أجمل الأوقات وأمتع اللحظات تلك التي تأتي غالباً مع تغيير الأماكن والوجوه والأفكار والموضوعات وتلك التي يحمل عالمها بشائر الخير.
أجملها دائماً حين يأتي الجديد ليقضي على الرتابة والتكرار الممل والأجواء التي لا تشعرنا مع مناخها بما نريد، بينما الفضاء يتسع دائماً لما نتطلع إليه.
ولا شيء أسعد على المرء من أنْ يشاهدَ مظهراً حضارياً ترتاح له (العين) أو يستمع إلى قول تطرب له (الأذن)، وبخاصة حين يستجيب ذلك لتطلعاته.
بل إن أكثر الصور الجميلة التي يتجاوب المرء معها، وتلك المعلومات التي يصغي بفرح وانتشاء لسماع تفاصيلها هي تلك التي تلامس مصلحة وطنه ومواطنيه.
هكذا حاصرني الفرح، وأحاطني بمساحة كبيرة من أجوائه، حين كنت مع زميلي الأستاذ مطلق المطلق رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، والأستاذ عبدالرحمن الراشد المدير العام نزور جامعة القصيم في بريدة.
فقد كانت زيارة الجامعة فرصة لزيارة إمارة القصيم، ومن لا يزور مقر الإمارة الجديد ويجتمع بأميريها، فكأنه لم يزر بريدة بل وكأنه لم يزر منطقة القصيم وأياً من محافظاتها ومراكزها المنتشرة.
ثلاث مرات - بالمناسبة - التقيت فيها أمير القصيم فيصل بن بندر من موقعيه وهو على رأس العمل بخلاف اللقاءات الأخرى، المرة الأولى كانت في أبها حين كان نائباً لأمير منطقة عسير وكنت آنذاك أزور أميرها السابق خالد الفيصل، والثانية في بريدة بمبنى الإمارة القديم وقد جئت لتهنئته بالثقة الملكية الكريمة بتعيينه أميراً للقصيم بعد صدورها مباشرة، وهذا هو اللقاء الثالث وقد تم للمرة الأولى في مبنى إمارة القصيم الجديد في مدينة بريدة.
ومن يزر مبنى الإمارة الجديد سيرى معلماً حضارياً كبيراً في مدينة بريدة، بتصميمه ووظائفه المتعددة، وسيغنيه هذا المبنى - ربما - إلى حين عن التعرف على مدينة بريدة من خلال جولات في شوارعها وأحيائها ومبانيها ومؤسساتها وأسواقها، وعلى أخذ الانطباع عن النمو الحضاري والثقافي والاقتصادي الذي تتميز به هذه المدينة التي تلي مدينة الرياض على مستوى المنطقة الوسطى من حيث الكثافة السكانية وأوجه التطور والرقعة التي تم تعميرها لاستيعاب الكثافة السكانية المتزايدة بزيارة لمقر الإمارة الجديد.
لكن الأهم من ذلك أن تستمع إلى الأمير فيصل بن بندر وهو يتحدث لك عن ستة عشر عاماً مضت منذ توليه إمارة المنطقة، حيث فاجأته السرعة التي تم بها انتشار الوعي بين شباب المنطقة بأكثر مما توقعه أميرهم لهم، مشيراً إلى انطباعه المتباين بين تلك الفترة التي تسلم فيها مسؤولياته مقارنة بانطباعه بعد مرور هذه السنوات، وكيف أفرحه تأثير الكليات والمدارس والمناشط الثقافية على التميز في الوعي الذي أصبح سمة الكثير من شبابنا هناك، بما أصبح علامة مضيئة أسعده كما أسعد نائبه وجميع المواطنين.
في مقر إمارة القصيم الجديد، أخذنا أميرها ونائبه في جولة على بعض مرافق المبنى الجميل، قاعات كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وجدران إسمنتية تخفيها عن ناظريك قوالب من الرخام (الجميل) وتقنية عالية في استخدام الصوتيات والصور لنقل المناسبات والفعاليات والاجتماعات التي تتم داخل مبنى الإمارة وبين أروقتها.
شيئان مهمان لفتا نظري وزميلي المطلق والراشد بما لا يمكن للذاكرة أن تنساهما، أولهما اهتمام الأمير بالفن التشكيلي وتشجيعه للشباب السعودي الموهوب باقتناء الإمارة لبعض لوحات هؤلاء واختيار أفضل المواقع لعرضها في الممرات والصالات وحيثما تكون هناك زاوية صالحة لعرض وإبراز هذه الإبداعات لهؤلاء المبدعين من شبابنا في مبنى الإمارة الجديد، وبأسعار مشجعة ومحفزة للإبداع.
أما ثانيهما فهو اهتمام الأمير الشخصي بالمرأة السعودية وغير السعودية، حيث وضع الرجل الأول في منطقة القصيم تنظيماً دقيقاً يكفل لكل امرأة حق الوصول إلى الأمير مباشرة وعرض مشكلتها أو شكواها أو حاجتها بشكل ميسّر وسهل ودون تعقيد، حيث هناك جهاز نسائي يستقبل وينظم ويقدم النساء إلى سموه من خلال صالتين تربطهما نافذة مفتوحة إحدى هاتين الصالتين للأمير والأخرى للموظفات، ومن لديهن دعوى أو شكوى أو مظلمة يرغبن في إيصالها للأمير مباشرة ودون وسيط فهذا يتم بمتابعة الأمير من خلال هذه النافذة.
الأمير الذي استقبلنا بحفاوة، وتحدث معنا طويلاً بحضور سمو نائبه، لم ينسَ أن يشير إلى جهود الأمير عبدالإله الذي سبقه في تولي مسؤوليات الإمارة، كما ثمَّن لنائبه الأمير فيصل بن مشعل بن سعود ما يقوم به من أدوار كبيرة لمساعدته في إنجاز أعمال الإمارة بعد صدور الأمر الملكي بتعيين نائبه السابق الأمير النشط عبدالعزيز بن ماجد أميراً لمنطقة المدينة المنورة.
جريدة الجزيرة
العرض العادي
