خرجت من البيت .. وأنا في حالة جيده .. وعدت محطما مهزوما .. مشوشا عطشانا جائعا .. الناس كثيرين .. والزحام يتزايد في هذه البقعة ألصحراويه الغير ملائمة إلا للندرة .. ندرة البشر وندرة مصادر الغذاء .. وندرة مظاهر الحياة كلها .. ما الذي قذف بي في نار جهنم هذه .. ما الذي جاء بي عند الملائكه !! اذن الظهر .. وسرت تلك الروح الغريبه في الجموع .. روح الفرار والهرب وترك كل شيء بحجة لقاء الله ! فرار في كل الاتجاهات الى الاخره .. الى الدنيا .. الى الشيطان .. الى الاماكن المتواريه للتدخين او لتأمل الظهيره الحارقه .. الى الأختباء عن الله .. كان الشيطان مرتديا شماغا احمر وقد وقف في فمه مسواك طويل ..لم انتبه له كدت اتجاوزه .. كنت في طريقي للخروج .. عندما سمعت صوتا يقول : وين الناس ؟؟
فز قلبي بخوف .. اصلحت شماغي الاحمر .. قلت : سأصلي !
صاح في داخلي صوت يقول : لماذا لم اولد في بقعة جميلة خضراء .. ماالذي جعل ابي الاشهب الالهب لايهاجر الى بلاد جميله .. الى بلاد اهلها اجمل وارضها اخصب واجوائها ابرد و شياطينها اقل ..!! تعلقت بهذا المكان وتورطت .. كنت في وسط الجامع الكبير .. استمع الى صوت ولد ابن م**.. الذي يرتل الاذان بلا اي جمال .. بنفس نغمة ابيه التراثيه النجديه الامره المتسلطه الواثقه بامتلكها الحقيقه بلا حس ولا رقه .. فقط صوت كيفما اتفق صوت !!
لماذا لا اصرخ فيهم : تعبت ! .. لماذا لا اقول اني مللت .. انني اتنفس نفاقا ..!
لماذا لا اخرج من خوفي .. من ذلي ..
( انتهت الرسالة التي وصلتني .. فجأة .. شعرت ان لها بقية ما .. )