العودة   منتدى بريدة > منتدى المجلس العام > المجــلس

الملاحظات

المجــلس النقاش العام والقضايا الإجتماعية

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-10-02, 12:38 pm   رقم المشاركة : 1
أباالخــــــيل
عضو مميز





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أباالخــــــيل غير متواجد حالياً
اقـرأهنا الحوارالمفتوح مع فضيلة" الشيخ" عبدالعزيزالقاسم


استفتح الحوار مع الشيخ بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم


أشكر الشيخ عبدالعزيز القاسم على تفضله بالموافقة على استضافته في الوسطية وأستأذنه في افتتاح الحوار معه بالأسئلة الآتية،،،،،

السؤال الأول :
- في ظل التحولات الثقافية في العالم العربي..... هل ترى أن في الساحة الإسلامية السعودية تحولاً فكرياً ملموسا في المرحلة الراهنة؟

ج - نعم في المملكة تحول فكري واضح ، لكن علينا أن نستحضر أن التحولات الفكرية نشاط فكري متواصل ، و لو تأملنا في تاريخنا القريب لوجدنا التحولات و إن شئنا الدقة فلنسمها عمليات التصحيح حالة متواصلة و يمكن أن نقرأ ذلك في مختلف جوانب الحياة الفكرية : في أدبيات العقيدة فقد تضمنت موضوعات و آراء جديدة تشكل تحولا في الفكر السلفي فكتاب التوحيد مثلا هو التدوين الأول لمسائل قوادح توحيد الألوهية ، و توجد اجتهادات في مسائل العلاقة بالدولة فموقف أئمة الدعوة يعتبر تحول كبير في موقف أهل السنة في هذا المجال ، بل و داخل أدبيات الدعوة نجد مواقف متعددة من قضايا كثيرة كقضايا الموقف من المخالف مثلا ، و في المرحلة القريبة نلاحظ تحولات عديدة في الموقف من قضايا متنوعة منها مثلا السفر للخارج ، و إصدار الأنظمة ، و الإعلام ، نلاحظ هذه التحولات على مستوى الدعوة أيضا فالموقف التقليدي للسلفية هو رفض الإقامة في بلاد الكفار و الواقع حاليا هو إقامة معظم المؤسسات السلفية في بلاد الكفار و اتخاذها مقرات رسمية بكل ما يترتب على ذلك من التزام بالنظم القانونية ، و ما يجري في المرحلة الحالية هو امتداد لما جرى سابقا ، و لو تأملنا التغيرات الحالية فسنجدها تدور في فلك التغيرات السابقة ؛ ذلك أن خصائصها واحدة : فأهم القضايا محل الجدل مرتبط بما يمكن تسميته بمنطقة التماس بين الدين و الدنيا من الفكر الفقهي ، أي في النظام السياسي و قضاياه الفقهية ، و قضايا الاجتهاد و حقوق المخالفين ، و قضايا الاقتصاد و المعاملات .. و هذه المنطقة من الفكر الفقهي هي منطقة الرحابة و هي منطقة الأزمات أيضا فهي تفسح مجالا لتعدد الآراء لوجود الإذن الشرعي للممارسة البشرية و من ذلك إحالة الكتاب و السنة إلى الكون و التاريخ للتفكر و استخلاص السنن ، و الإحالة إلى الأمة عبر الشورى ، و الإحالة إلى الاجتهاد ، و السلطة و العقود و الأعراف .. فهذه الإحالات تقدم ثراء للفقه و في الوقت نفسه تبقى قيود الشريعة لتفرض للأمة صبغتها التي تميزها عن الأمم ، و من خلال تغيرات الواقع و كشفها عن ثغرات الاجتهادات السابقة تصبح التحولات الفكرية أو عمليات التصحيح حالة مجتمعية متواصلة لكن ترتفع وتيرتها مع تدافع ضرورات الواقع و معارفه و نقائصه . و منذ أزمة الخليج الثانية و الساحة الفكرية في المملكة تشهد عمليات تصحيح و تحول متواصلة و يظهر ذلك جليا بمجرد استعراض أسماء الكتب الصادرة و تصفح مسائل الفكر و الفتوى المطروحة ، و بطبيعة الحال فإن تلك الأفكار تشهد ميلادا و ترعرعا و ربما شيخوخة ، و تنتهي بها المسالك إلى حالة من الاستمرار أو الزوال بحسب نصيبها من موافقة نصوص الشرع و أحوال الواقع ، و في السنوات الأخيرة تدافعت مجموعة من الأسباب رفعت مستوى المراجعة و التصحيح فمنها الانفتاح الإعلامي الذي أوهن فاعلية التقييد الاحتياطي المحلي من جهة و طرح إشكاليات جديدة من جهة أخرى ، و من الأسباب اتجاه العلاقات الثقافية و ا لسياسية في المجتمع إلى مستوى رفيع من التحاور و التفاعل – مقارنة بالأحوال الماضية - و هو ما يتيح الفرصة للتفاعل المثمر ، و يفرض المراجعة لدى مختلف التيارات و الجهات . و هذا الواقع التحاوري الجديد هو أمل التصحيح و أمل الاستقرار من جهة أخرى ، فالتحولات قائمة و ملوموسة على هذا النحو .


السؤال الثاني:
- ما مدى دقة العبارة التي تقول " للفكر السلفي في المملكة صفاته الخاصة" ؟؟وهل توافق على ذلك؟ .

ج - هذا صحيح ، فقد تميزت السلفية في المملكة بعلاقتها الوثيقة بالدولة منذ دعوة الشيخ محمد رحمه الله ، و قدم ذلك للدعوة ثراء عمليا كبيرا في مختلف القطاعات ، لكنه ترك بصماته المهمة عليها ، و أكثر القضايا إشكالية هي تضخم أدبيات الشدة على المخالف و ارتباطها بقضايا التكفير هذا من ناحية و من ناحية أخرى اضمحلال الإهتمام بالحوار و الاقناع في مجال العلاقة بين الدنيا و الدين فمثلا صدرت الفتاوى بتحريم شراء كتب القانون و تحريم دخولها للمملكة في الوقت الذي تصدر الفتوى بوجوب طاعة ولي الأمر و تأثيم من يخالفه و ولي الأمر يحكم من خلال الأنظمة كما نعلم ، و النتيجة من هذا الاضطراب هي اضمحلال القدرة على تقديم فقه لأعمال الدولة يضبطها بالشريعة و يرعى مصالح الناس فنشأت الازدواجية التشريعية كثمرة لضعف التحاور . كما أن صلة الدعوة بالدولة أدى إلى اختلاط المواقف السياسية بالمبادئ الشرعية فأصبحت بعض المواقف مبادئ يراد لها التعميم في الوقت الذي لم تطرد حتى في تطبيقات الدعوة و المراجعة التي تتم في تراث الدعوة لم تصل إلى الوضوح الوشفافية رغم وجودها داخل هذا التراث نفسه ، هذه إحدى سمات السلفية في المملكة ، و من سماتها أيضا ضعف أدواتها البحثية فهل ننسى أن الاتجاهات الكلية في البحث الفقهي جاءتنا من المدارس المصرية و المغربية و لم تستوطن حتى الآن رغم سنوات العطاء الجامعي ، و هذا الضعف أوجد خللا كبيرا في الأولويات الفقهية أجلاها ظهورا عزلة الدراسات الفقهية والعقائدية عن القضايا التي تمس الحياة العامة الناس و الفقه مقصوده الأعظم العمل أو التغيير باللغة المعاصرة ، و من سماتها – سلفيتنا - أيضا ارتباطها بوسائل السلطة و هذا الارتباط أدى إلى تركيزنا على التغيير عبر مؤسسات السلطة و اضمحلال التغيير – خاصة مع التيارات الفكرية الحديثة - عبر الحوار و الدأب العلمي و الفكري و قد ترتب على هذا الواقع الضعف الفكري من جهة و ضآلة القدرة التغييرية ، و تبقى لدينا سمات إيجابية بلا شك منها كثافة التعليم الشرعي ، و القرب من الواقع مقارنة بالسلفية في كثير من البلدان و غير ذلك .

السؤال الثالث:
-لاشك أن لكل ثقافة أولويات ترتبط في بيئتها..... فكيف ترتب الأولويات الثقافية في المجتمع السعودي؟
ج - ترتيب الأولويات تحكمه مجموعة من العوامل منها التخصص و مدى العلاقة بالقطاعات و المصالح الحياتية فهي لا تخضع على المستوى الوطني أو الإقليمي للتقييم الفردي ، لكن لدينا مؤشرات عديدة يمكن إثارتها منها : الحاجة إلى إحياء فقه الكليات حتى ترتفع فاعلية الفكر الإسلامي في التأثير على الواقع و لتقليص التشرذم و الاختلاف حتى لا يعود على أصل التدين بالنقص كما يجري حاليا . ومن الأولويات إحياء ثقافة التأثير السلمي و الحواري لتحقيق الإصلاح في المجالات الثقافية و السياسية و تطوير أدواته الحديثة مثل أدوات الإقناع و الضغط و البحوث الموضوعية المتخصصة التي تبرز الحجج المصلحية بدلا عن محاولة التأثير عبر التشهير أو التهويل ، و من الأولويات إدماج المصالح الدنيوية في التفكير الديني لكي تحقق التوعية الدينية المصالح الدنيوية باعتبار المصالح الدنيوية من فروض الكفايات التي نأثم بتهاوننا فيها ، و يترتب على هذا الإدماج العمل الجاد على تقريب التخصصات الدنيوية – خاصة في العلوم الإنسانية – من الشريعة من خلال التعجيل بتوجيه الجهود نحو تدوين الفقه الكلي المرتبط بها كالكليات الشرعية في مجال الاقتصاد و الكليات الشرعية في مجال العلوم السياسية ، و الكليات الشرعية في علوم الاتصال .. و هكذا و من الناحية الأخرى تنشيط التفاعل مع هذه العلوم لتعجيل ميلاد علوم إنسانية متسقة مع شريعتنا و حاجاتنا و هكذا .. و على الضفة الأخرى فالتيارات الحديثة مطالبة بالتجديد و خاصة في اتجاه الاهتمام بالقيم الشرعية الكلية ، و استلهام أدوات الحوار الأصولية و الفقهية ، و توجيه اهتمام تلك النخب بالقضايا الإصلاحية التي تمس الحياة العامة للناس ..
السؤال الرابع:
- ليسمح لي الشيخ عبدالعزيز بنقل ما أسمع من أنه شخصياً مصنف ضمن تيار تنويري له أطروحات مخالفة للاتجاه السلفي..... فما رأيك ؟ و ما مدى صدقية هذا التصنيف من وجهة نظرك.

ج - يجب ألا يكون التصنيف هاجسا يحرك مواقفنا ، فالأصل هو الاجتهاد في اتباع الحق و مجاهدة النفس للتخلص من شهواتها طلبا لمرضاة الله تعالى ، و يبقى التصنيف بلا معنى لأنه استنزف في معارك فيها الحق و أكثرها باطل، و لو ذهبنا نتتبع الفرق الفرعية داخل هذا الاتجاه أو ذاك لوجدنا بعضها ينابز بعضا بالألقاب بالباطل في معظم الاحيان ، و لو كان للتصنيف حجية لكانت حجيته متناقضة فنقطة المثالية الشرعية - بغض النظر عن اسمها الذي نطلقه عليها – يستحيل تعريفها من خلال قواعد التصنيف و لهذا فلا مناص من تجاهله و الإقبال على الحدود الشرعية التي تتضمنها النصوص الشرعية . و من جهة أخرى فما الاتجاه السلفي الذي تشير إلى مخالفته فلدينا سلفيات متشرذمة بعضها يتبرأ من بعض ، و لهذا فالتحليل و التحريم – في الرأي – من خلال هذا المعيار يستحيل ضبطه و لن يستقر سوى الاحتجاج بالكتاب و السنة في مسائل الشرعية ، و لهذا ربما يكون السؤال الأفضل هو طرح القضايا من خلال النصوص الشرعية بدلا من الشعارات المذهبية ، و أنا شخصيا لا أبالي بالتصنيف لهذا الاعتبار و نتيجة لذلك فأنا لا أدعي هذه السلفية التي مزقها التشرذم و تعددت مرجعياتها و إنما هو النص أو الاجماع و قواعد الاستدلال المقررة في الأصول ، و الذين جربوا التميز بهذه الألقاب مزقتهم شر ممزق كما شاهدنا .

السؤال السادس:
- مما يثير القلق أحياناً في التحولات الفكرية المعاصرة قضية الحدود التي تقف عندها هذه التحولات وإن شئت فقل سقفها .....فهل من تعليق _مشكوراً.

ج - الحدود هي أصول الشريعة بطبيعة الحال ، و لكن لماذا لا نعكس السؤال لنقول
ما الحدود التي يقف عندها التشديد أو التقليد ، و الحدود التي يقف عندها الضعف العلمي ، و هكذا بمعنى آخر إن التغيير لم يظهر في مختلف المراحل إلا نتيجة للأزمة ، و الأزمة – من الناحية الفقهية - مصدرها خلل في الفقه السابق ، ف( الفقه الصحيح ) يحل المشكلات و لا يفجرها ، فإذا وجدنا في فقه تجاهل الإعلام هيمنة للإعلام الملتهب بإثارة الغرائز فلنراجع فقه تجاهل الإعلام ، و إذا وجدنا في فقه تجاهل الاقتصاد المعاصر هيمنة للاقتصاد الربوي فلنراجع هذا الفقه ، و على هذا المستوى فإننا نشاهد تحولات حتى داخل السلفية بفروعها المختلفة فاستخدام الإنترنت بهذه الكثافة يعتبر تحول هائل في الموقف من وسائل الإعلام و هذا التحول ناتج عن اكتشاف المصلحة رغم أن كمية الفساد الأخلاقي و الفكري في الانترنت أضعاف ما في وسائل الإعلام . و يمكن أن نقلب السؤال بطريقة أخرى لنتساءل عن سقف التحولات التي تمت في الفكر السلفي خلال العقود الأخيرة ما سقفها ؟. و نحن نشاهد في تلك التحولات مخالفات تناقض أصولا كبرى في الشرع مثل اقتران الولاء و البراء بأفكار مذهبية أو مؤسسية ، و منها تعطيل فروض كفائية بحجج مصلحية ، و منها التحاب و التهاجر على الموافقة و المخالفة ، و منها استباحة وسائل الإعلام التي نملك إليها منفذا يختص بنا .. فلماذا لم نطرح حدود التحول في هذه القضايا ؟. و في كل الأحوال علينا أن نستحضر أن الخصومة الكبرى إنما هي مع النظم القيمية التي تقتحمنا بها الحضارة المعاصرة المخالفة لقطعيات الدين ، و التأثير في هذه النظم القيمية لن يتحقق من خلال التفكير الجزئي بل من خلال النظم الكلية أو بصيغة أدق من خلال فهم النظم الكلية المعاصرة و تصحيحها ، و هذا النوع من العمل يتطلب جهودا هائلة قد تؤدي إلى أخطاء اجتهادية بيد أن ذلك الخطأ أهون من الإعراض عن المواجهة عبر الإنكفاء و الخلاص الفردي . و سيكون النقد و النصح ضمانة لتصحيح الأخطاء .

السؤال السابع:
- بصفتك متخصص في أصول الفقة إلا أن خصومك يتهمونك بالانشغال بالقضايا الفكرية وإهمال العلم الشرعي...... فهل تتفق معهم بأن الأولى مواصلة تحصيل العلم الشرعي بما في ذلك ثني الركب عند أهل العلم؟

ج- محور الإشكالية هنا في تحديد معنى العلم الشرعي فالفكر إذا تناول مصلحة دنيوية بما يتسق مع أصول الشريعة و إذا أردنا الدقة فلنقل بما لا يناقض أصول الشريعة فهو علم شرعي لأن المصالح الدنيوية من فروض الكفايات ، بل إن المصالح الدنيوية الضرورية مثل تحصيل القوة التي تحمي الدين و الأنفس فرض كفائي تأثم الأمة بعدم تحقيق الكفاية فيه ، و هو من جهة ثانية باعتباره من الضروريات مقدم على المصالح الحاجية فضلا عن التكميلية ، و من جهة أخرى فإن الاشتغال بالفقه الدنيوي أو فقه المعاملات بالمعنى العام الذي يشمل العلوم الإنسانية و غيرها أو ما يسمى بفقه العاديات اشتغال بالعلم الشرعي ، و لو قارنا بين الحاجة إلى هذا العلم و بين إيجاد مزيد من المتخصصين في فقه العبادات مثلا فسنلحظ بوضوح أن كمية الوفرة في الثاني – فقه العبادات – قد أسقطت الفرض الكفائي و زيادة في الوقت الذي تعاني الأمة من النقص الشديد في فقه العاديات باعتباره محتلا بكامله من قبل الفكر الغربي الحديث ، و ما نستنتجه من هذا هو أن فقه العاديات هو الفريضة العلمية المتعينة التي لم يقم بها من يكفي و يعلم كل متخصص مقدار الندرة التي تعانيها الجهات ذات العلاقة في الداخل و الخارج ، و ما يثلج الصدر هو اتساع الاهتمام بهذا المجال في الفترة الأخيرة ، و لهذا تعتبر المملكة أضخم أسواق الكتاب الفكري حاليا على مستوى الدول العربية رغم أنها أقل من عشر العالم العربي بكثير . و هذا الاقبال يكشف من جهة أخرى ضخامة الفراغ السابق .

السؤال الثامن:
- يعتبر موضوع الأخلاق أو على حد تعبير بعض الفضلاء "حراسة الفضيلة" أحد محددات الفكر الإسلامي في المملكة، ألا تشعر بخطر يهدد الأخلاق بسبب رواج ما يسمى بالأفكار التنويرية التي تجرف المجتمع نحو تتبع الرخص المؤدية إلى الإضرار بالمعروف ونشر المنكر؟.

ج- الفضيلة قيمة إنسانية و تعظيمها لا يختص به مجتمع دون غيره و إن تفاوتت فيه الأمم بلا ريب ، و لهذا قد تسقط حكومة كاملة في مجتمع غربي بمجرد فضيحة أخلاقية لأحد رموزها في الوقت الذي تعتبر فيه الفواحش الكبرى امتيازات مقدسة لدى رموز القوة – سياسيا و ماليا .. - في المجتمعات الإسلامية ، و من جهة أخرى فإن تنظيم المجتمعات المعاصرة قد قامت بتنظيم حماية الفضيلة بقوة تفوق ما نتميز به بمراحل لا توصف ؛ إذ يكفي أن يتورط الطبيب مثلا في استغلال مريضته ليتم حرمانه من ممارسة المهنة على التأبيد إضافة إلى الحبس و التشهير ، و قد نشر الإعلام الأسبوع الماضي خبر المحامية التي تورطت في الفاحشة مع موكلها فعصفت بها إجراءات المحاسبة التي ستنتهي بها إلى الحرمان من المهنة بموجب قانون ينظم ذلك . و تتبع تنظيم حماية العرض في الحياة المعاصرة يطول ، بيد أن هذا لا ينفي وجود اختلاف جذري بيننا و بين المجتمعات المعاصرة في معايير الأخلاق كاستباحتهم للزنا الاختياري بين البالغين ، و استباحتهم للخمر و الشذوذ .. و ما أردته من هذه المقدمة هو التأكيد على تفريطنا الشديد في حماية الفضيلة عبر الوسائل الفعالة ، و لن يجدي التركيز على ما يمكن تسميته بالتصعيد الفقهي من خلال الهواية المفضلة التي يمارسها بعضنا و هي الاشتغال بحسم الخلافيات التي وسع الأمة الاختلاف فيها منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم ، و قد وقع مجتمعنا في هذا الفخ فعليا فكلما ظهرت مسألة خلافية انطلقت مباراة علمية هدفها حسم الخلاف و ليس معالجة الواقع بالوسائل العديدة المتاحة . و من هنا فالخطر على الأخلاق يكمن في غياب التجديد الذي يستثمر الأدوات المتاحة لحماية الاخلاق ، و لنضرب مثالا لهذا بما يسمى في فلسفة الأخلاق بالأخلاق العملية و هو علم مستقل ما كتب في فروعه الطبية من أبحاث تتوخى حماية الأخلاق في مجال الطب يتجاوز مجموع ما كتب في الحسب في الفكر الإسلامي ، و الثمرة الطبيعية لهذا التفاوت بيننا و بينهم في الأدوات هي الفقر الشديد في فقه الفضيلة في المجال الطبي ، و ما يقال في الطب يقال في العلاقات المهنية الأخرى و الأماكن العامة فضلا عن غيرها . و إذا توهمنا أن الفضيلة تحرس بتصعيد الخلاف فإن أمامنا مهمة جسيمة تتمثل في اجتثاث ما يخالف اختياراتنا من كتب الفقه و الآثار بل و النصوص ، و هذا مرتقى صعب ، و لا أعلم كيف يمكن التعدي على حدود الله المحكمة من خلال الرخص ، و أختم بأن من الجور اختزال الدعوة إلى التصحيح في أفكار تطرح هنا أو هناك في هذه الرخصة أو تلك ، في الوقت الذي تعالج الدعوات التصحيحية الوسائل الحديثة لتسخيرها لحماية حدود الله و تحقيق العبودية له . و تقبل تقديري أخي د. محسن و جميع القراء .







التوقيع


أيها ذا الشاكي وما بك داءٌ * كن جميلاً تر الوجود جميلا

 
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 06:33 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة