أرأيت الشيخ كيف امتلأ بجامع بغداد كما يُعبّ السحاب الأرجواني بالسماء؟
والله لو رأيته لأقسمتَ غير حانث أنّ سيما الأدب المكشوف (+18) تهودت بعد لأي مسجدا !
- قلت : ومن هذا التراب فوق السحاب ؟
فقال لي: عجبا ألا تعرف الشيخ ؟!
ألم تسمع بمن حمد الله فاستغفره من حمده إياه ثلاثين سنة ؟!
قالوا عنه : إنه لسان التوحيد وإمام بغداد في الإشارات ؟
رايته مرة فجعلت عيني تعْجُمُه فما أُراني إلا على وجه أبلج يُرى ارتعاش ضوء المصباح تحت بشاشة إيمانه
وما أرى درسه إلا قد طفّل عن انبلاج ،،،،،،، فلنحضر الدرس ...
قال الراوي: أتينا الجامع وقد امتلأ بثجيجه من حيث لا نراه ،
كما يمتلي الوادي بخريره ،
(في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال )
فلم يكن يصفو لسمعي من ثجيجه إلا قدر ما يبقيه سبك الآذان على سيف البحر .
قال: وكان كلامه في فلسفة الحبّ وكيف يسمو الحبّ بالمحبّ .. وكان مما ذاب في روعي قوله:
( من عجز عن أدب نفسه ، كان عن أدب غيره أعجز )
وما الحبّ إلا أدب النفس في سموها وأخلاقها وفي عطائها وأخذها .
تتندى النفس بالحبّ الطاهر النقي فترى كلّ ماحولها كالربيع حياة وكالنسيم رقّة .
وأيم الله لن يصلح أمر البشرية إلا إذا صحّ الحبّ فيها ، ولن يصحّ الحب فيها حتى يشبب الفتى ببنت المقبرة !
الحبّ ما الحب ؟
إن من سخرية الحبّ في الطبيعة أنّ معانيه إنما تترف وتدلف حيث تجتمع الجنّة والنار ، والظلام والنور ، وبرد الفرح وحرقة الحزن ،
ولن توجد حلاوة الحبّ قط إلا بمرارة الوجد والخوف ..
الحبّ البشري ما الحب ؟
إنّ من أسرار الحبّ أنّ " ما تعرفه العين من العين لا تعرفه بألفاظ ، ولكن بأسرار ،،، "
وما يكتب عن حبّ نوارة وعمر ، وميادة وصقر لا يحثو عن بعض معاني الحبّ في نظر وجه أحد المتحابين ـ بديهة ـ وجه الاخر ..
الحبّ البهيمي ما الحبّ ؟
من عجيب أمر الحبّ أنّه متى انتقل من مصر إلى السودان في الرجولة سفل بآدميته إلى حيث البهيمية ، حتى يعود جنون الرجل كالجمل في حبه لأنثاه لا يدافع عنها إلا بقدر ما يدفع حرارة إشباع الغريزة فيه ،،
وما خبر كثيّر مع عزّة عنا ببعيد ..
ومذهب الحب في المرأة الخِفرة الزهو والكبرياء ،
ومتى تواضعت وتنزلت إلى غرائزها كان خطواتها استجابة لجنون ذلك الرجل ، وأوشك أنّ يكون زهوها وجمالها تزيدا في تعريها ، إلى أن تخرج به عن طبيعتها السامية
" ومن ثمّ لا عصمة في المُحبّ إلا إذا وجد بين إيمانين ، أقواهما : الإيمان بالحلال والحرام ، وبين خوفين : أشدهما الخوف من الله ، وبين رغبتين : أعظمهما الرغبة في السمو "
وإلا فقد روينا عن الصادق بعد إثني عشر قرنا ستأتي :
قلبي يحبّ وإنما ،،، أخلاقه فيه ودينه
إن تنقلب لصّ العفا ،،، ـف لمن تحب فمن أمينه ؟
قلي : فمن أمينه ؟
قلي: من أمينه ؟
قال الراوي : فقام رجل من الجمع وجعل يتنهد ويردد : (آه) ثم (آه)
إن الحديث عن القبلة لا ينقل معناها للشفتين ، وإن ترجيع اسم الحلوى (يا حلوى ،،، يا حلوى) لا يطرب اللسان إلا بقدر ما تبتل العروق بسراب البقيعة .
شيخنا الجليل: ما تقول في رجل تزوجّ امرأة ولما يدخل بها ، أيحسن به الإسراف في الحبّ قبل ، وما السبيل لثبات الحبّ بعد ؟
فقال الشيخ بصوت أجشّ : إنّ دائرة الكهرباء لا تزال حيّة آمنة مالم تخرج عن مسارها بسرف أو تقتير ،
ولقد عقلنا في الحكم العربي : (ويخلق ما لا تعلمون) وإنه سيأتي زمان أو قد أتى تكون السرج فيه ذات ألوان زائدة عن معنى النار التي نعرفها ، ومن عجيب صنعها أنها تتغذى بالزيت المظلم (البترول) لا الزيت المضيء ،
بل لقد قيل لنا : إنّ الزيت في ذات النار البيضاء ليلتئي في السير إليها دونما ذات اللون الأصفر ، بيد أنّه في ذات البياض أكثر ترقيقا لها وتعميرا من ذات اللون الأصفر قبل أن يكسوها السواد لشدّة الإحراق !
ولا سبيل لثبات الحبّ إلا بصلاح المحبة و(ولا تصلح المحبة بين اثنين حتى يقول أحدهما للآخر : يا أنا )
وسأحدثكم عن صحة الأنا في الحب في درس الغدّ إن شاء الله .. فانصرفوا صرف الله قلوبكم لطاعته ، وزقكم حبّه وحبّ ما يحبّ ، وحبّ ما يقرّب إلى ما يحبّ
قال الراوي : قلت لصاحبي هلّم بنا نسلّم على الشيخ لتراه ،،،
وأما أنا فأقول لأنا ـ قدّس الله سرّها ـ : أما زالت أناتك أنا فيك ؟
philosophy of the love
العرض الشجري