محادثة أمي بكاميرا الماسنجر,
أردت أن أعمل تغييراً نوعياً في حياتي ,
فقمت صباح ذات يوم, وارتديت ملابسِ الطبيعية, وارتديت حجابي وردي اللون, وذهبت أمام المرآة, وجلست أرسم إبتسامة جديدة لعلها تُغير شيئاً!!
رسمتُ الإبتسامة ونجحت في الإحتفاظ بها حتى باب الكلية, فدخلت ورأيت شابين من الجنسية الإنجليزية ,,,, ولا زالت إبتسامتي مُرتسمة على شفتي, تجاهلتهما وإتجهت نحو كرسي خالي بجانب إحدى الفتيات... وجلست بجانبها.. طمعاً في كلمة تكون جسر محبة وتواصل بيننا!!
قلت لها وبقوتي الكامنة التي حولتها لقول.. مرحباً: وإبتسامتي, تعلو محياي, فقالت ببرودة دمها المتوارثة: أهلاً,
وحل الصمت المشؤوم!!.... فأقبل الشابان نحوها .... فقال أحدهما: مرحباً جيني,
فقالت: أهلاً سيمون.
قال, أهذه اللطيفة صديقتك؟؟
قالت: لا, ولكنها حقاً لطيفة...
فقال لها: أتعلمين يا جيني... إنها أجمل منك بكثيير!!!!
هنا قامت جيني وضربته ضربهً خفيفه تعبيراً عن الغضب
, ولكنها بعد ذلك لم تحدثني!!!
...........................
بدات المحاضرة, وعاد الجميع لأماكنهم وكان يوجد في القاعة من ضمن الطلاب 6 طلاب عرب مسلمون.
قال المحاضر قبل البدء, أريد أن أتوزعوا أنفسكم إلى (أزواج) أي بمعنى كل طالب يجلس مع زميله .... ليكون حل المسائل مزدوجاً,,
إلتفت يميني فرأيت جيني وقد تجاهلتني بالطبع!!
وكذلك عن يساري !!![29 1 6[1]](images/smilies/29_1_6[1].gif)
خجلت غاية الخجل, ولكني رأيت شاباً عربياً قد أقبل نحوي وكأنه يتحين الفرصة لكي يكلمني,
أتي إلي وقال: أرى أنك لم تجلسِ مع أحد, فهل من الممكن أن أجلس..
بالتأكيد وافقت له ... وجلسنا سوياً... لم يعجبني ذلك الشاب, أثناء الحوار... فقد كان يلقي بالنكات ويتكلم بكلام سخيف وقصده في كل ذلك إضحاكِ!!!
ولكني كنت أضحك مجاملةً له!!
إنتهت المحاضرة.... فبدأ الكلام في محور آخر .... فقال لي: من أين أنتي؟
قلت: من سويسرا.
فبدأ يتكلم حول سويسرا ويمدحها وأنا أستمع,
فجاء أصدقاؤوه العرب وقالوا له هيا... فقال لا إذهبوا!!
وجلس معي,
لا أخفيك أنني فرحت عندما جلس وفرحت حينما ضحى أحدهم لأجلي !!
فقال: أتريدين أن نذهب لنتناول شيئاً قبل العودة لمقاعد القاعة.
قلت: هيا,
ذهبنا لأحد المقاهي الملاصقة وبدأ يتكلم عن نفسه وعن ذكائه العظيم!!
رغم أنني أراه من أضعف الطلاب في القاعة!!
وبينما كنت أستمتع بالجلوس مع إنسان!!
فاجئني كلام قاله لم أتوقعه ولكنه قاله بصيغة المزاح والضحك .... ولكنه كان جدياً من الباطن له وكان صادماً بالنسبة لي خصوصاً أنه كان نقطة ضعفي,!!
قال ... على فكرة الحجاب لا يصلح للفتيات الشقراوات!!؟؟؟
......................
تقول كريسيتن: نظرت إليه بنظرات حقد.....
فقال: أنا آسف كانت مزحة.
قلت له: لا تمزح هكذا.
صمت قليلاً فقال: أنا لن أحضر المحاضرة القادمة... سوف أذهب ولكن اليوم جمعة... ألم تفكري أين تقضي الليلة؟
قلت : لا
قال: هناك إحتفال جميل مرح يقام كل إربعاء في ملتقى الطلاب الأجانب لماذا لاتحضرين فأنا من المؤسسين!!!
ترددت حينها, ولكني قبلت..
فأعطاني رقم هاتفه... وأخذته منه,
...................
إنتهى اليوم الدراسي,
ذهبت للمنزل وبالي مشغول حول نتيجة يوم الإبتسامة,
دخلت المنزل وانتظرت موعد العشاء وبعدما انتهيت ذهبت لأذاكر قليلاً وبالي مشغول... حول الحفلة...
عند الساعة 10 إتصلت به... فأجاب.. فقال لي : سوف تأتين؟
قلت: لا أدري!!
قال: تعالي , يجب أن تأتين ولكن بدون حجابكِ, لإن شكلكِ سوف يكون مضحكاً في الإحتفال .... 
أغلقت الهاتف, ولم أرد على إتصالاته وبِت أنظر في المرآة ... فتارة أضع الحجاب وتارهً أخلعه وأقول في نفسي ..... لماذا لا أفعل مثلهم؟؟
وأنطلق!!
........................
وكما هي العادة ذهبت إلى صديقي العزيز الإنترنت وحادثت امي , كما هي عادتي وبعدها كلمتني اختي الصغيرة " أليف" .....
والتي كانت ترتدي الحجاب وهي في سن 12!!
ولا أعلم سر إقدامي على النوم بدون التفكير في الحفلة...!!
ومن الغد .... عدت كما كنت .... ولم يحدثني الشاب لإنني لم أنظر إليه, ولم تحدثني جيني!!
وخِفت من الآخريات,,!!
............................
هنا توقفت كريستين عن الخوض في مذكرات الماضي وقالت:
( قصتي تجلب الملل أليس كذلك..؟)
نظرت إليها ووجهي متجهم , وقلت على العكس تماماً يا كرسيتن, لقد آلمتني حقاًّ!!
................
هنا سرحت مع نفسي,
(تخيلت حينها لو أنها أختي أو أي أحد من قريباتي!!) فما موقفي أنا!!
لقد كانت أمامي كالجبل الشامخ رغم رياح التغيير العاتية!!
إلا أنه كانت صامدة, رغم حجم الألم الداخلي... إلا أنها لازالت تحمل سر الإبتسامة الدافئة ونقاء القلب الواضح...
..................
قلت في نفسي.... يجب أن أفكر في طريقةٍ تعيد لها ثقتها وتُكسبها طاقةً ودافعاً حتى لو كان لحظياً,
.............................
صرح كابتن الرحلة بالإستعداد للتوقف القادم (الثاني),
يتبع,,,
(عذراً أيها الأصدقاء على الإطالة ولكني تعبت كثيراً في ترجمة كلامها وتذكره,))![29 1 16[1]](images/smilies/29_1_16[1].gif)