السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
(( بل.. مهلاً يا دكتور وليد الرشودي ..!! ))
ربما نكون في حاجة ماسة لحرب أهلية طائفية لا تبقي ولا تذر..!! ، حتى تتحول مدننا إلى مدن أشباح خالية من معالم الأمن والأمان ..!! ، حتى تطفح بالدماء..!! ، حتى تتناثر الأشلاء في كل مكان..!!، حتى تتشكل فرق موت تحمل الهوية السعودية (!) وجواز السفر الأخضر..!! ، حتى تهتز أسواقنا بدوي الانفجارات ..!! ، وتمتلئ شوارعنا بمشيعي الجنائز ..!! ، وتتحول مخططاتنا إلى مقابر جماعية..!!
لا أعرف إن كان هذا ما يريده الدكتور وليد الرشودي- وفقه الله- حتى يستوعب معنى التعايش الطائفي وأهميته ..!! ، وقد كنت قرأت مقالته "مهلاً يا دكتور عائض القرني" التي رد فيها على مقالة الشيخ "ميثاق التعايش الطائفي" فوجدتها رثة في مضمونها، تميل إلى الفضائحية ومحاولة إسقاط الشيخ أكثر من توجيه نقد بناء أو اعتراض على فكرة مخالفة، فبدأ بحشو مقالته الساخطة بما يعتقد بأنها أخطاء سابقة تحسب على الشيخ وهي ليست كذلك بالضرورة، كما أنها خارج سياق المادة الفكرية المطروحة من الأصل، ثم استدل بحديث إن صحت روايته لم تصح دلالته، ثم أطلق حكماً مسبقاً بفشل الميثاق!، ثم استعرض الأسطوانة الشهيرة التي سئمنا سماعها، والتي تبدأ بسب الصحابة- عليهم رضوان الله- وتمر بالتقية وتحريف القرآن ولا تنتهي بابن العلقمي ..!! ، ثم مارس الوصاية وسوء الظن عندما اتهم الشيخ باستغفال الناس، و عبر عن مخاوفه من افتتانهم بالشيخ!، ثم أكد على الأحادية والإقصاء عندما أراد من الشيعة أن ينظروا إلى عقيدتنا ورموزنا بنفس المنظار الذي ننظر منه!، ثم وضع النصيحة في موضع الحجة كما هي عادة هذه المدرسة الفكرية..!!
لقد حفظنا هذه الأسطوانة (صم!) ولسنا بحاجة إلى تدويرها على أسماعنا في كل شاردة وواردة، نحن نعرف تماماً من هم الشيعة، ونؤمن إيماناً راسخاً بأنهم على ضلال لا تخطئه العين، وهم كذلك يؤمنون بأننا على ضلال، وعندنا وعندهم فتاوى بالتكفير المتبادل، ونعرف بأن فيهم من يسب الصحابة وو... إلخ، ولكن المقام هو مقام الحديث عن التعايش وليس العقيدة، والتعايش عندما يطرح كحل يكون بين المختلفين بداهة لا بين المتفقين!، والتعايش لا ينفي الاختلاف ولا يدعو للاندماج ولا يمنع من المحاججة ولا يخلو من المداحضة، بل بالعكس قد يكون سبباً في تخلي الشيعة عن سب الصحابة أو على الأقل الجلوس لطاولة مفاوضات حول كل النقاط العالقة ومراجعتها بهدوء مع العلماء، الأمر الذي سيكون في صالحنا ما دمنا نملك البيان والحجة.
في العراق استفادت أمريكا من تأجيج النزعة الطائفية التي انتهت بفتنة كمبارك الإبل ، تشيب لهولها مفارق الولدان!، استفادت عندما وزعت النفوذ وقسمت الخريطة وفق خطة محاصصة طائفية اثنية بغيضة تفتح المجال لفدرلة العراق ومن ثم تقسيمه إلى أجل غير مسمى!، استفادت عندما استنزفت المقاومة السنية في حرب ليست حربها الأساسية، حرب أسقطت المقاومة شعبياً وجرتها إلى استهداف الأبرياء، ونحن نعلم يقيناً بأن الكثير من العمليات التي كانت تستهدف الأسواق والمساجد والحسينيات كانت بيد المحتل لا بيد عمرو!، ثم استفادت عندما استغلت هذه الحرب الطائفية لتجعلها ورقة اختلاف وتشظٍ (!) في داخل المقاومة العراقية السنية!، فأين كانت المقاومة العراقية قبل الحرب الطائفية وأين باتت الآن..؟
واليوم تسعى الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل بكل ما لديها من قوة إلى تهويد القدس وتهديد الأقصى مستفيدة من جملة معطيات يبرز انشغال المسلمين بالنزاعات الطائفية كواحد من أهمها!،
اليوم تبدو المنطقة برمتها على صفيح يلتهب سخونة من قضايا توارثناها عبر الأجيال كابراً عن كابر! ، اليوم تقفز فكرة التعايش مع الطوائف الأخرى لتشكل- على صعوبة إنجازها- و في أقل أحوالها هدنة نتفرغ فيها لأعدائنا الحقيقيين، واليوم يقدم الشيخ الدكتور عائض القرني اقتراحاً متبادلاً نتنازل فيه (فقط) عن السباب والشتائم وتأجيج النزعات الطائفية، في مقابل الأمن والأمان وإعمار الأرض والتفرغ لما هو أهم، فأين أخطأ الرجل..؟؟
طيب الله أوقاتكم
بقلمي : منصور القحطاني
منقول