محمد علي المحمود استاذ في جامعة القصيم انبهر بالغرب، وتعلّق بالقيم الغربية جعله يقف موقفاً صعباً في حالة الاحتلال الأمريكي للعراق ،وما حصل من مجازر وهمجية لا تتخيّل.
فماذا قال مجنون الغرب في هذا.
رفض أولاً حتى مجرد الحكم على الاحتلال الأمريكي في العراق، وكتب مقالة بعنوان (أمريكا في العراق تحرير ام احتلال ) تكلّم بمقدمة طويلة مملّة لاجل أن ينفي مسمّى الاحتلال عن الوجود الامريكي في العراق، مع أن الأمريكيين أنفسهم يعترفون بانه احتلال، وكلّ العالم يعلم ذلك، لأن مشاعر المحمود لا تطاوعه ان يصف البيض الشقر بأنهم محتلون، فهم أنعم وألطف من أن يصدر منهم احتلال.
ولمّا جاء المحمود للجرائم الأمريكية في مناطق مختلفة من العالم علّل ذلك، وبرّر، وقال بنفس بارد (( لا تعدو كونها طبيعة امبراطورية لا غير تخضع لها أمريكا كما خضعت لها الامبراطوريات السابقة في فتوحاتها من فارسية ورومانية بل وإسلامية فيما بعد الخلافة الراشدة إذ كانت كلّ الفتوحات في كلّ هذه الامبراطوريات خاضعة للمنطق التوسّعي ذاته الذي تخضع له أمريكا في العصر الحديث بعيداً عن أي مثالية مدعاة ))
فجرائم أمريكا لا تعدو أفعالاً طبيعية غير مستغربة ولا مستنكرة، فلها أن تسحق عشرات الآلاف في العراق وأفغانستان وفي كلّ مكان ولا يستحق هذا أي اهتمام.
الطريف والمخزي: أن المحمود يبرر لأمريكا توسعها كما توسعت الخلافة الأموية والعبّاسية، وفي مقالات أخرى يشنّ حملة شرسة على الدولة الأموية وغيرها ويصفها بالتوسعية فيقول (( الإسلام كفاعلية تنويرية لصالح الإنسان جرى اختصاره في امبراطورية استعمارية تطارد الإنسان)).
وقال عن الدولة الأموية (( إن التضحية بالإسلام كمشروع تنويري صاعد من قبل الأموي لم يكن لصالح رؤية حضارية مهما كان الموقف منها، وإنما كان لصالح قوى التخلّف والتوّحش والإنغلاق المتمثّلة في رؤى التشرذم الجاهلي وتميزات القبيلة المنغلقة ومصادرة الآخر ذاتاً وقيمة)).
ويقول عنها أيضاً عن تاريخها (( كان تاريخاً امبراطورياً وظّف الإسلام لصالحه))
فعجباً لهذا الرجل، كيف يطفف الميزان، فيبرر لأمريكا عدوانها بناءً على أن ذلك سنة الامبراطوريات، ثم يرجع إلى تاريخنا فيكيل له الشتائم لأنه فيه عدوان وتوسع!
ويبلغ هيام الرجل بأمريكا العدوانية الموجودة في العراق فيقول ((الوجود الأمريكي ضرورة ولو إلى أجل قد يطول )) فليس المهم أن ترحل؛ المهم أن تبقى ولو إلى قيام الساعة.
ويصف الموقف المقاوم لأمريكا، والمدافع عن أرضه وشرفه ودينه فيقول (( أي مقاومة لهذا الوجود الأمريكي من قبل قوى شعبية مهما كانت بسالتها هو نوع من الانتحار)) فيجب عليكم ان تسلموا قيادكم لأمريكا وهي لن تريد لكم إلا كلّ خير.
حين يحمل الأمريكي سلاحه، ويدخل بلاد المسلمين، ويسحق الأمم، ويدكّ المنازل، فهذا أمر لا يجوز أن يسمّى احتلالا ولا غرابة فيه، بل هم أصحاب حضارة ورؤية ومنهج، وأما ذاك المسكين ا لذي سلب وطنه، وعبث بعرضه، وانتهك دينه، فحرام عليه أن يحمل سلاحاً أو يرفع رأساً، لأن أمريكا ستبقى لتحميه وتحمي مصالحه فلا يجوز له أن يفسد ما تريد امريكا أن تصلحه!
لاحظ أن المحمود يتكلّم عن الغرب في أقصى عدوانه وغاية فساده، وهو في حالة الحرب العدوانية، فأي روح أو كرامة بقيت لدى هذا الادمي!
وأي وطنية في حنايا كاتبٍ لا يرى الدفاع عن الوطن إلا نوعاً من الانتحار، وأي قيمة للتشدق والتقعر في الحديث عن الوطنية إن كان الإنسان لا يرى في الوطن ما يستحقّ الدفاع عنه، إلا إن كانت الوطنية مجرّد سهم يسدّد في نحور المخالفين.
***
***
لا زال لديّ الكثير عن هذا المريض، ولا زال في مستنقع مقالاته الآسن، الكثير من الكدر والوسخ، غير أني أرى حفاظاً على ذوق القارئ الكريم أن أقف عند هذا الحد، فالتنبيش في مقالات أمثال هؤلاء ليس أمراً محموداً، وأرى أن ضرب منهجهم العام كافٍ عن ملاحقة أفرادهم وتنغيص الوقت والعقل بعفنها وكدرها.
أسأل الله أن يهديهم، ويشف قلوبهم، ويردّهم إلى جادة الحق رداً جميلاً.
( منقول )