بنتي الكريمة : هل تتوقعين لبنت عاقلة مثلك أن تنتظر حلماً ، من إحدى مدرساتها ، لتترك معصية ، وسلوكاً تعترف هي بأنه سيء ؟!
إن الإسلام الذي تتشرفين بالانتماء إليه يحرم مثل هذه السلوكات السيئة .. ومن جهة أخرى فإن مثل هذه السلوكات تجعل الفتاة منبوذة ، من قبل الكثيرات ، ممن حولها .. وحتى اللاتي يحادثنها ، ولم ينبذنها فإن حديثهن معها ليس حباً فيها ، بقدر ما هو خوفاً من منشار لسانها .. وشر الناس من تركه الناس اتقاء لسانه !
وغالب البنات اللاتي يقعن ، في مثل هذا السلوك ، إنما يعانين من ضعف ثقة بالنفس .. وكأنهن يرين أنهن لن يصلن إلى مستوى بعض زميلاتهن ، أو مدرساتهن ، فلا يجدن – حينئذ – سوى انتقاصهن !
بنتي الكريمة : أقول لك ما ذكرته سابقاً ، لتدركي الجوانب السيئة ، فيما تمارسينه من سلوك ، لأن ( تغيير ) الأفكار يدفع إلى تغيير السلوك .. وتغيير الأفكار يحتاج إلى قناعة ومعرفة .. ولعلك ، لو أعدت ما ذكرته سابقاً ، لأدركت سوء الغيبة والنميمة اجتماعياً ، فوق كونها محرمة شرعاً .. وهو ما يساعدك على ( كراهية ) هذا السلوك ، ومن ثم التفكير الجاد ، في تركه .
بنتي الكريمة : عودي نفسك حين ( تهمين ) بالكلام بالناس أن ( تتعوذي ) بالله من الشيطان ، وأن تأخذي في كلام آخر ، بعيد عما كنت تريدين الكلام فيه ..
أقنعي نفسك أن الحديث بالناس ، هو أسوأ طرق إثبات الذات .. وأن لديك من المواهب والقدرات ما تستطيعين أن تملئي به وقتك ، وتثبتي به ذاتك ، بطرق جد رائعة .
إن الحديث في الناس ، يمثل الوجه ( القبيح ) للشخصية ، التي قد تكون تطل على الناس بهذا الوجه ، ويعرفونها به ، على حين قد يكون لديها من الجوانب الكثيرة الرائعة ، التي تخفى على الناس بسبب شهرتها ، بهذا السلوك السيئ .. فهل ترين مثلك ترضا أن تدفن محاسنها ، وتنشر مقابحها ، بسبب سلوك مذموم في الدنيا ، معاقب عليه في الأخرى ..
وهناك حكاية جميلة ، قد تساعدك في الإقلاع عن هذا الذنب خاصة ، وعن الذنوب بجملتها .. قرأتها في كتاب ( التوابون ) .. وهي : (( روي أن رجلا جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له يا أبا إسحاق إني مسرف على نفسي فاعرض علي ما يكون لها زاجرا ومستنقذا لقلبي قال إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ولم توبقك لذة قال هات يا أبا إسحاق قال أما الأولى فإذا أردت أن تعصي الله عز و جل فلا تأكل رزقه قال فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه قال له يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه قال لا هات الثانية قال وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئا من بلاده قال الرجل هذه أعظم من الأولى يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن قال يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه قال لا هات الثالثة قال إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعا لا يراك فيه مبارزا له فاعصه فيه قال يا إبراهيم كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر قال يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهره به قال لا هات الرابعة قال إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله عملا صالحا قال لا يقبل مني قال يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير فكيف ترجو وجه الخلاص قال هات الخامسة قال إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذونك إلى النار فلا تذهب معهم قال لا يدعونني ولا يقبلون مني قال فكيف ترجو النجاة إذا قال له يا إبراهيم حسبي حسبي أنا أستغفر الله وأتوب إليه ) .
وفقك الله ، ويسر أمرك ، وعفا عنك .