القصيم ( بريدة ) .. المدينة المغضوب عليها ..

[محمد المعتق]

مدخل :

في الأردن ..
و في عهد الملك حسين ..
كان الأمير الحسن ..
وليا للعهد لأكثر من 35 عاما ..
و كان الملك الحسين كلما أراد أن يتكلم عن الأمير الحسن ..
قال :
( أخي و قرة عيني ) ..

و قبل وفاة الملك حسين بأيام ..
حضر للأردن ليخلع الحسن ..
و يعين بدلا عنه ابنه ( عبدالله وليا للعهد ) ..
ليتولى الملك بعد وفاة أبيه ..

الأردنيون ..

وضعوا نكتة معبرة ..
يقولون :
( السيرة الذاتية للأمير الحسن :
35 عاما قرة عين .. ) ..

القصيم - بريدة ..
البلد المغضوب عليه ..

القصيم .. و تحديدا بريدة ..
كانت تحظى بكثير من الاحترام و التقدير لدى الدولة - سددها الله - ..
فقد كان الملك عبدالعزيز رحمه الله يفاخر بهم ..
كما كان خلفه من أبنائه ..
مرورا بالملك سعود ثم الملك فيصل ثم الملك خالد ..
ثم الملك فهد .. رحمهم الله ..
ثم الملك عبدالله - أدام الله عليه الصحة و العافية ..
إلى و لي العهد سلطان - شفاه الله وعافاه و رده سالما ..
الذي قال ( المملكة جسد و القصيم قلبها النابض ) ..

كنا نسمع ذلك من آبائنا و من يكبرنا سنا ..
حتى أصبحنا نشعر بأن أهل بريدة لهم منزلة خاصة ..

و في زيارات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لمناطق المملكة ..
كان سخيا - كعادته - في كل منقطة أو مدينة تقع قدمه عليها ..
فأسبل الخير و العطاء ..
حتى لهجت الألسن له بالدعاء ..
و القلوب غمرها له الحب ..

في بريدة ..

كنا ننتظر زيارته الكريمة المشرفة ..
و كنا نتحاور عن المشاريع الضخمة التي ستهدى للمنطقة و أهلها ..
فكم منطقة منحها عشرات المليارات ..
و أخرى اعتمد فيها المشاريع الضخمة ..
التي ستغير حتما وجه المنطقة بكاملها ..
خاصة في ما يخص البنى التحتية ..

لذلك كانت الآمال كبيرة بحجم حضوره ..

حضر أعزه الله إلينا ..
و كنا - ورب الكعبة - نراهن على هديتنا ..
و على ما ستحظى به بريدة
( التي تحظى بالتقدير من الدولة من مؤسسها إلى أصغر فرد في الأسرة المالكة ) ..
لذلك كانت الطموحات كبيرة للغاية ..
و الآمال عريضة بحجم الكون ..
و الاستعداد النفسي هائلا بحجم السعادة ..

و بدأت كلمته - سلمه الله - ..
متحدثا لأهل بريدة ..
موجها و معلما و مربيا ..
ثم معاتبا لما يحدث من قضايا في الدولة ..
و خاصة في قضايا الإرهاب ..
بطريقة تليق بمنزلته الرفيعة ..
فكان مفوها رائعا ..

ثم يغادر - حفظه الله - ..
و قد نهلت المناطق من خيره الكثير ..
و شبعنا صفعا على وجوهنا ..
فلا مشاريع ..
و لا مدن صناعية ..
و لا حتى طريق يحمل اسمه هدية منه ..
و كأننا نحاسب على ماحدث .. !

تلقينا تلك الزيارة ..
بقلوب تعرف حكام هذه البلاد ..
و مدى حكمتهم و سعة صدورهم ..
و أنهم يرون ما لا نرى ..

ذهب ذلك الحدث العظيم ..
و بقينا نصارع إكمال مشاريعنا ..
التي تحاول الأمانة ( شحذ ) أموالها من مشاريع أخرى صغيرة ..
و بقينا نعاني من كل شيء ..
الأمانة .. الصحة ... إلخ ..
و شباب لم يحظوا بفرصة عمل ..

اليوم ..

تجدد الجرح عندي ..
و أنا أتابع لحال بريدة ..
و هي تؤكل من كل جانب ..
و تقطع أوصالها ..
لتنزف شرايينها دماء كانت أولى بها لحياتها ..

اختراق كامل تام ..
مواطنون من كل حدب و صوب يأتون ليسكنوا فيها ..
ليسوا ممن يثرون إذا حضروا ..
و وظائف كثيرة تذهب إلى هنا و هناك ..
و مناصب تتطاير كشظايا قنبلة عشوائية ..

و كأن بريدة أصبحت المدينة المغضوب عليها ..

مخرج :

أرجو ألا يكون حظنا ..
كحظ الأمير الحسن ..
( قرة عين 35 عاما .. و نهاية مؤسفة ) ..

إن كل ماحدث في المملكة ..
لم يكن مصدره من بريدة ..
بل إن الإرهاب ابتدأ من الرياض ..
و من شباب لم يعرفوا أرض بريدة ..
ثم استشرى الأمر حتى وصل بريدة كما وصل غيرها ..