جبل عمر بلا قلب
الحمد لله على قضاء الله وقدره وإن لله وإنا إليه راجعون
بعد أكثر من أربع سنوات عشتُها بأجمل ما تعنيه الكلمة من حبٍ ووفاء وعشق منقطع النظير، ومع أحد أهم ممتلكاتي وأهم أشيائي اليومية حتى أمي أحبته حباً لا يوصف وتحافظ عليه ولا تنساه من راعيتها الودودة والحنونة وغيرتها علييه بشكل جنوني وتفضيلها له على غيره من شاكلته، فالشهادة لله اجتمع حبه من كل جهه ومن كل مكان، إنه جهازي المحمول شاء الله في يوم أمس في ليلةٍ ظلماء أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بلا سابق إنذار وبلا مقدمات وبلا أعراضٍ سابقة لكن مشيئة المولى لا يحول دونها حائل، كان بين يدي أداعب به صفحات المنتدى وحان وقت العشاء فبكل لطفٍ وحنيَّة وتقديراً لما بيننا حملته بكلتا يدي ووضعته بكل رفق جانباً وهو على قيد التشغيل لإحدى صفحات المنتدى وبعد أن إلتقمتُ بعضاً من اللقيمات ليقمن صلبي رجعت إليه بكل اشتياق وكأن بيننا سنوات من الفراق، وهنا الصدّمة والدّهشة وهنا الإمتحان الحقيقي لصبري ورضاي بما قدرالله فالحمد لله أني تمالكُ نفسي وحمدتُ المولى على كل حال، وجدّتُه وقد اسوَّد وجه وضاق نفسه تاركاً عبارة بالخط الأبيض مفادها أن هناك مشكلة عويصة في النظام، حاولت أن أسعفه بالتنفس الاصطناعي ولا فائدة، حاولت أن أعصر ذاكرتي بما تعلمت وبما درست لمثل هذه الحالات الحرجة وفعلاً دخلت عليه من إحدى نوافذ الحالات الحرجة التي تُكسر حينما يكون اللجوء إليها والضرر الناتج من كسرها أخف من ضرر الموت، ولكن الموت كان أسرع وأقرب، ألقيت عليه النظرة الوداعية وإكراماً له تمَّ تغطيته، وبعد أن أسدل النهار نوره ذهبت به إليه استشاري علَّه أن يكون أخبر مني لكن كان العارض واضح وأخبرني على انفراد بكل أدب أنه يطلبني الحل، قال لي لعلنا نُجري له قلباً اصطناعياً، لم أكون بوقتها على أحسن حال ولم يكن اقتراحه جديداً بالنسبة لي، رجعت إلى مكاني وأتييت بأخٍ لجهازي من أبيه يملكه ابن عمٍ لي اشتريناهما بوقتٍ واحد أصابه الشلل الرباعي والموت الدماغي منذ شهور، ولكن قلبه سليم فاستأذنت منه وتوسلت إليه وذكرت له عظم أجر انقاذ جهازي الذي ينتظر التبرع بفارغ الصبر استخار وأذن لي وبعدها دخلت غرفة العمليات وخدرتهما تخديراً كامل لأجري لهما عملية قلبٍ مفتوح وقد استخدمت تقنية جديدة للتخدير وهي التخدير بالثلج وقد نجحت ولله الحمد والمنة، ورجع جهازي ليرى النور، ولكن للأسف مات جهاز ابن عمي ولم أستغرب فقبل اجراء العملية وقَّع ابن عمي على ذلك و كانت التنائج توحي بهذا الشيء مسبقاً والجميع يعلم، وبعد أن فاق جهازي وخرج من غرفة العمليات إلى غرفة المتابعة الدقيقة اطمأننت عليه ووجدته في أحسن حال ولازال الأمر يحتاج لوقت أطول حتى يتعرف على العضو الجديد....
بعدها أجريت اتصالاً بأهلي ولم أرغب في اخبار أمي مباشرة بما جرى وأخبرت أختاً لي بأن تبلغ سلامي ومحبتي لأمي وأن تعطيها لمحة سريعة دون تفصيل لما حل لجهازي وأنه بخير ولا داعي للخوف وكل مقصدي أن لا يحل بأمي حزٌن عليه فله مكانه عندها كبيرة و خوفاً من وصول الخبر لها من غيري، ورغم أن أخي لديه جهاز إلا أن حبها لجهازي شيء لا يوصف وقد قلت لها أمي العدل واجب قالت با بني أعلم لكن القلب لا أحد يستطيع التحكم به لكن عليَّ الكتمان واظهار المحبه لكيلهما دون أن يشعر أحداً بميلان القلب قلت لها أحسنتي صنعاً وحكمةً.
خرج أنواع من الأجهزة ولم يملء عيني غيره ولم أستطع مفارقته رغم محاولاتي الغادرة به و أن أجعل له ضرَّة لكن لم أستطع ولم أتخيَّل أن هناك من سيحل محله بوفائه وصدقة وصلابته، أتصدقون أن له مكانه حتى عند أصحابي الذين معي بنفس الكسن والكل حزن وتفاعل مع المصيبة لا أعلم لماذا رغم تعدد الأجهزة وهذه حقيقةٌ لا خيال.
يعني جهازي إذا أرت السفر أبدأ به قبل أي شيء فقد أنسى ملابسي ولا أنساه وبل وأتفقده بالسيارة رغم يقيني أنه معي!!
أخوتي وأخواتي هل تمرون بأحداث مؤلمة لبعض أشيائكم الغالية وهل هناك من أشيائكم يعتبر جزءٌ منكم ولا يمكن مفارقته رغم ما يستجد من جديد من نوعه وهل بالأمكان ذكر ماهو الشيء ولما الحرص وتفضليه على غيره !!!
هذا أول موضوع يُكتب بالقلب الجديد فرفقاً به وراعوا صحته أرجوكم شاركوني بما حلَّ بي واذكروا لي ماعندكم وما حلّ بكم
دمتم بحفظ الرحمن لكم ولما تغلون ولما تحبون
العرض الشجري