[c]بماذا تحلم عابرة سبيل؟ وما موقف أهلها من كونها شاعرة ؟؟؟ [/c]
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ليت ربي خلقني ي زمانٍ مضى= يوم الاجواد تفرّق بين ظفر وردي
يوم صوت العذارى لا انتشر فالفضا= الشرود يتعثر والشجاع يعدي
وأتخيّر عشيرٍ بالمدايح حظى= لاجل يطلع مطاليع الرجل ولدي
[/poet]
ها هي الشاعرة عبرة سبيل تميل بوجهها عن الزمن الحالي الذي تعيشه وتلتفت إلى الوراء لتتمنى العيش في زمان مضى فهي لا تدعو للوقوف على الأطلال كعادة الشعراء القدامى ، بل هي تطلب العيش في كنف ذلك الزمن البعيد حيث تحقق فيه شيئاً من أحلامها !!! إذاً تبدأ البيت الأول بالتمني ( ليت ) على سبيل صعوبة ما تطلب لذلك عمدت للتمني لإظهار حاجتها الماسة لذلك الزمن الماضي . في ذلك الزمن وكما تقول أو وكما تراه كان الناس كلهم أجواد حيث يستطيعون التفريق بين الشهم والردي . هذا التصور الذي تعكسه لنا الشاعرة يبيّن لنا جانباً أو لنقل وسيلة من وسائل الهروب من زمن الواقع على سبيل الاحتجاج على العيش أو التواجد فيه !!! وفي ذلك الزمن كان صوت النساء الشابات يخيف الرجال بما فيهم الشجعان والخائفون فالكل يتعثر ويهرب وهنا نرى لمحة من لمحات إحساس التفكير فعابرة سبيل ترى أن النساء في ذلك الوقت أكبر مكانة !!! في ذلك الزمن الماضي ستجعل الشاعرة عملية الاختيار لها حيث ستختار زوج يستحق المدائح حيث إنه شجاع وقوي ولم تتخيّر ذلك الرجل بتلك الصفات لأنه في ذلك الزمن بل إنها اختارته لأنها ترى أن ابنها الذي سيأتي يتحقق فيه مواصفات أبيه الشجاع !!! وهي هنا تجعل العصر الذي تعيش فيه خالياً من جنس ذلك الرجل الشجاع الذي يمكن أن يجذب ابنه على طباعه !!!
من حق شاعرتنا أن تحلم ومن حقنا أن نشاركها الحلم ولكنها سرعان ما غيّرت نظرتها لذلك العصر الذي وصفت فيه المرأة بأنها قادرة على صنع قرارها بنفسها حيث نجدها في قصيدة ترد على نفسها في تلك القصيدة التي تتمنى فيها العيش في زمن مضى ، فتقول في قصيدة أخرى :
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
باصنع قراري وكل شيءٍ بيدي= مليت من صبرٍ عطاني مضره
أعيش في عصر لجدّان جدّي= عاداتهم متمركزة .. مستقره
أسوار خلف أسوار ودي أعدّي= ودي أفسر ضجة الناس بره
قررت أوقف ثورة العرف ضدي= وأحررك يا نفس وأعيش حره
[/poet]
لاحظ كيف تراجعت عابرة سبيل عن حلمها السابق فيه عازمة على صنع قرارها بنفسها لا لأنها الأقدر بل لأنها ملت من كثر الصبر الذي يجازيها بالمضرة !!! حتى الصبر ل تريد البقاء فيه إنها بداية الثورة التي لا تفتأ تذكرها صراحة في بيت سيأتي وتعزو كل ما جعلها تقرر بنفسها لنفسها إلى عصر الأجداد الذي يتمسكون بعادات متجذرة مستقرة !!! فهي تكره الاستقرار وتحب الحياة التي تبث الحركة فيها الروح والهواء !!! تناقض غريب في قصيدتين يجعلنا في حيرة فأيهما نصدق وأيهما نرفض ومع من نكون ؟؟؟ عصر الأجداد في نظر شاعرتنا ما هو إلا أسوار كثيرة وهي قادرة على تجاوزها بعزم الفتاة الحالمة بحياة الحرية والهرب من تلك السجون . إن الشاعرة تتمنى المشاركة مع الناس في كل قرار وكأنها تعيش في عزلة عنهم خلف تلك الأسوار الكثيرة !!! في النهاية تقرر الشاعرة أنها ستوقف كل الثورات التي تتمسك بالأعراف والتقاليد والتي دائماً ما تكون ضد طموحاتها وآمالها . وتلتفت إلى نفسها محدثة فجوة وكأنها تريد من ذلك الابتعاد عن كل تلك الأسوار بهذا الشطر الأخير ، حيث تخاطب وتنادي نفسها بأنها عازمة على العيش بحرية مطلقة بعيدة كل البعد عن هموم التقاليد وكثرة الأسوار العالية .
[c]ماذا عن موقف أهل عابرة سبيل من كونها شاعرة ؟؟؟ [/c]
تقول في إحدى قصائدها :
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أهلي يدرون إني شاعره= بس ما يدرون في جرح الليال
يمنعوني من كتابة خاطره= ما دروا إني من زمان بهالمجال
آه لو يدرون إني شاعره= عندهم بتصير موتتنا حلال
[/poet]
في هذه الأبيات تخبرنا الشاعرة عمّا يدور في ذهنها وما ترسب في أهان الأهل من كون ابنتهم شاعرة وهل غير الموت حل لإبعاد ابنتهم عن مجال الشعر !!! تحاول عابرة التوفيق بين الأبيات حيث تذكر أن أهلها يعلمون أنها شاعرة وتستدرك على ذلك بأنه علم أهلها يقتصر على كونهم يعلمون بأنها تكتب الشعر بينما تؤكد عبارة أن الشعر يأتي من معاناة في آخر الليالي وهذا الأمر لا يعلمونه عنها . وفي البيت الثاني تأتي بالفعل المضارع ( يمنعوني ) لتؤكد أن أمر منعها مستمر معها فهو ليس منعاً ماضياً بل في كل يوم يتجدد هذا المنع ولاحظ دقة استخدام هذا الفعل ، وتقول عابرة : إنها قديمة في مجال الكتابات النثرية سواءً الشعر منها أو الخواطر . ونلحظ من هذه الحقيقة غياب معرفة أهلها بأنها تكتب من زمن ماضي وعندما علموا بها قاموا بمنعها وهي هنا تثبت حقيقة عند الأهل فهم عندما يعلمون يقيمون القضية على رجليها وفي حالة عدم معرفتهم يتعاملون مع أي قضية مشابهة لقضية ابنتهم بكل برود !!! في البيت الثالث تبدأ عابرة البيت بكلمة تأوه ( آه ) وهذا دليل على هم داخلي ملازم للنفس وهي بهذا التأوه تجعل لنفسها عمقاً حيث تريد أن ترفض ذلك المنع بلك الوسائل المتاحة حتى لو بكلمة ( آه ) وفي الشطر الثاني تزيدنا عابرة غرابة فهي تذكر بأن أهلها لو علموا من أنها شاعرة سيكون الموت حلال في حقها ، وهنا نقف عند هذا الشطر فلماذا تقول هذا الكلام ؟ الأهل عندما يعلمون بحال ابنتهم يقومون بكل ما من شأنه إصلاح حالها والشاعرة عبارة سبيل عندما ذكرت بأن أهلها علموا بكونها شاعرة في أول الأبيات كانت تثبت حقيقة قدرتها على كتابة الشعر وهذا ما جعل أهلها يتعاملون مع أمرها بكل برود ولكن عندما علموا وتأكدوا أن شعرها أصبح همها الأول وأنها ستتعرض لمنزلقات سارعوا إلى نفي هذه الصفة عنها كي يستقر في نفسها العجز عن كتابة الشعر ويكونوا بذلك قد اقتلعوا جذور حب الشعر عن ابنتهم ولكن أنى لهم ذلك لأن ابنتهم كانت شاعرة حقيقية !!!
وتقول في بيت آخر :
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
بين رجوى الغريب وبين ضغط الأهل= لا حصل لي صعود ولا حصل لي نزول
[/poet]
ففي هذا البيت تثبت ما توصلنا إليه من الأبيات السابقة حيث تؤكد وجود ضغوط من أهلها لترك مجال الشعر وكذلك تثبت أن انتظارها ذلك الغريب أثقل من همها وزادها هماً بهم فهي متأرجحة لا هي بالتي واصلت صعود قمم الشعر ولا هي بالتي تركت مجال الشعر لغيرها !!!
وتقول في قصيدة أخرى :
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
يمه افهميني تراك إن ما فهمتيني = ما فيه شخصٍ بها الدنيا بيسعمني
ما عدت أنا طفلتك كبرت شوفيني= خليك يمي ترى الأطماع تتبعني
[/poet]
هنا تنادي عابرة أمها بنداء لا يمكن جعله حزيناً فهي لم ترتكب على حد زعمها حماقة تجعلها تحزن وتعتزل الناس بل هي تريد إثبات أحقيتها وكغيرها من النساء بالشعر وكل مجالات الكتابة !!! وهي بهذا البيت تنادي أمها وتطلب منها فهمها لأن الدنيا لا يوجد بها من يستطيع فهمها كأمها ، والشاعرة هنا أعلت من قدر أمها وجعلتها الوحيدة القادرة على معرفة نفسية ابنتها من كل من حولها من النساء وفي هذا إشعار لأمها بقربها من ابنتها التي تقاتل من أجل متابعة طريقها الذي رسمته لنفسها في خارطة الشعر !!! وفي البيت الثاني تحتج على أمها بأسلوب مهذّب حيث تذكر أنها لم تعد تلك الطفلة التي تخطئ أو التي لا تعرف دورها وتطلب من أمها إعادة النظر ويتضح هذا الشيء في قولها ( شوفيني ) فليس المقصود به الرؤية الحسية بل الرؤية المعنوية لأنها تعرف حجمها جيداً وتعرف أنها قادرة على مواصلة طريقها بنفسها ولكنها تستأنس برأي أمها ولا تريد أن توجد فجوة بينها وبين أمها !!! وفي خضم كل ذلك تتلطف البنت لأمها لتعلن خوفها من كل مجهول ولتؤكد على دور أمها في كل حياتها فهي تطلب من أمها البقاء بجانبها في كل مسيرة حياتها لأنها ترى الأطماع من حولها بازدياد تتبعها !!!
[c]تحياتي لكم[/c]
[c]التاج[/c]