كنت أتصفح موضوعاً في أحد المنتديات ، وحينما كنت أقرأ الردود لفت انتباهي معرف فتاة سمـّت نفسها بـ (الحـالمـة) ، فتأملتُ قليلاً ... هل هناك فتاة (غيرُ حالمة) ؟ لا أظن ذلك ! يا إلهي ! ما أصعب أن تنظر للأشياء بنظرة مختلفة عن الآخرين ، المشهد واحد ، والزمن واحد ، ولكن النظرة مختلفة ..!!
أجلس أمام التلفاز مع أختي ، فتـُعرض بعض المشاهد الطبيعية ، أهـيـم فيها ، تراني أمام التلفاز ، ولكني حقيقة أعيش (داخل) تلك المشاهد ،، أُتمـتم بكلمات تعبر عن (سكوني) داخل تلك اللوحات الرائعة ، فتقطع علي أختي ذلك الاندماج : " هامة ! كفى ! خيالكِ واسع ! لا تقتليني بخيالاتكِ ..!! "
وقت الغروب ،، وفي ذلك الجو (القـَارّي) أخرج إلى فناء المنزل ، لأشاهد (الغروب) ..!! أحـَدق بالشفق ! وبــ(كرة) الشمس الراحلة ! أتمنى أنني في تلك اللحظة أمام أحد الشواطئ (الإيطالية) ، أو فوق جسرٍ يطل على الماء ..!! فأنا أعشق هدير الماء ورطوبة الشواطئ ..!! تولد فيني شعوراً لا يوصف ..!! وكأنني لا أعرف الصحـراء ..!!
فيما سلف من الزمان ، أيام الدراسة ، كانت هناك سـَاحة ، أرضيتها شبه بالية ، وفي تجاويفها تراب ، وفي ناحيتها شجرة متوسطة الطول ، وحولها شيئاً من الرمل والمساحات الخضراء ،،، ولكن ... بعيني هامة الوضع مختلف ..!! فأنا عندما أُقبل كل صباح إلى تلك الساحة أرفع بصري ناحية تلك الشجرة ، وقد تخللتها أشعة الشمس في أول شروقـها ، لتـُبرز بعض أغصانها وتشتت بعضها من شدة الضوء ، وكأنني سألتقط لها صورة (ماكرو) ..!!
ما أن أصل أمام تلك الشجرة ، حتى آخذ نفساً عميقاً - وأنا أرى بريق الضوء على أسطح الرمل والمسطحات الخضراء وأرضية الساحة - يجعل الدم يسري في عروقي من جديد ، وأنا أشعر بنشوة الخيال الجامح ولذته ..!!
أعمد كل صباح أن أمر في تلك الساحة لأجل أن أستمتع بذلك المنظر الجميل كما رسمته في مخيلتي ، فأشعر وكأنني في أحد حدائق (سويسرا) !! ، ولا أَسلَم طبعاً من ضحكات صديقاتي وتعليقاتهن ، فأنا برأيهن (حـالمـة) بلا حدود ، و (رومـانسية) فوق المعقول ..!!
هل تعتقدون أن (حمران النواظر) هي الوحيدة القادرة على التخيل لأبعد الحدود ؟! هل تعتقدون أن (نزار قباني) هو الوحيد الذي يحمل مشاعراً تثير إعجاب كل من قرأ وصفها ؟! كلا ..!! فقط أولئك استطاعوا أن يوظفوا (لغتهم) للتنفيس عما يدور في خـُلدهم من مشـَاعِر أو تخيلات ! أما نحن ..!! فتتولـّد مشاعرنا ، وتضيق بنا تخيلاتـِنا ! ولكننا لا نملك ريشةَ فنـّان ! ولا عدسةَ مصـَور ! ولا قلمَ أديبٍ أو شـَاعر ..!! فنضيقُ بها ذرعاً ونظلُ نعيش تحت سيطرتها .. ووسط أمواجها .. وأمام تياراتها ..!! ولكن ،،، ما النـهـايـة ؟
ما الحل ؟ أشعر أنني أعيش في عالم مختلف عما يعيش فيه غيري من الناس ! لكل شي أمامي منظر مختلف عن غيري ! هدوء الليل ، ضوء القمر ، منظر البحر ، جماعات الخيول ..... كلها مختلفة في عيني ! نظرتي لها نظرة (عاشق) ، وتنهيدة (مهموم) ، وأحاسيس (شاعرٍ هاوي) ..!! تـُسكرُني (النسمة) ،، وتـُطربني (النغمة) ،، فرُحـمـاك ربي ..!!
أخشى أن أصطدم بالواقع ! وأن يأتي يوماً من يقول لي : " هامة ! أفيقي ! أنتِ في عالم آخر ، يجعلكِ لا تشاركيننا عالمنا ..!! " ، لستُ بـ (مراهقة) ، لأمضي أيامي على مضض وأنا أنتظر انتهاء تلك المرحلة ..!! ولست بمدمنة (أفلام) ، لأقول أن (هوليوود) قد سيطرت على مخيلتي فأهجرها ..!!
فهل كل فتاة (حـالمـة) ؟
وما مصيرها ؟
وما الحل للخروج من ذلك العالم إن كان سيسبب لها مشاكلاً ؟
العرض الشجري