[align=center]
لا يزال أهل العلم متمسكين بالشعر لاسيما الجاهلي منه , فبعد أن جنوا على لغتنا , أرادوا أن يجنوا على أخلاقنا من جُرّائه , فقد صور غير واحد من الشعراء أن الظلم هو من شيم الرجال , وأنه لابد للرجل أن يأخذ بالظلم منهاجًا له , وأن عليه أن يضر إن لم يجد ما ينفع الناس به .
قال الشاعر المخضرم في جاهليته النابغة الجعدي :
إِذا أَنتَ لَم تَنفَع فَضُرَّ فَإِنَما - - - يُرَجَّى الفَتَى كَيما يَضُرُّ ويَنفَعُ
وقال الآخر :
إذا لم تكن ذئبًا على الأرض أجردًا - كثير الأذى بالت عليك الثعالبُ
وقول زهير بن أبي سُلمى :
وَمَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ - - يُهَدَّم وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ
على أنه تشيع في المجتمع العربي مقولة : إن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب , وهي مقولة تعكس محبة الظلم التي توصلنا إلى احترام الظالم , وتحقير المظلوم لضعفه في نهي نفسه عن الظلم , فكأن المظلوم عندنا جبان لا يستحق العيش , وكأنه خرج إلى الحياة ليكون طُعمًا للظالمين , فترى الناس يقولون عنه مرتخية شفاههم السفلى : فلان حبيب .
يقول المتنبي :
والظلم من شيم النفوس فإن تجد - - ذا عفَّـة فلعلَّة لا يظلمُ
إن كل ظالم محترم من قلوب شريحة كبيرة من الناس , يعجبهم فيه ذكاؤه الدكتاتوري , وبراعته في سنِّ الحيل والمكائد .[/align]