( حديث دار بيني وبين البعض من أهل هذا البلد فتحدث قلمي )
الـمـصـيـبـة بـل وأعـظـم الـمـصـائـب أن الـذي يـحـول بـيـنـنـا وبـيـن الـجـنـة شـهـواتـنـا
وأنـفـسـنـا الـتي تـأبـا إلا أن تـكـون عـدونـا الأول .
تـنـافـسـنـا وتـقـاتـلـنـا وتـنـازعـنـا ... هـذا يـشـتـم هـذا وهـذا يـغـتـاب هـذا
وهـذا يـنـم عـن هـذا وهـذا يـحـقـد عـلى ذاك وهـذا يـطـعـن فـي هـذا مـن أجـل
مـتـاع الـدنـيـاء الـزائـف ، يقول ربنا (( كل من عليها فان )) رضـيـنـا أم سـخـطـنـا
فـلـن يـبـقـى أحـد ويُـخـلـد فـي هـذه الـدنـيـاء ، وإنـمـا كـتـب الـخـلـود الأبــدي
فـي جـنـة الـنـعـيـم ونـحـن لا نـتـنـافـس إلا عـلى مـتـاع زائـل ,
لـوكـان فـي قـلـوبـنـا هـمـة لـنـزعـنـا الـدنـيـاء مـن جـنـبـات صـدورنـا وتـوجـهـنـا
لـربـنـا سـبـحـانـه وتـعـالـى . الـجـنـة مـقـر رحـمـة الـلـه ولـن يـدخـلـهـا أحـد
إلابـرخـمـة الـلـه الـذي وصـف أعـظـم سـبـب بـعـد الـتـوحـيـد لـدخـول الـجـنـة
حـيـث يـقـول سـبـحـانـه (( إلا من أتى الله بقلب سليم ))
أنـظـر إلـى قـلـبـك واصـدق مـع نـفـسـك والـلـه لـن نـرى نـعـيـم ربـنـا ولا وجـهـه
جـلا شـأنـه إلا إذا نـظـرنـا إلـى قـلـوبـنـا أولاً ، فـي زمـن نـكـذب عـلى أنـفـسـنـا
قـبـل أن نـكـذب عـلى غـيـرنـا فـي زمـن إخـتـلـط الـحـابـل بـالنـابـل فـلا نـعـلـم
حـق ولا بـاطـل فـي زمـن كـل يـدعـي أنـه عـلى حـق فـي زمـن أصـبـح
فـيـه الـحـلـيـم حـيـرانـا .
لـهـذا لـن نـدخـل الـجـنـة خـتى نـنـظـر لـصـدورنـا بـل أن الـلـه لـمـا وصـف نـعـيـم
أهـل الـجـنـة قـال (( ونزعنا مافي صدورهم من غل )) فـالـحـقـد والـحـسـد
أعـمـى ، قـابـيـل مـا أورده الـنـار إلا بـحـسـده لأخـيـه هـابـيـل ، وإبـلـيـس
مـا أُحـرج مـن الـجـنـة ثـم لُـعـن إلا لـحـسـده لأدم ، وأخـوة يـوسـف مـا تـامـروا
عـلى يـوسـف إلا لـحـسـده ، لـهـذا لا تـظـنـوا أن ربـمـا أعـمـالـك تـقـودك لـلـه
وقـلـبـك فـيـه ضـغـيـنـة وأحـقـاد عـلى الـبـشـر ولا يـوجـد فـيـه صـلاح لـلـغـيـر .
إخـوتـي ديـنـنـا أسـهـل مـمـا يـتـصـوره الـكـثـيـر ، فـالاسـلام بُـنـي عـلى خـمـس
طـبـقـهـا فـي حـيـاتـك ونـقـي قـلـبـك يـكـون بـاب الـنـجـاح لـك مـفـتـوحـاً ,
رحـمـة الـلـه أوسـع مـمـا يـتـصـور الـبـعـض ، لـكـن ربـنـا يُـريـد أن تـظـهـر
الـرحـمـة بـداخـلـك مـن قـلـبـك وجـوارحـك
ديـن عـظـيـم لـكـنـنـا عـقـدنـاه ، نـعـم نـحـن مـن عـقـدنـاه فـأصـبـحـنـا نُـطـبـق
اسـلامـنـا بـالـشـكـلـيـات والـتـفـاهـات ونـحـكـم عـلى الـبـشـر بـالأشـاكـال
والـصـور دون الـمـخـابـر وهـي الأهـم .
فـلـو نـقـيـنـا قـلـوبـنـا مـا إمـتـلأت الـمـحـاكـم ولا الـسـجـون ولا زكـيـنـا أنـفـسـنـا
فـلا قـدح بـعـضـنـا بـبـعـض إلا بـقـلـوبـنـا الـمـريـضـة ن ثـم نـدعـوا لـلاسـلام
بـجـوارحـنـا ونـأبـا لـقـلـوبـنـا أن تـخـضـع لـهـذا الـديـن الـعـظـيـم
لـهـذا جـنـة الـلـه تـأبـا إلا أن تـرسـم لـهـا طـريـق ويـكـون بـدم قـلـبـك قـبـل
أن يـكـون مـن جـوارحـك .
لا تـعـقـيـدون ديـنـنـا فـقـد مـلـلـنـا فـكـل تـعـقـيـد يُـنـسـب لـهـذا الـديـن وهـو
مـنـه بـريْ ديـنـنـا بـسـيـط فـلـم يُـنـزل الـلـه هـذا الـديـن إلا رحـمـة لـلـعـالـمـيـن
أبـواب الـجـنـة واسـعـة فـلا تـضـيـقـوهـا عـلى الـنـاس
الحمدالله ثم الحمدالله ثم الحمدالله الذي مفاتيح الجنة بيدة ولو كانت بيد خلقه
ربما لانشم ريحها .
فـالـعـبـد يـبـلـغ مـبـلـغ الـصـديـقـيـن بـقـلـبـه ، لـهـذا إحـرصـوا عـلى قـلوبـكـم
قـبـل مـظـاهـركـم مـا إسـتـطـعـتـوا فـمـتـى مـا صـلـح الـقـلـب صـلـح سـائـر الجسد
اللهم طهر قلوبنا من الأحقاد