وددت أن أكون عارفاَ للإدخار ووسائله وسبق أن طرحت موضوع عن كيف إدخر واستثمر بعض من القليل ؟
ولكن الكنترول في الصرف على من حولي من وخاصة ولدي
لم استطع ان أضع له حدود واتصور أن الأمور تتطور أكثر
واعتقد انه ليس من الكرم ولكنه عاطفة أساسية في داخلي
مثلآ على قلة حيلتي اجلب له مايريد من الالعاب دفعة واحدة
بما يزيد عن 10.000 ريال وهي بطبيعة الحال لدي
لاتساوي شيئاَ لكي
أرى فرحته بتلك الأشياء الجديدة والحدبثة وخاصة في الالعاب الالكترونية .
لقد جلب لي الصداع هذا الكرم او الدلع او البذخ
من كلام البعض وإني سوف أدمر ولدي بتلك الطريقة .
وبصراحة انا من المتطرفين في الصرف وخاصة على نفسي
ومن هم قريبين مني .
وهذا من الصغر .
والآن يحتار الواحد
هل يمسك ويقال عنه بخيل او يهب لمن يشاء كل مايريده ويكون مبذراَ ومسرفاَ ؟
* النقطة الوحيدة الذي فلحت فيها هي الإدخار التعليمي
بعيداَ عن الشرق الأوسط .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
والبخل كما عُرف
هو: الإمساك عما يحسن السخاء فيه، وهو ضد الكرم.
والبخل من سجايا الذميمة، والخلال الخسيسة، الموجبة لهوان صاحبها ومقته وازدرائه، وقد عابها الإسلام، وحذر منها تحذيرا رهيبا.
قال تعالى: ((ها أنتم تُدعون لتنفقوا في سبيل الله فنكم من يبخل، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء))(محمد: 38).
وقال تعالى: ((الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، ويكتمون ما آتاهم الله من فضله، واعتدنا للكافرين عذابا مهينا))(النساء: 37).
وقال تعالى: ((ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة))(آل عمران: 180).
صور البخل
والبخل ـ وإن كان ذميما مقيتا ـ بيد أنه يتفاوت ذمه، وتتفاقم مساوئه، باختلاف صوره وأبعاده:
فأقبح صوره وأشدها إثما، هو البخل بالفرائض المالية، التي أوجبها الله تعالى على المسلمين، تنظيما لحياتهم الاقتصادية، وإنعاشا لمعوزيهم.
وهكذا تختلف معائب البخل باختلاف الأشخاص والحالات: فبخل الأغنياء أقبح من بخل الفقراء والشح على العيال أو الأقرباء أو الأصدقاء أو الأضياف أبشع وأذم منه على غيرهم، والتقتير والتضييق في ضرورات الحياة من طعام وملابس، أسوأ منه في مجالات الترف والبذخ أعاذنا الله من جميع صوره ومثالبه.
علاج البخل
وحيث كان البخل من النزعات الخسيسة، والخلال الماحقة، فجدير بالعاقل علاجه ومكافحته، وإليك بعض النصائح العلاجية له:
1 ـ أن يستعرض ما أسلفناه من محاسن الكرم، ومساوئ البخل، فذلك يخفف من سورة البخل. وإن لم يُجدِ ذلك، كان على الشحيح أن يخادع نفسه بتشويقها إلى السخاء، رغبة في الثناء والسمعة، فإذا ما أنس بالبذل، وارتاح إليه، هذب نفسه بالإخلاص، وحبب إليها البذل في سبيل الله عز وجل.
2 ـ للبخل أسباب ودوافع، وعلاجه منوط بعلاجها، وبدرء الأسباب تزول المسبَبَات.
وأقوى دوافع الشح خوف الفقر، وهذا الخوف من نزعات الشيطان، وإيحائه المثبط عن السخاء، وقد عالج القرآن الكريم ذلك بأسلوبه البديع الحكيم، فقرر: أن الإمساك لا يجدي البخيل نفعا، وإنما ينعكس عليه إفلاسا وحرمانا، فقال تعالى: ((ها أنتم تُدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ، والله الغني وأنتم الفقراء))(محمد:38).
وقرر كذلك أن ما يسديه المرء من عوارف السخاء، لا تضيع هدرا، بل تعود مخلوفة على المسدي، من الرزاق الكريم، قال عز وجل: ((وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه، والله خير الرازقين))(سبأ: 39).
وهكذا يضاعف القرآن تشويقه إلى السخاء، مؤكدا أن المنفق في سبيل الله هو كالمقرض الله عز وجل، وأنه تعالى بلطفه الواسع يرد عليه القرض أضعافا مضاعفة: ((مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء من عباده، والله واسع عليم))(البقرة: 261).
أما الذين استرقهم البخل، ولم يُجدهم الإغراء والتشويق إلى السخاء، يوجه القرآن إليهم تهديدا رهيبا، يملأ النفوس ويهز المشاعر:
((والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكتنزون))(التوبة: 34ـ35).
ومن دواعي البخل: اهتمام الآباء بمستقبل أبنائهم من بعدهم، فيضنون بالمال توفيرا لأولادهم، وليكون ذخيرة لهم، تقيهم العوز والفاقة.
وهذه غريزة عاطفية راسخة في الإنسان، لا تضره ولا تجحف به، ما دامت سوية معتدلة، بعيدة عن الإفراط والمغالاة.
بيد أنه لا يليق بالعاقل، أن يسرف فيها، وينحرف بتيارها، مضحيا بمصالحه الدنيوية والدينية في سبيل أبنائه.
وقد حذر القرآن الكريم الآباء من سطوة العاطفة، وسيطرتها عليهم كيلا يفتتنوا بحب أبنائهم، ويقترفون في سبيلهم ما يخالف الدين والضمير: ((واعلموا أنما أموالكم، وأولادكم فتنة، وإن الله عنده أجر عظيم))(الأنفال: 29).
* * *
وهناك فئة تعشق المال لذاته، وتهيم بحبه، دون أن تتخذه وسيلة إلى سعادة دينية أو دنيوية، وإنما تجد أنسها ومتعتها في اكتناز المال فحسب، ومن ثم تبخل به أشد البخل.
وهذا هوس نفسي، يشقي أربابه، ويوردهم المهالك، ليس المال غاية، وإنما هو ذريعة لمآرب المعاش أو المعاد، فإذا انتفت الذريعتان غدا المال تافها عديم النفع.
وكيف يكدح المرء في جمع المال واكتنازه؟! ثم سرعان ما يغنمه الوارث ويتمتع به. فيكون له المهنى وللموروث الوزر والعناء.
وقد استنكر القرآن الكريم هذا الهوس، وأنذر أربابه إنذارا رهيبا:
((كلا بل تكرمون اليتيم، ولا تحاضون على طعام المسكين، وتأكلون التراث أكلا لما، وتحبون المال حبا جما، كلا إذا دكت الأرض دكا دكا، وجاء ربك والملك صفا صفا، وجيء يومئذ بجهنم، يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى، يقول يا ليتني قدمت لحياتي، فيومئذ لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد))(الفجر: 17ـ 18).
وقال تعالى: ((ويل لكل همزة لمزة، الذي جمع ماله وعدده، يحسب أن ماله أخلده، كلا لينبذن في الحطمة، وما أدراك ما الحطمة، نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، إنها عليهم مؤصدة، في عمد ممدة))(الهمزة).
وأبلغ ما أثر في هذا المجال، كلمة أمير المؤمنين علي(رضي عنه)، وهي في القمة من الحكمة وسمو المعنى، قال: (إنما الدنيا فناء، وعناء، وغير، وعبر:
فمن فنائها: أنك ترى الدهر موترا قوسه، مفوقا نبله، لا تخطيء سهامه. ولا تشفى جراحه. يرمي الصحيح بالسقم، والحي بالموت.
ومن عنائها: أن المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى الله لا مالا حمل، ولا بناءا نقل.
ومن غيرها: أنك ترى المغبوط مرحوما، والمرحوم مغبوطا، ليس بينهم إلا نعيم زل، وبؤس نزل.
ومن عِـبرها: أن المرء يشرف على أمله، فيتخطفه أجله، فلا أمل مدروك، ولا مؤمل متروك)
تحياتي لك الأخت الفاضلة تلميذة الحياة
مع سالف التقدير والشكر وآمل قبول هذا الاستطراد .