أرض + بشر + نظام مهيمن = وطن!
متى ماغاب إحداها فليس هناك وطن بمعناه المعتبر..!
وفي اليوم الذي كنا ننتظر فيه كل من لم يعش ذكريات ملحمة التوحيد، وما قبلها وما بعدها، أن يهب إلى جده وجدته وأي قريب له بالغ في العمر مبلغ الذكرى، أن يحكي له كيف كانوا ثم صاروا، ليكون ذلك سبباً في التحفيز على وجوب شكر الله على نعمة الأمن والأمان وتوحيد البلاد، في اليوم الذي ننتظر فيه أن يكون هذا اليوم الوطني، يوم تذكير لحق هذا الوطن علينا لا يوم ذكرى عابرة وكأنه تاريخ قد مضى.. نتفاجأ بتحويل يوم الوطن إلى يوم (المراهقة العالمية!).
أي وطن هذا؟! وأي وطنية تلك؟
يحتفلون.. يضعون أعلاماً.. ويصبغون سياراتهم، ليملؤوا الطرقات والغرض ليس إشاعة التذكير بين الناس.. كلا، غرضهم هتك كل الأنظمة التي يتماسك فيها الوطن!!
يُغلقون الطرقات، ويقفون في إشارة المرور حتى إذا انقلبت حمراء مضوا في طريقهم في قلب تام لنظام المرور!!
أهذا يوم الوطن؟! كسر الأنظمة؟
رقص في الشوارع، على الطريقة الشاذة من مشاهد التخلف الجماهيري لشذاذ أوروبا، تحت ذريعة التعبير عن الفرحة الوطنية!
وطن الرجولة والشهامة والمروءة ومكارم الأخلاق، يُحتفل في يوم ذكرى تكوينه بالميوعة والمراهقة وخرم المروءة، والعدوان على أهل الوطن؟!
كيف يأتلف كل هذا الشباب على هذا الرأي من دون مقدمات؟! ومن دون دعوة؟ وفي وسط مكافحة لهذه المظاهر من القطاعات التنظيمية؟!
إن شباباً مستعداً للمصادمة لكل الأنظمة ولكل الأجهزة التنظيمية، لا يمكن أن يتحرك من تلقاء نفسه عبثاً.. لا بد أن ثمة قيادة خفية تعمل من أجل هكذا إفساد، وتسعى لاغتيال حب الوطن من النفوس في يوم تجسيد حب الوطن، وتسعى لأن ينفرط عقد الوطن!
لقد كانت ليلة مريعة بكل معاني البشاعة، لقد رأيتني وكأنني في شوارع كالتي أشاهدها في بغداد نقاط تفتيش وإيقافات وفوضى، ومواكب!
غريب أنت ياوطني، يمزقونك باسم التعبير عن حبك، ويستغلون حبك لينالوا من أمنك وأمن شعبك، وتحت ذريعة الحب يهتكون أنظمتك!
لقد عشناك يوماً مختلفاً.. عشنا فيك تجربة غيابك ياوطن!
لم يكن يومنا وطنياً.. بل كان يوماً بلا وطن!
ولم يكن شعباً وطنياً.. بل كان شعباً بلا وطنية!
12/9/1428هـ