[align=center]
الرجل الفيلسوف هو الرجل الحكيم حين كانت الفلسفة تعني الحكمة أو محبها , وقد عُرف في العصر الحديث من أنه الرجل المتأمل في عالمه , المجادل فيما يعرض له , وقد زخر الأدب العربي بعلماء فلاسفة كابن رشد وابن طفيل والفارابي وابن سيناء وغيرهم .
عيب الفلاسفة أنهم يأملون عالمًا مثاليًّا في هذا الكون , فراحوا يؤطرون للمدينة الفاضلة , فبحثوا في إنشائها , وفيمن يحكمها , وجاءوا بشروط كثيرة لابد من توافرها في حاكمها , فكان أن باءت محاولاتهم بالفشل ؛ ذلك لأن التطور الاجتماعي يأبى هذه المدينة , حيث إن العالم قائم على الخير والشر , والنور والظلمة , كما صراع بني آدم مع إبليس , وصراعهم مع بعضهم !
لو نجح الفلاسفة في تلك المدينة لبات كل واحد فيها يحب لأخيه ما يحب لنفسه , بمعنى أن التاجر سوف يتخلى أن أرباحه فلا يزيد على المستهلك , وأن الناس يعملون لغيرهم بلا مقابل , فلا يكون هناك تنازع وتدافع بين الناس , فلا ينمو المجتمع , ولا يتطور .
حين يكتب كاتب مقالة , فيأتي غيره فيرد , فهنا يكمن التنازع والتدافع , ولهذا كان للإنسان حياة دائبة لا تفتر ولا تقف , ويقاس على ذلك في الأديان المختلفة , فكل دين يختلف عن غيره قليلاً أو كثيرًا , فينشأ الجدال , ويقوى العلم , ويخرج المنافحون والعلماء في كلٍّ .
لو كل كاتب كتب ووجد ترحيبًا صارخًا من الجميع بلا مخالف له لمات العلم , بل لما وجدنا من يكتب عن العلم , حيث سينتهي وسيقف عند سقف معين , فليس الناس بحاجة إليه حين كانوا جميعًا متفقين على الأصول وكذا الفروع .
التدافع الاجتماعي جميل وهو سر التطور , والفلاسفة مولعون بهذا التطور ولكنهم جنحوا إلى الخيال فنسوا أصل الحياة التي هم قائمون عليها , فهم يريدون الحياة كما يجب أن تكون عليه , بينما الإنسان يعيش فيها كما هي في الواقع بحلوها ومرها , ومطالب بأن يكسب عيشه بالرغم من تلك العقبات التي تواجهه .
تحياتنا .[/align]