آنستُ من محبوبتي جفاء، فأرقني همٌ ، وألم، وتملكتني حيرةٌ
مذهلة، أفسدتني عن من حولي . . فلم أشعر عن نفسي إلا وأنا
منعزلٌ عن العالم . . وحيد في غرفتي، سال قلمي بما لا أدري !!،
فقلت أرسلها لها لعلَّ قلبها يرق، فتحنو علي، أرسلتُ لها:
جسلتُ في غرفتي وحيداً
أساهر الهم والحزن
لم أجد ما يشغلني
وجتُني وحيداً في دنياً لا تشاطرني أحزاني
أقلب صفحات عقلي يمنةً ويسرة
لا يخرج لي سوى طيفها
نظرتُ إلى الماضي البعيد لأنقذ نفسي من التفكير . .
فإذا الماضي مظلمٌ دونها . .
استطلعت المستقبل القريب . .
فإذا هو قفرٌ دونها . .
بعادتي أستعيد ذكريات الماضي جليةً واضحة . .
بعادتي أعيش بين خلاني بجسد دون روح . .
فروحي تعيش على الذكريات دوماً . .
وعلى إجترار أحداث الماضي . .
بعادتي صامتٌ لا أبوح لأحدٍ بما يعتلج في خاطري . .
بعادتي أحب الخلوة عن كل أحد . .
إلا من أمي . .
بعادتي أحبس الشكوى عن كل أحد حتى عن أمي . .
لكن الأمر هذه المرة كان أقوى من أن أحتمله
وحدي . . فبحتُ به لكل من حولي . .
بحتُ بأشجاني . .
أخرجتُ مكنون خواطري . .
نثرتُ لمن حولي ما
بداخلي ..
قال لي صاحبي: لماذا يا . . . .
أتغير في حياتك شيء؟
أم أن سلوكك فجأةً تبدل؟
أم أن الخوف من الفراق أقضَّ عليك مضجعك؟
أم أن الأمل بأن يتحرك من حولك لمساعدتك غيرك؟
أم أن حبها والأمل بقرب لقائها صدعك؟
أجبتُ صاحبي:
هون اللوم يا صاحبي فالقلب لهول العتاب أنصدع!؟
والفؤاد من الأسى والحزن أنكسر. .
والعين بالدمع انهمرت . .
صاحبي كفى ما بي من ألم . .
أتريد أن تزيد من الوجع!؟
أجابني صاحبي:
ما عَهِتُكَ إلا متجلداً معانداً . .
فلم بهذا الألم تعثرت؟
أجبته:
صاحبي هون علي . .
ففؤادي من لومك انصدع . .
والعين للدمع بكت . .
صاحبي:
كنت لي خلاً وفيّا . .
فلم أنت اليوم تقسو عليا . .
أتيتك طالباً منك العزاء
فإذ بي أجد عندك البلاء . .
أجابني صارخاً:
أُخيَّ أسكت . .
فما أنت من أهل الهراء . .
مالك تشكو من الحياة . .
أمالك أهلٌ أليس لك خلان!؟. .
مالك وافرٌ ولك من النعيم ما تشاء..
أجبته: صاحبي أردتك دوائي فكنت أنت البلاء! . .
أما ترى ما فيَّ من الشقاء . .
أما ترى أن عينيَّ حتى الفجر لا تعرف السهاد . .
أما ترى أن أفكاري تأخذني وأنا في
المجلس وإياك سواء . .
أما ترى أن فكري شاردٌ منذ أن أتاني هذا البلاء . .
صاحبي أما للصداقة بيننا منعى اسمه وفاء! . .
أم أنك من هذا الخلق النبيل في عداء!. .
أرجوك صاحبي فالدمع في العين عنوان الشقاء . .
أرجوك يا رفيقي دعنا من اللوم ومن هذا الحداء . .
فالنفس مرهفة الإحساس سريعة البكاء!. .
أجابني: أمعقول يا صاحبي كل هذا الشكاء!؟
أما للقلب أنسٌ إلا من خلال هذا اللقاء . .
أوما تسلو عن الحبيبة لو بضع أيام . .
أو ما تتفكر في الوجود فترى هذا الضياء. .
أجبته: أي ضياء يا صاحبي
فالقلب لم يعد فيه عزاء . .
أنا لمحبوبتي
ومحبوبتي لي
ويكفينا من الدنيا لقاء!؟؟ . .
أما علمت أن محبوبتي
في هذه الدنيا عليَّ عين البلاء . .
صوتها رخيم . .
ملمسها حرير . .
أما وجهها فقد اقتدّ من ضوء الضياء . .
أوما علمت أنها في هذه الدنيا رمز الكبرياء . .
أوما علمت ياصاحبي أنها عنوان النقاء . .
أوما علمت يا صاحبي أنها تضيء للكون
كل الأرجاء . .
فلماذا تلمني يا صاحبي في ما أنا فيه من الشقاء
وقد لاقيت منها الجفاء
أفلا يحق لمثلي الحزن بل البكاء
فلا تلمني في هواها
فهي في القلب على العرش دون عداء
فويلٌ ثم ويلٌ لمن أبعدنا عن قرب اللقاء
أوما دريت يا صاحبي
أن عشيقتي هي في الدنيا كل مناي !
صحيحٌ هي موجودةٌ
لكنها عذبتني بطول الجفاء
فموعدنا موعد حقٍ ليس في ذلك مراء
لكنها أسهرتني بكثرة الإختفاء
مما زاد عليَّ من البلاء.
التوقيع:
محبٌ عذبه طول الفراق.
صُفعتُ على خدي، لكمتُ على مقدمة أسناني . . حين زمجرت
عشيقتي في وجهي . . بهذا الرد المسموم، الذي قالت لي فيه:
ما أنت إلا سقط متاع !!، استأنستُ بغبائك زمن . . فظننتَ نفسك
قد ملكتني . . أنا أخذتك تزجية وقت . . وملئ فراغ . . ومسخرة
أسخر منك بعدما تغلق أو بالأصح بعدما أغلق السماعة كل ليلة
وقد أعطيتك من وقتي الساعة والساعتين . . أسمع فيها ما يطرب
قلبي كفتاه ، وأضحكُ عليك كأحمق حين تظن أني عشقتك !،
أسمع كلماتك العذبة، الهيامية، العشقية، الهوسية حد الجنون . .
وأنا أجاريك لأسخر من كيانك كرجل، الرجال عندي كحميرٍ أتسلى
بهم! . . فما أن أنتهي من واحدٍ وسيمٍ جميلٍ أبلهٍ مثلك!! . . إلا
وألفظه في صحراءٍ يلوك فيها جراحه . . وغبائه اللا متنهاي . .
الرجل عندي مجرد ألعوبة أتسلى بها . . وأسمح له أن يلمسني
كيفما أشاء، لأتسلى أنا لا هو !؟ . . لكنك لرعونتك ظننتَ نفسك
من علية ألقوم أميرٌ أو وزير لأعطيه نفسي . . يا من كنتُ أسميك
حبيبي . . أنت اليوم مجرد رجل أرعن مرَّ بحياتي عذبة قلبه ثم
رحلت . . وتركته خلف ظهري منكسراً ذليلاً . . لا تلمني حين
أدعك خلف ظهري تلوك جراحك وأنا موليةٌ عنك وأسير ضاحكة
بنصري على الرجال !! فأنت الرجل المئة الذي لفظته من حياتي . .
لكم تؤلمني حبيبي حينما أتذكر سفاهتك عندما طربت لقولي لك
حبيبي !! . .
هه هه هه هه هه
أنتم الرجال مجموعة من الحمقى . . نتلاعب بكم كما يحلو لنا . .
فعلاً ضحكي عليك هو أجمل ما فيَّ ؟؟
تعلم لمَ؟
لأنه يخبرك بقدرك عندي أيها السيد المغفل !!.
فكتبتُ أسفلَ ردها :
ما أقسى أن يُصفعَ العاشقُ من قبلِ عشيقته !!؟.
ثم طويت ردها وجملتي التي لم يخط قلمي حرفاً بعدها، ووضعتها
في جيبي !، وانتهت الحكاية.
العرض العادي
