يعتبر المجتمع العربي من أشد وأكثر المجتمعات عاطفة. ذلك أنه دائما ما يتصرف وفق إملاءات عواطفة التي غالبا ما تقوده إلى متاهات مظلمة. المشكلة أن المجتمع العربي يحكم عاطفته حتى في الأمور المصيرية التي لاتقبل المجاملة أو حتى المساومة عليها. فأنت حينما تواجه موقفا يتطلب اتخاذ قرار حاسم ومصيري , فمن البديهي أنك ستحكم عقلك لتصل إلى قرار سليم وصائب. إلا العرب فستجد حتما العاطفة مدخلا لها لتؤثر في الأمر برمته. تصنيف الجامعات العالميه الأول والذي صدر قبل مدة ووضع الجامعات السعودية في مراتب متأخرة جدا..... ماذا حدث حينها؟؟؟؟ قامت الدنيا ولم تقعد وأتت العاطفة العربية وتحكمت في تحليل الموضوع عن طريق التقليل من شأن التصنيف ودرجة دقته. لكن في المقابل حينما صدر التصنيف الثاني للجامعات وأظهر تقدما لبعض جامعاتنا ظهرت التباشير والتهاني والتأكيد على دقة التصنيف وأنه بني على أسس علمية وعملية....الخ. فماذا حدث ؟؟؟؟؟؟
لماذا انتقدنا وقللنا من شأن التصنيف الأول بينما وعلى النقيض استبشرنا وأشدنا بالتصنيف الثاني!!!!
هنا تظهر مشكلتنا نحن العرب وهي العاطفة الجياشة التي ستجرنا إلى مزيد من التدهور والصعود نحو الهاوية. ماذا يحدث لو أننا مؤسساتنا التعليمية اعتبرت التصنيف الأول جرس إنذار لجامعاتنا يلزم معه شد المئزر والعمل على تطوير النظام التعليمي للجامعات بدل أن تتفرغ للتقليل من شأنه وعدم دقة المعايير المتبعة في التصنيف؟؟!!!
والطامة الكبر هي أننا سرعان ما أغدقنا المديح على التصنيف الثاني فقط لأننا أحسسنا بأن التصنيف يرضي غرورنا وكبرياءنا بغض النظر عن استحقاقيتنا له من عدمه. إذا كنا لانستطيع تطوير أنظمتنا التعليمية بالعمل الجاد والتخطيط المدروس واقتباس التجارب الناجحة وتطبيقها فعلى أقل تقدير لنكون صادقين مع أنفسنا ونناقش أوضاعنا ومشاكلنا بحيادية وصدق ولننبش الجرح لتعقيمه بدل أن نتركه للتلوث حينها لن يبقى لنا حل سوى انتظار المصير المحتوم.
بالمناسبة فقد حاولت البحث عن التصنيف فوجدت كما هائلا من التصانيف ولم جامعاتنا إلا في تصنيف واحد , أما البقية فلا حس ولا خبر. وحتى يكون كلامي مثبتا فسأورد لكم موقع التصنيف الذي وضع بعض جامعاتنا في سلم متقدم ( جامعة الملك سعود في الترتيب 308 ) http://www.***ometrics.info/top4000.asp وإليكم هذا الموقع الذي لم يرد فيه اسم المملكة العربية السعودية البتة http://www.arwu.org/rank2008/EN2008.htm . مع العلم أن كلا التصنيفين لعام 2008 م فضلا عن الكثير من التصنيفات الأخرى لم أجد فيها اسما لأي من جامعاتنا السعودية. ( أود الإشارة أن الموقعين باللغة الإنجليزية ). أنا هنا لا أقلل من شأن جامعاتنا ولا أحاول الإنتقاص من الجهد المبذول من قبل القائمين عليها ولكن أحاول أن أوضح أن عاطفتنا الجياشة ستوردنا المهالك ولن تقدم لنا شيئا بل على العكس من ذلك تماما. أملي ورجائي أن نعمل بجد وصمت مطبق وأن ندع نتاجنا يتكلم عنا وعن أبناءنا وبلادنا.
العرض المتطور
