الاخ الكريم خالد المشيطي وفقه الله
كلامك حول مصطلح المطوع او الملتزم غير صحيح , والجواب عليه من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ومن سير التابعين , ومن تبعهم الى يومنا هذا , بدلالة العقل والمنطق والعرف , وكل ما يمكن ان يوصف بانه برهان . مع ملاحظة تغير الاسماء من زمن لاخر وبقاء الحال .
قال تعالى ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) آيتين في الاحقاف وفصلت , وقال في سورة البقرة ( يحكم به ذوا عدل منكم ) وقال في المائدة ( اثنان ذوا عدل منكم ) وفي الطلاق قال ( واشهدوا ذوى عدل منكم ) فوصف العدل هنا مقصود لذاته , ولا يعني ان من ليس بعدل ليس بمسلم , لا , لكن هناك من المسلمين من يكون صادقا غير غاش ( ملتزم ) في وقتنا , ومنهم من يكون كاذبا غاشا غير ملتزم , فاحتاج الناس الى مثل هذا التقسيم لمصالح الناس على اقل الاحوال , وقد يتغير مسمى العدل من وقت لاخر حتى يصبح اليوم ملتزم او متدين او غير ذلك من الالفاظ التي تدل على وجود العدول في الشخص .
وكذا قوله عليه الصلاة والسلام : قل امنت بالله ثم استقم , وقد جاء في عصر الصحابة والتابعين اناس وصفوا بـ النسّاك , وجاء ايضا في العصور التي تلتهم من سموا بالصوفيين , قبل ان يدخل الابتداع في التصوف , الى ان استقر الامر على النساك , ثم ظهر في نجد من سموا المطاوعة لطاعتهم لله وذلك لما كثرت المعصية حتى اصبحت هي الظاهرة على المجتمعات , واصبح هؤلاء المطاوعة كالغرباء في ذلك الزمن وقد احتاج الناس في ذلك الزمن ان يصفوهم بوصف يصبغ عليهم الثقة عن غيرهم .
الى ان جاء يومنا هذا ليظهر فيه من يقول ان هذا التقسيم غير صحيح حتى يفلت من وصفه بالمعصية او بغير المتدين او غير الملتزم ( ...) , وحتى تكون الامور الظاهرة الواجبة كاللحية وترك الاسبال وغير ذلك من الامور العادية التي لم تدل الشريعة عليه بنظر هؤلاء العصاة .
واذا اردت ان تتضح لك المسألة بصورة ادق فلعلك تذكر ان المحكمة ( لا اعلم هل هذا موجود حتى الان ام لا ) اذا اردت ان تشهد في قضية معينة تجد القاضي اذا لم يكن يعرفك يطلب منك ان تاتي بمن يزكيك ( يعني يصفك بالعدل وعدم الغش ) ممن يعرفه نفس القاضي .
ولعلك ايضا اطلعت على كتب الجرح والتعديل , والتي فيها وصف الرجل بالكذاب او الثقة او غير ذلك مما يدلك على وجود هذا التقسيم , مع العلم ان هذه الكتب تتجدد حتى يومنا هذا .
لكن لما اختلطت الامور وضعفت احكام الشريعة في نفوس كثير من الناس احتاج امثال هؤلاء الى ان يزيلوا هذا التقسيم لما زالت من نفوسهم حقيقة الاستقامة والالتزام .
واكرر ان هناك ممن ظاهره الالتزام من قد يكون الباطن مخالف لالتزامه , كحال زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر النفاق وقت انتصار الاسلام , اما اليوم فلما ضعف الاسلام فقد ظهرت الحقائق وتبينت الامور وتغيرت الظواهر ليقوم مقامها ما كان في الباطن . نسأل الله الهداية والعافية .
اما بقية مقالك اخي خالد , فلعلي ان اجد فرصة اخرى للكلام حوله .
وفقك الله وسددك واعانك على الخير
اخوك ابو هيلة .