أخي الكريم عبد الله بن الخيل مع السلام و التقدير .
السؤال الأول"
س ماسبب ضيق الساحة بالمفكر،و تصويبه بالسهام لظمان تغُـيّبه عن المجتمع كالعصرنةوربما الزندقة،والعلمنةً وهل لهذا أصل عندالسلف؟
ج- الحساسية من الفكر و الضجر منه مرتبطة بالأزمات الفكرية التي عصفت بأصول و نصوص شرعية فصار التشبث بالعلم الشرعي أو المنقول التراثي وسيلة مقاومة تعمل بإجمال و بدون معاناة للتفاصيل و البحث الطويل و بهذه الوسيلة تمت مقاومة تيارات كثيرة كالمانوية و الدهرية و الزندقة في فترات تاريخية مختلفة فذهبت غير مأسوف عليها لكن ترتب على التركيز على هذه الوسيلة أعني المقاومة السلبية ضمور في العلم الشرعي و إن شئنا فلنقل تسببت المواقف السلبية في تدهور الفكر الإسلامي في مراحل عديدة .
السؤال الثاني"
س هل لوقوف السلفية، وبالذات المذهب الحنبلي إلى جانب السياسين في غالب الأزمان الماضية دورفي ترسيخ الأحادية، ونبذالرأي الآخر؟
ج- أما علاقة السلفية بالسياسة و أثر ذلك على الاستبداد الفكري فهذا يعيدنا مرة أخرى إلى مصطلح السلفية لأن طائفة من الشخصيات المرجعية سلفيا عارضت و قاتلت السلطان و شخصيات أخى والت و حاربت المعارضين بل حاربت مصالح المجتمع كما في علماء السلاطين المداهنين ، و لذلك فالسبب أشمل من السلفية إنه ثقافة الاستبداد و الطاعة في غير المعروف . و لهذا لما جاءت النظم العسكرية أوجدت آحادية شمولية لا مثيل لها في تاريخنا رغم أنها نخب علمانية تقريبا .
أخي الدكتور محمد العثمان مع السلام و التحية
اول الأسئلة = يدندن الاسلاميون المستنيرون ( العقلانيون ) حول ما اسموه قراءة شرعية لمستجدات العصر , لكنهم يمالئون السائد الفقهي وخاصة السلفي منه .
س هل تعتقد أنه بمثل هذه الآلية من التفكير يمكن ان نصل إلى فعل ناجز للاصلاح الفكري ؟
ج- نعم أتفق معك أن ممالأة الخطأ سبب لبقائه و تعميقه و هذا القدر أتفق معك فيه ، لكن علينا أن نتذكر ضرورة التفيق بين الخطأ السائد واجب التغيير الفوري و بين الخطأ السائد الذي لا يمثل أولوية عاجلة . و لهذا فإن الإصلاح في ظني يجب أن يبدأ بالقضايا الأهم من ناحية و بالقضايا التي يجتمع عليها القدر الأوسع من الناس حتى لا يتحول التصحيح إلى تيار منعزل ، أما المداهنة أو حتى التزلف الفقهي إلى الناس فهو بلا شك تضييع للأمانة و تتضليل للناس . و ما يمكن أن يحقق الأثر و الفائدة هو العمل المنتظم الواقعي الذي يراعي الأولويات و يجتمع عليه أكبر قدر من الرواد حتى تستثمر مسائل الاجماع بشكل عاجل .
ثاني الاسئلة = يبرهن الطرح الاسلامي سواء العقلاني منه او السلفي , أنه لايستطيع الخروج من القمقم الذي حبسته فيه السياسة ( التاريخ والجغرافيا )
س فهل ترى العلمنة هي البديل الاوفق لإصلاح الفكر .
ج- أما عن حبس السياسة و الجغرافيا للطرح الإسلامي و تسؤلك عن العلمنة كبديل فلنطرح السؤال بشكل آخر هل تستطيع العلمانية التحرر من السياسة و الجغرافيا ، بصيغة أخرى هل طرح علمانيونا الديموقراطية و ضحوا من أجلها ؟. هل طرح علمانيونا رؤية تنموية متحررة من ( سياسياتنا و جغرافيانا ) أو متحررة من جغرافيا و سياسيات الغرب ، أي هل نضجت لدينا رؤية كالرؤية التي نضجت في ماليزيا أو سنغافورا أو كوريا مثلا ؟.
و لهذا فالأزمة أعمق من التيارات هي أزمة مجتمع بتياراته لدينا رغبة في العمل السهل القصير و لدينا جموح نحو التعميم ، و لهذا فلا مخرج من تنمية فكر إصلاحي يحقق الدنيا و يرعى الدين . و أشكرك أخي الكريم على تفضلك بالمشاركة معتذرا عن التأخير فقد تداخلت المشاركات و خلطت بين الصفحات .
أخي الكريم التنوير مع السلام و التحية .
س- هل هناك تيار تنويري عصري في السعودية ؟ و‘ذا كانت الإجابة بنعم فمن رموزه؟ وما هي أطروحاته؟
ج- أختلف معك في التسمية فما ألاحظه هو ارتفاع وتيرة المطالبة بالتصحيح و الإصلاح الفكري لتجاوز التشديد غير المستند للشريعة ، و توسيع ما وسعه الله تعالى و رسوله من المباح ، و الأفضل أن يسمى هذا باسمه الشرعي لأن هذه التسمية توفر له المرجعية و الحدود ، و بهذا المعنى نعم في المملكة تيار إصلاحي رأينا بعض آرائه ، و هناك آراء أخرى لم تظهر أو لم تبلور ، ففي الأيام الأخيرة سمعنا بمحاضرة الشيخ عبد الله المنيع عن التأمين مثلا ، و في وزارة العدل مجموعة كبيرة من القضاة تعمل على تقنين مجموعة من الأنظمة و يشارك فيها فقهاء عارضوا تدريس الأنظمة في كليات الشريعة ، و طرحت أفكار و أعمال مخالفة لما كان عليه العمل فتجد في مجلات إسلامية استضافة لرموز علمانية لديها تطرف ، و هذه تحولات بلا شك . و يصعب في هذا المقام الحديث عن اطروحات محددة فما يجري الآن تحول عشوائي من حيث الموضوعات لكنه يشير إلى تغير مهم ، أما الرموز فالظاهرة أهم من حصرها في رموز فلدينا مراجعة واسعة النطاق و أشرت إلى مؤسسات و شخصيات إضافة إلى رموزه الشباب من الدعاة و المثقفين الإسلاميين .
س- نرى هذه الأيام تبلور تيار جديد في السعودية لمن كان يتبنى الأطروحات السلفية قبل أزمة الخليج
ولكن معالمه هلامية لم تتحدد بعد فهل لك أن تبن لنا أصوله الفكرية بشكل منضبط بحيث يمكن محاكمته للنصوص الشرعية ؟
ج- تحديد الأصول الفكرية للتيار الذي يتشكل الآن صعب لأنها في طور التشكل لكن يمكن الإشارة إلى جملة منها ، فمنها العناية بالائتلاف القائم على الحقوق الشرعية ، و منها إحياء فقه الكليات و المصالح الشرعية الكبرى بحسب تدرجها ، و منها تنشيط الاصلاح المتعلق بالدنيوي من الفقه ، و منه إحياء الحوار مع المخالفين .... إلخ .
س- من يتهم بأنه من العصريين السعوديين وأنت منهم هل لهم ردود واضحة على العصريين المشهورين بها دون مواربة؟
ج - ألا تلاحظ أخي الكريم أنك مشدود إلى رغبة في تصنيف الأشخاص من خلال موقفهم من رموز أخرى ، لماذا لا يكون الحكم من خلال القراءة المتأنية للآخرين حتى تستطيع الخروج بحكم موضوعي ، و مع ذلك فأود لو تقرأ - كنموذج - مقالاتي في مجلة البيان حول الإصلاح التشريعي فقد تناولت فيها جانبا من الدعوات الليبرالية في مجال التشريع و ناقشت بعضها فربما تتضح لك بعض الجوانب التي تشير إليها .
و أريد أن أذكر هنا بأن الدعوة إلى الإصلاح الآن تأتي في سياق مختلف جدا عن دعوات الإصلاح التي نشأت في القرن التاسع عشر و النصف الأول من العشرين لأن تلك المرحلة مرحلة تراجع كبير أما الآن فنحن في مرحلة صعود فكري كبير و يكفي أن تقارن المكتبة التشريعية لترى الفرق بين ما كان متاحا في عهد السنهوري و منصور فهمي مثلا و بين ما هو متاح الآن ، و قارن بين ما كتب في الربا في ذلك الوقت و ما كتب الآن ، و ما أريد الوصول إليه هو أنه لا قلق على الهوية و الشريعة كما أن لدينا آلاف الباحثين في المجالات المختلفة المتعلقة بالشريعة ، إذن فليست الليلة كالبارحة !!.
س - أنت ممن يتبنى الحوار كوسيلة موضوعية للتأثير في الآخر فماهو سر تركك للحوار مع السلفيين الذين تختلف معهم في أطروحاتهم ونقدهم الشديد للواقع؟
ج - أخي الكريم كيف حكمت بأنني تارك للحوار مع السلفيين ؟. بل لدي علاقات و حوار متواصل معهم ، لكن إذا أردت الحوار عبر الشبكة فهذا حوار غير مثمر لأنه بالتراشق أسبه منه بالبحث العلمي ، كما أن لدي من الأبحاث في الموضوع ما أستشير عليه و أتحاور حوله مع كثير من طلبة العلم .
س- بعد سكون عاصف بيان التعايش وبعد أطلاعك على بيانات الألمان والأمريان المعنون له " ليس باسمنا "
ألا تشعر بالضعف الشديد الذي كان يتسم به بيان التعايش ومدى الدونية التي أردتم أظهار الأسلاميين بها؟
ج - لم يكن ضعف بيان التعايش خافيا لكنه ثمرة العمل الجماعي الواسع ، و ما أريد تذكيرك به هو أن بياني الألمان و الأمريكان كتبا في بيئة ديموقراطية تسمح للمثقف بالمشاركة في الحياة العامة و نحن نكتب بياناتنا في ظل ثقافة الشيوخ أبخص و الحجر الرسمي للمبادرات الثقافية خاصة الجماعية فكيف يتجرأ الموقعون على المشاركة في بيان و هم تحت هذه الهواجس ؟.
س- لماذا لم تتبنوا بيان الشيخ سفر الحوالي " عن أي شئ ندافع " وهو بيان موضوعي وعلمي أقوى من بيان التعايش لا أعني في الألفاظ ولكن في المضامين الفكرية والبعد عن المحاذير الشرعية ؟
ج- هدف بيان الشيخ مختلف عن البيان العام ، و ما أشرت إليه من الناحية الفكرية فهو وارد في كتب الردود و المناقشات أما بيانات المواقف فموضوعها مختلف .
س - هل تعتقد أن الدولة ستفتح لكم المجال لفتح المراكز الثقافية والأعلامية لبناء جيل واعد كما تبشرون به في بعض مجالسكم وأحاديثكم ؟
ج - يتجه اقتصاد المملكة نحو الانفتاح للعالم ، و من ضروريات هذا الانفتاح التحول نحو المجتمع المفتوح تدريجيا ، و التجارب الخاصة قد تنجح و قد تخفق لكن هذا لا يعني التوقف حتى تمنح لنا صكوك ضمان الموافقة و الاستمرار .
س- ما هو مشروعك الفكري الذي تريد طرحة في المستقبل ؟
ج - ما يشغلني هو العمل على إتمام مجموعه من الأعمال العلمية العملية في مجالات التشريع و الفقه الدنيوي و تحليل العلاقة بين الديني و الدنيوي عبر مراحل مختلفة ثم تطبيقها على واقعنا الراهن وربطها بأدوات الفكر الإنسان المعاصر و من ذلك على سبيل المثال ربط مقاصد الشريعة بما يسمى الآن بالسياسات أو البوليسز باعتبار هذه الأخيرة وسيلة من وسائل العالم الحديث في تحديد و فحص و قياس المصالح و المصالح هي الصلة الرابطة بين النظم التشريعية و النظم السياسية و العلاقة بين هذه و مقاصد الشريعة وثيقة فإذا أمكن تقديم نماذج نظرية و أمثلة تطبيقية في هذا المجال فسيقود ذلك إلى إثراء علم المقاصد من جهة و إثراء الفقه التطبيقي من جهة أخرى و تنشيط مجالات جديدة للفقه تمس مصالح الناس ، و مثل هذا يقال في الصلة بين العلوم السياسية الحديثة و القيم الشرعية في المحال السياسي كالعلاقة بين المؤسسات الاجتماعية و قيم العدالة و الفضيلة و التعبد ... ألخ .