لست أجد أحسن من قولهم : " لكل قاعدة شواذ " . وما خشيت من شيء - بعد خشية الله - كما خشيت من المجاهرة بالنزوح إلى فئة الخوالف , فيحسب صاحبها أنه محق حين يشذ , وما علم أنه منوط بالاستغراب من جملة الناس , فتلك رجعية لم يفطن إليها مواكب الإعلام أيًّا كان نوعه .
قواميس العرف والعادة وطقوسها تفرض على النفس أن يسايرها وألا يخرج عنها قيد أنملة , فإن رام البعد عنها أو مخالفتها , فإن سياط الاستهجان بنظراته الرّامقة لا ترحمه , فكأنه كما أصحاب الكهف حين بعثوا بنقود قديمة ليس لها وزن .
من الحق المحض أن يتنبه المرء إلى ما يكون في عصره , فإن الواقع ليس بعاذر أحدًا , وما الدنيا إلا مفهومًا يجب أن نتقبلها كما هي وليس كما يجب أن تكون عليه .