مذكرات بنقالي مقيم في السعودية
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى
آله وصحبه أجمعين ..

مذكرات بنقالي مقيم في السعودية
الصفحة ( 1 )
ولدت في أفقر أحياء دكا وتربيت أسوأ تربية كبقية أترابي ، تعلمت منذ الصغر أن آخذ كل ما أستطيع أخذه ، وأن أفعل كل ما أستطيع فعله ، مادامت مصلحتي تقتضي ذلك ، دون النظر لأي اعتبار آخر وللمعلومية كان من المفترض أن يُستبدل مصطلح الميكافيلية بالبنقالية !! المهم أنني أكملت المرحلة الابتدائية ، ثم تركت الدراسة نظراً لعدم قناعتي بفائدتها فراتب الوزير لدينا في سنة أستطيع الحصول عليه في شهر لو ذهبت إلى الخليج !! ولذا كنت أنظر إلى خالي مجيب شفيع الرحمن نظرة إعجاب ممزوجة بغيرة وحسد وذلك لأنه يمتلك الكثير من الأموال والعقار والتي كوّنها بعد أن عمل في بلد يسمى السعودية لمدة عشرين عاماً ، و كنت حينها لا أعرف عن السعودية شيء إلا أنها تضم مقدسات المسلمين الذين أنتمي لهم بالاسم فقط لأني لم أصلي سوى مرة واحده وذلك عندما صلينا على عمي حبيب الرحمن حنيفة ( وكنت حينها بلا وضوء) ، ولا أعرف عن شعبها شيء سوى أنه شعب طيّب ، و عندهم ( فلوس كتير ) ، فعزمت على الرحيل إلى هذه البلدة الحلم وعملت كل ما أستطيع عمله من كذب وتزوير وغش و رشوة حتى تهيأت لي فرصة العمل ، بصفتي مهندس سيارات وأنا لا أفرّق بين ( القير والكرتير ) ولكن المهم أن شهادة الهندسة في حقيبتي !!
وتحقق الحلم
عندما اقترب موعد الرحلة المغادرة من مطار دكا إلى مطار الرياض امتزجت لدي مشاعر الفرح والشوق والخوف والرجاء فلم أعد أعرف شعوري حينها ، الذي أعرفه أنني عندما استقليت الطائرة أحسست بنشوة عارمة وكأنني سأطير إلى الجنة ، وصلت مطار الرياض ووجدت كفيلي بانتظاري ، وذهب بي إلى ورشته في حي المصيف ، وبعد يومين من قدومي عرف أنني لا أفقه في السيارات شيء ، فغضب وقال سأذهب بك الآن إلى الترحيل !! فأحسست بخيبة أمل كبيرة وخوف شديد فتذكرت حينها أنهم شعب طيّب فتظاهرت بالبكاء وانكفأت على قدمه أقبلها ورشقته بكل عبارات الاستجداء : ( أنا مسكين ، بابا ماما موت ، بيبي كثير ، أنا مسلم ) ولم أتوقف حتى أوحت لي قسمات وجهه بأنني بت في مأمن عن الخطر عندها نظر اليّ وقال ( لاحوووول يامن شرى له من حلاله علّه .. وش هالنشبة اللي بلشنا بها ) !!
يتبع ....