أشكر الكاتبة على طرحها الفضفاض ، والذي لامست تلابيبه ما بين القطب الى القطب ،
وإن دل إنما يدل يدل على اريحية مبنية على قناعات مترسخة ، وبسبب عموم
الموضوع ربما وقعت اشكالات للبعض ، لكن أحسنت الكاتبة في توضيح هذه
الإشكالات ، وهي الاجابات والتوضيحات اللتي عندي ايضاً
لو وجهت لي هذه الإشكالات ومن هذه التوضيحات :
 |
اقتباس: |
 |
|
|
|
|
|
|
|
مــنّ مــــــنّا لم يحـــــــزن لمـــوت قريب ؟؟
ومن منا لم تسقط دمعته لهّم أصابه ؟؟
ومن منا لم تجبره الأيام على تحمل الغصص وتجرعها بآلامها وأحزانها ؟
وليس هذا أنه من لم يحزن هو الراضي بقضائه والذي يحزن لم يرضى بقضائه ..!
نحن نحــزن مع الرضا لأن الطبيعة البشرية خُلقت وفيها قلب ينبض ويشعر ..!
الرسول صلى الله عليه وسلم سمى عاماً كاملاً ( بعام الحزن ) ولا يخفى على الجميع لما سُمّي بهذا الأسم ,, وهو يعلم علماً يقيناً بأن مُصابه ما هو إلاّ ابتـــلاء من خالقه وقدراً كُتــــب عليه قبل أن تُخلق السمـــوات بخمســين ألف سنه .. وهذا مصدقاً لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: ( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)
أخـــــــــي الفاضل:
أنا لا أتحـــــــدث عن أمور عقائدية بقدر ما أتحدث من أن بعضاً منّا قد يجعل من الحـــزن والألم والمصائب العلامة الدائمة والسجل الذي يُعرف به ,, فلا تراه إلاّ مهموماً مغموماً لا تلمح في وجهه طيف ابــتسامة , وإذا حادثته أجابك بأنه ((مقرود )) ((المصايب تلاحقني)) (( الدنيا دائم واقفة ضدي)) وما أكثــرها من إجابات تعكس تخلف قائلها ..!!
فلماذا لا نجعل أن مصائبنا امتحاناً وابتلاءً من الخالق جل جلاله ..؟
وأن الله يبتلي عباده بقدر إيمانهم .
أخــي الفاضل:
الإنــــــــسان ميسّر باعتبار ومخيّر باعتبار فنحن على مذهب أهل السنة والجماعة نقول أننا وسط بين هذين القولين ,,
فمن قال بالتخيير بإطلاق فهو أُلصق بمذهب القدرية النفاة , الذين قالوا بأن الأمر أنف وأن العبد هو الخالق لفعله , وأنه مستقل بالإرادة والفعل .
ومن قال بالتسيير بإطلاق فهو ألصق بمذهب الجبرية الذين قالوا: أن العبد مجبور على فعله , وأنكروا أن يكون له قدرة ومشيئة وفعل.
فمذهبنا قائم على أن الحق وسط بين القولين , وهدى بين الضلالتين فيقال:
هو مخيّر باعتبار أن له مشيئة يختار بها , و قدرة يفعل بها
قال تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
وهو مسّير باعتبار أنه في جميع أفعاله داخل في القدر , راجع إليه لكــونه لا يخرج عما قدّره الله له , فلا يخرج في تخييره عن قدره الله لقوله تعالى: ( هو الذي يسيّركم في البر والبحر) وقوله تعالى: ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون)
ولهذا جمع الله تعالى بين هذين الأمرين (كّون الإنسان مخيّر باعتبار ومسيّر باعتبار)
كما في قوله تعالى: ( لمن شاء منكم أن يستقيم , وما تشاءون إلاّ أن يشاء الله رب العالمين)
فأثبت عز وجل أن للعبد مشيئة وبيّن أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله واقعة بها. |
|
 |
|
 |
|
وأردتُ أن اضيف توضيحاً بسيطاً على هذه الجزئية للأخ الكاتب :
عزيزي ( راصد جماعته ) :
أعلم أن لله أرداتين :
-الأولى : الإرادة الشرعية الدينية ، وهذه يحبها الله ويطلبها وقد تحصل وقد لا تحصل .
-الثانية : الإرادة الكونية القدرية ، وهذه يحبها الله وقد لا يحبها ، ولكن لابد من وقوعها ..
مثال الأولى : إيمان ابي لهب ، يحبه الله ، وقد طلبه منه ولكنه لم يحصل .
مثال الثانية : كفر ابي لهب ، يبغضه الله ، ولأن الله أراده كوناً ، إذاً لابد من وقوعه
وأعلم أن الأرادة الشرعية هي محل الخطاب من الأمر والنهي ، فمن أطاع الله نجى ، ومن عصى الله هلك ، ومن هذه الحيثية صار الهلاك مصيراً لأبي لهب ، ليس لأن الله قدر عليه أن يكون كافراً .... أنظر لقول الله تعالى :
( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ، ومن يرد الله أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ....الآية )
والسؤال : هل تفهم من هذه الآية أن الله يريد الضلال لبعض عباده ؟
الجواب : الصحيح أن يقال : نعم كوناً وقدراً ، لا شرعاً وديناً ..
ختاماً : أرجو أن لا أكون ابعدتُ النعجة ، وأطلتُ النشرة ..
والله أعلم
.
.
.
.