[color=#0000FF]نعم تلك هي الحقيقة التي تفرض نفسها وتدوي بأعلى صوتها : أيها العابث اسرح وامرح فقد طال ليلك ، وزال من يرقبك ، أيها العابث تمتع و(تبندح) فلن يأتيك من يقض مضجعك ،أو يؤرق مزاجك ، أيها العابث في مستشفى الولادة : بدأ يساورني الشك أنك ومن في زمرتك كنتم أحفادا لأناس قد عملوا في محاكم التفتيش ، أو جلادون في بلاط السلاطين ... ماأقسى قلوبكم وأنتم تتفرجون على طوابير الانتظار لهؤلاء المرضى المساكين الذين تكبدوا عناء المجئ إليكم من آخر الليل آملين أن يجدوا لديكم حلولا تغنيهم عن غيركم ...
أكتب هذه الأسطر وأنا راكن في كومة الانتظار أمام الغرفة الوحيدة رقم 2 التي جهزت بكل حنكة ودراية كي تستوعب 30 مراجعا في وقت واحد وبوقت قياسي لايستغرق فيه المراجع أكثر من أربع ساعات فقط حتى يتشرف بالسلام على سمو الدكتورة ... وبعد طول انتظار وسئم يأتي ذاك المتشدق المتفيهق ( أحد المشرفين لايشرفني معرفة اسمه لأنه من دناءته رضي أن يكون بوقا من خلاله تدوي المهازل) ويطل بابتسامته الصفراء التي رأت وزارة الصحة أنها أنجع وأنجح من البنادول في تهدئة الجو المتكهرب ، وعيناه التي لاتكاد
ترا هما من النوم : ثم يفيض علينا باستهلال الصباح ولايدري أنا ساهرون من البارحه (يالسخافته) ...وبعد آيات من الذكر الحكيم تلاها السلام الوطني قال حفظه الله : أعذرونا فنحن متفهمون للمشكلة وندرك حجم المعاناة ولكن لايوجد إلا طبيب واحد فقط
( ماأخرقك) أتيت بما لم يأت به الأولون والأخرون . فقد أخبرنا بما لايدع مجالا للشك أنه لايوجد الا طبيب واحد . أما بقية الأطباء فهم في سفوح الجبال وبين الغباروالأتربة يداوون مرضى المعركة وينقلون الجرحى ...
ثم تأتي سقطة أخرى من سقطاته أبقاه الله فقد عتب علينا كثيرا وهذا من غيرته على الحكومة . قال : لوكنتم في مستوصف أهلي وليس فيه إلا طبيب واحد لما كان هذا التذمر (والزعل وأنتم دافعين قروش) أما الحكومة فتتحدثون بملء فيكم وتزمجرون مطالبين بطبيب آخر .
ألا قاتل الله الفقرالذي ألجأ الكثير حتى يتجرعوا كلام هذا المتوحش على مضض وهم يتحسرون ويتويلون . وألا قاتل الله الأغنياء في هذا البلد الذين لايعرفون من الاستثمارسوى المباني وقطع الأراضي وبعتك هذا الصابون: العشرة بثلاثة عشر ....
إنها دعوة - وإن كانت خارج إطار ماكنت أتحدث عنه من مساوئ من يدير دفة هذا المستشفى وضعف شخصيته بما لايتيح له أن يتجرأ ويوقض الطبيب من سباته العميق ليؤدي دورا إنسانيا من أدوار الحياة - دعوة لتجارنا وأغنياءنا بعبارة صغيرة تقول : أدركونا بأموالنا . إن شئتم فافتحوا المساهمات في الطب وإن شئتم فاجلبوا الشركات من الخارج وإن شئتم فاصنعوها من أموالكم وستجدون المكاسب الهائلة في هذا البلد الذي أحوج مايكون إلى مستشفى متخصص لأمراض الأطفال ولكم أن تنظروا نجاح مستشفى الوفاء للولادة في محافظة عنيزة التي تفخر بولاء أهلهاالمثمر . ولعل في مركز الدكتور سليمان الحبيب في بريدة فاتحة خير يوقضكم من سباتكم لتعلموا أننا مازلنا في حاجة لمثل تلك المستشفيات حتى نرجع إلى ذلك المشرف الأحمق الذي أضحكنا وأبكانا معا ، ونهديه وسادة أكبر من التي ينام عليها كي يرتاح من تعب تلك الابتسامات الزائفة والكلمات الباهته ، ودمتم سالمين غانمين
في صباح هذا اليوم ومن وسط الزحام أمام العيادة أكتب هذه الأسطر
العرض الشجري