[align=right]
كنت في معرض الكتاب ليلة البارحة...
لحظتها لم أرَ بشراً.. و إنما أبصرت رؤى تتجوّل في المكان..
فلم تُعجبني أنفاسهم, ملابسهم, تسريحة شعورهم...
فهذه أجدُها في مكان آخر.. و إنما أُعجبت بأدبيتهم و فكر بعضهم..
رأيت فيه عشرات الناس في مختلف توجهاتهم و عقائدهم..
و رأيت من بقلمه يصلح المجتمع و من بقلمه تفسد الأمم..!
رأيت الكثير من المشاهد و وقفت على الكثير من المواقف..
كانت ليلة رائعة, تجمّلت بالفكر و توّجت بالأدب..
فلو كنت على يقين بأنها كذلك في الغد.. لكنت هُناك الآن
و لذكرت لكم المواقف و الصور من هُناك...
أحياناً و في الغالب أيضاً.. نرسم صورة لكاتب الرواية.. نُبدع في رسمها
و نحن نقرأ روايته, أو نحن نتجوّل في مشاعره أو نقف بين جدواله و بساتينه..
نرسمه من حروفه, و نُجسّده في الرواية بأن عنتر في القصّة أو يوسفي في ليلة الدُخلة...
هكذا كُنّا مع صاحب الرواية.. ولكن الواقع يختلف باختلاف السماء عن الأرض..
فبعد أن عم في المكان صوت فتاة يافعة.. تنادي بكل ما أوتيت من أنوثه..!
أن هُناك الرواي فلان صاحب رواية... خُيّل للسامع, بأن هذا الراوي وائل كفوري..!
فبدأ يُسابق خُطاه, و بدأ خياله يسبق نظراته... و عند الامتحان يكرم المرء أو يُهان..!
رأيت صاحب البساتين, و عاشق مشاعر الجداول, رأيت من تمنيت أن أراه و تمنيت بأني لم أراه..!
رأيته بصورة تختلف عن تلك التي كانت في الرواية.. شفاه أسودّت من الدُخّان
و قدميّه تشققت أطرافها من جداول البستان..! لستُ بساخر منه.. لا و الله..!
هكذا قرأته و هكذا رأيت صورته الحقيقيّة.. و يا ليتني لم أراه..!
لا أبحث عن جمال المرء و من يكون, فلا يهمني منه سواء أدبيته و فكره..
بل يجب أن يكون على رؤية حقيقةً في شخصة.. حتى لا يُصدم غيري فيه..
فلم نقرأ من الأدباء الكبار و المفكرين العظام.. من جعل من نفسه جميل قومه..!
رؤية واقعيّة.!
[/align]