{نحو تجديد الفكر الديني}للدكتور عبدالله الحامد - منتدى بريدة


العودة   منتدى بريدة > منتدى المجلس العام > المجــلس

الملاحظات

المجــلس النقاش العام والقضايا الإجتماعية

موضوع مغلق
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 30-05-02, 10:13 pm   رقم المشاركة : 1
أباالخــــــيل
عضو مميز





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أباالخــــــيل غير متواجد حالياً
{نحو تجديد الفكر الديني}للدكتور عبدالله الحامد


تأثير العصر العباسي على الفكر الإسلامي المعاصر

1 - التأثيرات الخارجية والعوامل الداخلية في انتشار الفكر العباسي

2 - مظاهر الخلل في العصر الإسلامي المعاصر

3 - دور العلماء في تجديد الفكر الديني



إخوتي الكرام:/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحبابي الفضلاء: بين أيديكم لقاء الدكتور "عبدالله الحامد ، في برنامج {الشريعةوالحياة}
يوم الثلاثاء 16/3/1423هـ الموافق 28/5/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 09:37
وأملاً في تعميم الفائدة أحببت نشره هنا، ولم يكن لي من جهد سوى أنني قمت بحذف المداخلات ، والكلمات المتكررة؛ كعادة الحوارات المباشرة. وإليكم الموضوع ...



ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
موضوعنا لهذا اليوم يقع تحت عنوان عريض هو نحو تجديد الفكر الديني، غالبية ما تعورف على أنه الإسلام ومنهج السلف الصالح، هو في الحقيقة فكر تشكل في العصر العباسي الوسيط أيام ازدهار الدولة العباسية، لا سيما في عصر المأمون، وما تلاه على اعتبار أنها فترة شهدت الكثير من الصراعات الفكرية التي أثرت التراث الإسلامي والذي للأسف الشديد بقي عالة عليها إلى يومنا هذا.

في العصر العباسي طغت الصراعات، وانصبغ الفكر بطابع سجالي تبعاً لذلك، أكثر ما أسيء له في الفكر الإسلامي في تلك الفترة والفترات اللاحقة عليها أنه بسبب هذه الصراعات، وبسبب الازدهار الذي لحق بالأمة في تلك الفترة طغت روح التقليد وبقي ذلك هو النموذج الذي يطمح الجميع إلى تقليده، هذا أثر على العقلية المسلمة، وجعل منها في الشكل كبير عقلية تقليدية، وأكثر مفهوم أسيء استخدامه للتعبير عن هذه العقلية التقليدية هو مفهوم السلفية باعتبار أنها الصيرورة على نهج السلف الذي اتفق الناس أو اتفقت الأمة على صلاحه، لكن ليس كل من ادعوا السلفية كانوا سلفيين بالمعنى الحقيقي للكلمة، إذن موضوعنا هو نحو تجديد الفكر الديني، نحو مزيد من السعي.. نحو مزيد من الإبداع في الفكر الديني، ويسعدني أن يكون ضيفي لهذه الحلقة لمناقشة هذا الموضوع، الدكتور عبد الله الحامد، والدكتور عبد الله الحامد (كاتب سعودي معروف وهو أكاديمي سابق، فُصِل من الجامعة – جامعة الإمام في الرياض لأسباب سياسية، حيث أنه كان أحد أعضاء اللجنة السداسية التي وقعت على عريضة لجنة الحقوق الشرعية، الدكتور عبد الله الحامد إذن إضافة إلى كونه أكاديمي هو ناشط سياسي، وكاتب في بعض المطبوعات العربية)، دكتور عبد الله الحامد أهلاً وسهلاً بك في (الشريعة والحياة).

د. عبد الله الحامد: أهلاً وسهلاً
.
تأثير العصر العباسي على الفكر الإسلامي المعاصر

ماهر عبد الله: أنا أعلم أنه طابعك العام أدبي، وما كتبته في الشعر أكثر مما كتبته في السياسة لكن هم المثقف والمثقف الإسلامي على وجهة التحديد يتداخل مع السياسة بغض النظر عن الخلفية وبغض النظر عن الثقافة الشخصية، أنا أشرت كثيراً في.. في المقدمة إلى العهد العباسي، وأنا أعلم أنك من الذين يستاءون جداً من بصمات تلك الفترة على فكرنا الإسلامي كما نراه اليوم، باعتقادك الشخصي إلى أي مدى يتأثر الفكر الإسلامي –كما نعرفه اليوم- بكافة تياراته بفكر تلك الفترة من تاريخ الأمة الإسلامية؟

د. عبد الله الحامد: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، في البداية لعله لا يفوتنا في مثل هذه الفترة أن نحيي صمود أهلنا في فلسطين المحتلة، وندعو الله للشهداء بالقبول، ولا شك أن الشهداء هم الذي يسقون شجرة النصر التي تنمو شيئاً فشيئاً، ودائماً إرادات الشعوب تقهر كل طغيان وعدوان.
بالنسبة لموضوع تأثر الفكر الإسلامي المعاصر بما أشرت إليه العصر العباسي، هناك شيء قد يفوت كثيراً من الناس وهو أن صياغة الفكر الإسلامي إنما تمت في العصر العباسي، وهذه الصياغة نظر إليها على أنها هي الإسلام، ولكن هذا الكلام يحتاج إلى تدقيق، فعندما نرى ما فصلنا فقهاؤنا القدامى –رحمنا الله وإياهم- من مدونات نجد فيها الفكرة.. الأفكار المركزية أو الأساسية للإسلام، لكن نجد هناك أشياء ثانوية كحلول لمشكلات حدثت، وتحديات واجهتهم، ولم يخلوا ما كتبوه من طابع العصر، لأن المفكرين والفقهاء والمدونين تأثروا بجو البيئة الذي أحاط بهم، وأول شيء تأثروا به هم أنهم يقدمون حلولاً لمشكلات حدثت في مجتمعهم، أحمد بن حنبل –رحمه الله- عندما رفع لواء القرآن غير مخلوق كان يجيب على سؤال طرحه المعتزلة فتطلبه السياق العام، فبالتالي الذين صاغوا العقيدة فيما بعد اشتغلوا بالقضايا الغيبية، أكثر مما اشتغلوا بقضايا عالم الشهادة، وصار النقاش في عالم السماء، ولم يهبط ليناقش مشكلات الإنسان على الأرض، فطبعاً لذلك أسباب كثيرة، وله نماذج كثيرة، السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا الفكر الذي صيغ في العصر العباسي هو الإسلام؟

ماهر عبد الله: أسمح لي، قبل أن تجيب على سؤالك هذا، يعني هناك مفارقة يتضمنها تقديمك هذا، وهو أننا نزعم سلفيو العقيدة، وأننا نلتزم بالسف الصالح، لكن واضح من كتابات أغلب الذين يقولون هذا، أنهم فعلاً يتكئون على أحمد بن حنبل، وفكر أحمد بن حنبل، لكن يفترض عندما نقول السلف الصالح أننا نتحدث عن جيل الصحابة وجيل التابعين، فكيف نزعم أننا سلفيون عندما يكون المحدد الأكبر لفكرنا الإسلامي في مرحلة لاحقة جيلين أو ثلاثة بعد جيل التابعين؟

د. عبد الله الحامد: الواقع نحن هنا نقع في إشكالية المصطلح، ما هي السلفية؟ السلفية من حيث التنظير هي الأشياء التي قام بها علماء وفقهاء السلف الصالح، بدءاً من الإمام مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل، هؤلاء عندما تطلق السلفية هم المؤسسون لها، لكن كيف أطلقت السلفية؟ السلفية في الأصل أن هذا الجيل عندما جاءت أسئلة حديثة طرحها الامتزاج الثقافي بين الأمم، كالسؤال حول القرآن وحول الذات والصفات والقدر، قال الفقهاء الذين هم رموز السلف الصالح عليكم بمذهب من سلف، ويقصدون بمن سلف السابقين من الصحابة، ومن تبعهم بإحسان، لكن بعد ذلك تطور مفهوم السلفية بحيث أصبح هناك سلفيات عديدة، سلفية محافظة وسلفية مجددة، فأصبح إطلاق المديح أو إطلاق الذم على السلفية غير صحيح، لأن السلفية تنقسم إلى قسمين في الواقع، السلفية منهجاً وأصولاً، مثلاً تدوين الحديث الشريف مصححاً، هذا أمر أساسي في الأمة، ولا غنى لمسلم عن أن يعتمد ذلك، ثم هناك بناء منهج أصول فقه الكتاب والسنة، ثم هناك تقديم الوحي على الرأي، ثم هناك فهم القرآن الكريم بحسب أصول اللغة العربية، هذه هي السلفية أصولا ومنهجاً، وهي أساس أو هي الأساس القويم لفهم الإسلام، من غير تحريف ولا تعقيد، لكي نخرج من الفهم الصوفي للقرآن الكريم والحديث الشريف الذي يجعل المعنى عائماً كالفهم البنيوي، ولكي نخرج أيضاً من الفهم التجريدي الذي تبناه المعتزلة أو تقديمهم العقل على النقل، فإذا جاءوا.. أو تفسيرهم القرآن بخلاف ما يبدو من ظاهر اللفظ، كما في تفسيرهم قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) بعضهم قالوا العقل، لكن هذا خلاف السياق العام، ثم هناك أيضاً خروجاً من التفسير الباطني للشريعة، كما ذهب إليه الفلاسفة التجريديون الذين يقولون للقرآن والنصوص الدينية معنىً ظاهراً للعامة ومعنىً باطناً للخاصة، فلابد من ضبط فهم القرآن الكريم والسنة الشريفة بمنهج السلف الصالح.
أما السلفية .. التفريعات والتطبيقات والحركات، وما قام به الإمام أحمد بن حنبل، مثلاً الإمام أحمد بن حنبل قام بأمور منها مثلاً تدوين السنة،وتدوين السنة هذا لابد أن.. أن يعتمد عليه الآن، لكن له آراء أخرى، فهذه الآراء الأخرى منها ما هو مجال اجتهاد، وكل ما فيه اجتهاد لا مشاحة في الخلاف فيه، ثم هو مجال خطأ وصواب، وبالتالي ينبغي أن نفرز هذا عن هذا، كذلك ما قام به مثلاً من بعده أحمد بن تيمية، هذا له تفريعات وتطبيقات واهتمامات، وكذلك من جاء من بعده، تستطيع أن تعد الإمام محمد بن عبد الوهاب، حسن البنا، سيد قطب، كل هؤلاء لهم أفكار سلفية، أما في المحافظة على تفريعات قالها الإمام أحمد، وإلزام الناس بها والالتزام بدون اجتهاد ورأي فهذا هو مجال الملاحظة في الفكر السلفي.

ماهر عبد الله: سيدي، الدكتور عبد الله الحامد، أي السلفية.. تحدثت عن سلفية بمنهج وأصول، وتحدثت عن منهجيات.. عن سلفية تفريقات وتفريعات، أي السلفيتين هو الدارج اليوم في الفكر الإسلام؟

د. عبد الله الحامد: إذا سمحت لي لكي لا نظلم السلفية المعاصرة، لا ينبغي أن ننال من القدامى، هؤلاء قاموا بدورهم، لكن اللوم على المحدثين الذي لا يريدون أن يتجاوزوهم، ولا يريدون التعامل معهم بصفتهم بشراً يخطئ ويصيب، بل ينظرون إليهم ويقدسونهم وكأنهم هم نص الكتاب والسنة، ويعتبرونهم هم المرجعية، هذه هي الإشكالية، السلفية إذن سلفيتان هناك سلفية مجددة، وهناك سلفية محافظة، مثلاً الإمام بن تيمية عندما صاغ خطايا لمعالجة المشكلات الفقهية الموجودة في عصره، كان مجدداً، لكن اتباعه الذين يريدون الآن تنصيب بن تيمية أو غير مرجعية كاملة، يريدون أن يحلوا مشكلات الناس كلها عبر فكر بن تيمية، هؤلاء مقلدون، وكذلك الإمام محمد بن عبد الوهاب جهوده في الدعوة، لا شك أن السلفية أيضاً أكثر الفرق حرجاً على صفاء التوحيد، وبالتالي هذا شيء جيد، لكن في كل عصر تبرز مشكلات ولها علاج، المشكلة التي نعانيها اليوم، هي التحدي والضغط الحضاري الغربي بهيمنته علينا، وبالتالي يصبح أكثر السلفيين اليوم لا أريد أن أستخدم كلمة تقليدي، قد يكون معناها أحد مما ينبغي، لكن أقول أنهم محافظون، والمحافظ إذا لم يفهم العصر الذي يعيش فيه فإن مصيره هو الذوبان والضياع، وإن رياح العلمانية إذن آتية لا ريب فيها، فمن هنا أكثر أنماط الفكر الديني سواء كان سلفياً أو غير سلفي، كل الذين يرجعون في صياغ نظرياتهم وآرائهم إلى الفكر العباسي، بدون أن.. أن يعتمدوا الكتاب والسنة، لن ينجحوا في مجابهة الضغط الحضاري المعاصر.

ماهر عبد الله: كيف تتهمهم بأنهم لا يعتمدون على الكتاب والسنة، وجوهر منهجهم قائم على اتباع الكتاب والسنة؟ يعني هم لا ينظرون بالضرورة إلى ابن تيمية، كمصدر إلهام أم مصدر وحين وإنما ربما أنه قدم منهجاً معقولاً مازال ساري المفعول وصالح للتعامل مع الكتاب والسنة.

د. عبد الله الحامد: كل السلفيين –وهذا شيء جيد- يرجعون إلى الكتاب والسنة، لكن كون فلان من الناس يرجع إلى الكتاب والسنة، هذه فضيلة، لكن كونه فعلاً يأتي بحلول من الكتاب والسنة هذا هو السؤال أمامك الآن مشكلات معينة، العولمة، حقوق الإنسان، المجتمع المدني، الصناعة، العولمة، الأمم المتحدة، وأنظمتها، كل هذه الأشياء الجديدة، هل في صيدلية ابن تيمية أجوبة لهذه الأسئلة؟ ومن هنا تصبح الحاجة ملحة في العودة إلى الأصول، لأن الكتاب والسنة هما اللذان تعبدنا الله باتباعهما، ثم إن جوهر فكر ابن تيمية ومذهب ابن تيمية، وأحمد بن حنبل، والشافعي، ومالك وأبو حنيفة، أن..، يمثله كلمة قالها الشافعي تصلح كشعار، "إذا صح الحديث فهو مذهبي"، إذن التعويل على صحة.. على الصحة، أو كما قال أبو حنيفة نحن رجال وهم رجال، إذن أيضاً ما معنى التجديد في الدين؟ إذا كنا سنرجع إلى أحمد بن حنبل وابن تيمية لمحاولة.. للبحث في صيدليتهما عن علاج لكل داء يمر بنا، هذا توهم، لأن ما.. ما معنى إذن التعبد بالدين، الله سبحانه وتعالى.. الشيء الصالح لكل زمان ومكان ما هو؟ هل هو كتاب ابن تيمية أو كتاب الشيخ الفلاني والعلاني، أم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟


يتبع.........







التوقيع


أيها ذا الشاكي وما بك داءٌ * كن جميلاً تر الوجود جميلا

قديم 30-05-02, 10:15 pm   رقم المشاركة : 2
أباالخــــــيل
عضو مميز





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أباالخــــــيل غير متواجد حالياً

ماهر عبد الله: طيب كيف تفسر إذن هذا الانتشار؟ إذا كان هذا الفكر بهذه التقليدية بهذا البعد عن الإبداع، بهذا البعد عن روح العصر، كيف تفسر انتشاره علماً بأننا نعيش على الأقل في الخمسين سنة الماضية فترة حيوية جداً مليئة بالتغيرات، مليئة بالتحديات، كيف ينتشر فكر جامد بهذه الطريقة محافظ كما أسميته ونحن نعيش هذه الفترة المليئة بالتغيرات؟

د. عبد الله الحامد: سبب الانتشار أن الزمن الذي أوجد تراكماً ثقافياً في الأمة صار من الصعب على المفكرين والمثقفين إصلاح الفكر الديني، لأن الناس في هذا المضمار نوعان، إما مثقف ديني لا يكاد يعرف من الأمور الحديثة شيئاً مذكوراً، وإما مثقف غير ديني يعرف الأمور الحديثة لكن لا يعرف كيف يؤسس مثلاً حقوق الناس على الدين، كيف يؤسس مثلاً فكرة المجتمع المدني على الدين، ومن أسبابه أيضاً أن خطاب النهضة الذي صاغه المفكرون الأوائل كمحمد عبده والأفغاني، لم يكد يتجاوز تقديم النهضة أو تقديم الإسلام، قدمه كخطاب، لم يتوسعوا في بناء النظريات، خذ مثلاً نظرية الحرية، نظرية حقوق الإنسان، نظرية.. نظريات المجتمع المدني، لم يكتب فيها الإسلاميون شيئاً كثيراً،. لو كتب الإسلاميون في المجتمع المدني وحقوق الإنسان مثلما كتبوا في السواك أو في الوتر أو تقليم الأظافر، لاستطعنا أن.. أن نجد تأسسياً دينياً لنهضتنا، فبالتالي عبر الزمن حصل حصر للدين، ممكن أن تسميه رهبنة أو دروشة، هذا هو الذي يبدو.


يتبع.......







التوقيع


أيها ذا الشاكي وما بك داءٌ * كن جميلاً تر الوجود جميلا

قديم 30-05-02, 10:22 pm   رقم المشاركة : 3
أباالخــــــيل
عضو مميز





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أباالخــــــيل غير متواجد حالياً

1 -التأثيرات الخارجية والعوامل الداخلية في انتشار الفكر العباسي



ماهر عبد الله: سيدي، أنت سألت سؤالاً ولم تقصد به أن تستفهم بقدر ما حاولت أن تقر حقيقة وهي أن الفكر الإسلامي، الدارج هذا هو فكر الإسلام الصحيح أم هو الفكر الإسلامي العباسي، لكن لو قبلنا هذا.. ماذا تقصد بالفكر العباسي، المرحلة العباسية المزدهرة فكرياً، يعني لو أخذنا المأمون وما قبله وما بعده، ساد فيها الفكر المعتزلي وكان دين الدولة الرسمي، ثم جاء من بعده وحافظوا عليه لكن بحماس آخر، ثم ساد فكر آخر، عندما تقول الفكر العباسي، ما الذي تقصده بسيطرة الفكر العباسي هل هو الفكر الأشعري الذي هو مذهب غالبية الأمة الإسلامية اليوم، هل هو الفكر المعتزلي مذهب المأمون، ونخبة علماء الكلام المسلمين، هل هو الفكر الخارجي أم هو الفكر الشيعي والذي لم يكن ضعيفاً .

د. عبد الله الحامد: الذي أقصده إنه جميع إنتاج الفرق الإسلامية في العصر العباسي بحاجة إلى مراجعة ولا هذا يخص فرقة دون أخرى لماذا؟ لأن كل هذه الفرق تعرضت إلى مؤثرات عامة، فأول هذه المؤثرات الخلفية المعرفية، لم تكن عند كل علماء الفرق خلفية معرفية في علم السياسة ولا في علم الاجتماع ولا في علم الإدارة، ولا في العلوم الطبيعية والتطبيقية والبحتة بالقدر الذي هو لدينا اليوم، وبالتالي عندما قرأوا القرآن الكريم والحديث الشريف فهموه من خلال الخلفية المعرفية التي لديه، ولذلك عندما جاءوا إلى الشورى اختلفوا فيها هل هي واجبه أم غير واجبه؟ ثم عندما حددوا أعضاء كم عدد الشورى بعضهم قاسهم على صلاة الجمعة على العدد الذي تتم به صلاة الجمعة وهو أربعون، وهذا يدل على ضيق الأفق في فهم القرآن الكريم، بينما علم السياسة هو علم إدارة من شؤون البشر، الله سبحانه وتعالى وضع مبدأ العدالة (يا داود إنَّا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس) الأمر بالحكم بالقسط، والشورى من أدوات القسط، وآلياتها التي تتفرع منها لا تحتاج إلى أن نختلف فيها وخلافهم حول هذه النقطة يدل على أن العيب منهجي في جميع الفرق، وبالتالي عندما قرءوا الإشارات القرآنية في علم الفلك أو في علم الجغرافيا حتى صار لهم حتى في القضايا المؤكد حقيقتها رأيان، وهذا يدل على إسفنجية التفكير، يجوز أن تجد رأيين في الوضوء من لحم الجزور أو في الجهر بالبسملة أو الإسرار بها، لكن أن تجد رأيين في الشورى فهذا يدل على خلل معرفي.

ماهر عبد الله: يعني هذه –إذا سمحت لي- صعب أقبلها منك لسبب بسيط وهو إن هذه الفترة التي نتحدث عنها لو أُصيبت بهذا الخلل المنهجي في التفكير لما كانت تقريباً أحسن عهودنا ازدهاراً، يعني نحن نتحدث عن الفترة الذي.. التي كانت الأمة فيها بكل معنى الكلمة أمة مبدعة، تقدمت في علم الإدارة.. يعني ليس من الإنصاف أن نقارنها بما نحن عليه اليوم في علوم الإدارة والاجتماع وحتى العلوم البحتة، المسألة نسبية في ذلك الوقت هل كانت أمة أرقى من تلك الأمم.. بغداد التي نعرفها بغداد الرشيد؟

د. د. عبد الله الحامد: عندما ننظر إلى الأمة في مستوى قوله تعالى: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس) نجد أن هناك خللاً، وهذا الازدهار العباسي كان بقوة الدفع الأولى قوة الحماس التي أشعلها القرآن، والرسول –صلى الله عليه وسلم- وصحابته وخلفاؤه الراشدون، قوة هذه الدفع ظلت تدفع هذه العربة ثم بعد ذلك انطفأ وخمد الشيء رويداً رويداً، فظهرت العيوب التي تتصل بمسألة الحضارة، ثم هناك كثير من علمائنا من أسباب فقر أو جدب الفكر الإداري والسياسي والمدني في العصر العباسي أن كثيراً من الفقهاء كتبوا في ظل الحصار السياسي، فلم يكتبوا في الفقه السياسي في علم الكلام، هل يعتقد أحد أن كتاب المارودي في "الأحكام السلطانية" أو كتاب "البيان" كتاباً في علم السياسة بمستوى إسلام، دعنا من مستوى.. يعني علم السياسة كما هو الآن، فبالتالي هناك الفكر الإسلامي تأثر بمؤثرات منها الروح الصحراوية التي حملها العرب من جزيرتهم، وبالتالي ظهرت في الفكر الديني من خلال مقولات وآراء عديدة.

ماهر عبد الله: بس عفواً هذه تذكرها شنو يعني الصحراوية إيجابية أم سلبية؟
د. عبد الله الحامد: لأ، سلبية.. سلبية يعني ركزت مثلاً على فكرة السلطان وأنه إذا صلح يصلح العالم، بينما حقائق علم الاجتماع تقول: "إن صلاح السلطة من صلاح المجتمع" وبالتالي هناك علاقة تبادلية وليس صحيحاً ما يُقال إن.. "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، صحيح هذه الكلمة لعثمان، رضي الله عنه، لكن هذه ليست حقيقةً علمية في علم الاجتماع السياسي، فإن الله يزع بالقوة المجتمعية، ثم بعد ذلك هناك الروح الكسراوية تأثر بها الفقهاء، وبالتالي منحوا مثلاً الحاكم سلطات لا حدود لها، وصار الحاكم هو أدرى بالمصلحة، ثم رووا أحاديث فيها الضعيف، وفيها الموضوع، وفيها المحرف عن إنه أطع السلطان ولو سلب مالك ولو ضرب ظهرك، ونحو ذلك.

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: بس.. بس مرة أخرى اسمح لي بالمقاطعة يعني كيف تتهم تلك الفترة تحديداً بالكسراوية ونحن نتحدث عن مرحلة مفصلية كان زعيمها ورمزها في مرحلة من المراحل أحمد بن حنبل، الذي أقل مما قيل إنه صاحب أكبر محنة –
إذا جاز التعبير- سياسية أخذ من الخليفة موقف سُجن بسببه وعُذِّب بسببه؟ كيف تتهم فكر أحمد بن حنبل بالكسراوية؟ قد نختلف أو نتفق في موضوع الصحراوية نعم، لكن في الكسراوية أحمد بن حنبل الذي تحمل كل ما تحمل من أجل موقف، هو الذي كان يراجعه الخليفة شخصياً، ليس فقط السجان أو.. كيف تتهمه بأنه اقتبس من الكسراوية ليعطي للسلطان صلاحية مطلقة؟

د. عبد الله الحامد: العفو أنا لا لا..

ماهر عبد الله: لا ليس أحمد بن حنبل تحديدا، بس هذه.. تلك الفترة كيف نتهمها بأنها أدخلت في فكرنا السياسي الإسلامي كسراوية وأحد رموزها الكبار، لو رجعنا قليلاً للحسن البصري أيضاً كان متمرداً وشارك في أحد الثورات ضد الأمويين، وهؤلاء تركوا بصمات، الحسن البصري له بصمات في الفكر الإسلامي، كما لأحمد بن حنبل بصمات كيف يكون كسراوياً من ثار على السلطان بهذه الطريقة؟

د. عبد الله الحامد: أحمد بن حنبل والحسن البصري والعز بن عبد السلام وابن تيمية وغيرها من الثوَّار الأحرار، هؤلاء يمثلون النشاز في الخط العام، الخط العام هو إعطاء الحاكم سلطة لا حدود لها حتى تجد في أنه له سلطة في حتى تعيين إمام مسجد صغير في قرية نائية، وهذا طبعاً إخلال بمفهوم العدل بشكل عام، ثم هناك مقولات مثل الأحاديث التي تُروى "أعطوا الأمير ماله وأسألوا الله الذي لكم" هذا الفكر أشاع اللامبالاة والحقيقة لا يمكن أن يقاس الفكر الإسلامي بمقياس مثلاً الحسن البصري أو سعيد بن جبير أو أحمد بن حنبل أو غيرهم من الأحرار الذين أدركوا مسؤوليتهم الاجتماعية، إنما يُقاس بالكم الهائل من العلماء والمثقفين وهذه ظاهرة عامة دخل فيها الأدباء والشعراء والمؤرخون وهي تقديس الفردية، وبالتالي لماذا لم ينضج الفكر العباسي مثلاً ما أنضجه الغرب من فصل بين السلطات ومن حقوق الإنسان ومن مجتمع مدني، مع أن الإسلام قدم للبشرية القيم المدنية في عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين؟ فهذا النكوص عن المنهج الراشدي لا شك أنه تأثر بالكسراوية وإلا بماذا يكون؟ ثم هناك مؤثر آخر الذي هو أيضاً الفكر اليوناني التجريدي الذي أيضاً دمر عقلية الأمة، وما المعركة التي حصلت في عهد المأمون إلا دلالة على أن الأمة بدأت تضع الثانويات محل الأوليات، وبالتالي ظهرت النزعة الصوفية، داخل هذا النسيج، دخلت الخيوط الكسراوية، والصحراوية، والصوفية، والتجريدية في نسيج الفكر الإسلامي، وبالتالي نحن جئنا اليوم لنقرأ هذا الفكر على أنه هو الإسلام، طيب أين مبدأ العدالة.. العدالة الاجتماعية مثلاً في الفكر الديني؟ نعم، نجد نصوص لابن تيمية ولغيره من.. من العلماء، لكن هذه النصوص أولاً قليلة، الشيء الثاني أنها مجرد لفتات لا تشكل خطاباً فضلاً عن أن تصوغ نظريات، خذ مثلاً حديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم- عن "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" هذا الحديث كان ممكن أن تُبنى عليه نظريات الجهاد المدني بأن يدافع العالم والمثقف كل سلطان جائر، سواء كان سلطاناً ثقافياً، أو سلطاناً اجتماعياً، أو سلطاناً سياسياً، نظرية إهدار الحقوق المدنية ليس مسؤولاً عنها المثقف الديني.


يتبع......







التوقيع


أيها ذا الشاكي وما بك داءٌ * كن جميلاً تر الوجود جميلا

قديم 30-05-02, 10:29 pm   رقم المشاركة : 4
أباالخــــــيل
عضو مميز





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أباالخــــــيل غير متواجد حالياً

2 -مظاهر الخلل في العصر الإسلامي المعاصر




سيدي، إذاً نعود إلى موضوع ما هو الخلل؟ إحنا انتقدنا الموضوع العباسي انتقاد كبير، لو ضربنا مثال أنت انتقدت التأثير اليوناني بأنه تأثير تجريدي كلامنا حتى هذه اللحظة كلام أيضاً تجريدي، ما هو الخلل في هذا الفكر السائد اليوم بغض النظر عن أنه كان عباسي المصدر أو كان غير ذلك؟

د. د. عبد الله الحامد: تقصد مظاهر الخلل؟

ماهر عبد الله: ما هو الخلل فيه إذا..؟

د. د. عبد الله الحامد: كثيرة.. كثيرة مثلاً خذ مثلاً الآن

ماهر عبد الله: يعني بعض الأمثلة التي توضح لماذا نطالب بتجديد الفكر الديني.

د. د. عبد الله الحامد: نعم، مثلاً أنا أذكر فيه بعض الدعاة مرة تكلم كلمة وكان يجمع تبرعات لإنشاء مشروعات إسلامية، دور أيتام، مراكز تعليمية غيره، وقال أنا ما أستطيع أجمع، لأن العامي يقول لي هات لي حديث من بنى لله.. على غرار "من بنى لله مسجداً ولو كان حصى قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة"، هات لي حديث إنه من بنى مركز، من بنى دار أيتام لكي أتشجع، معنى ذلك هذا الخلل ورثناه من الخطاب الديني العباسي، ثم بعد ذلك أين القيم المدنية التي تقوم بها الأمم والشعوب؟ أين مثلاً الحث على الروح العملية؟ الحث على الروح الصناعية والتقنية؟ أين الحث على قيم المجتمع المدني؟ أين الحث على الروح الإنسانية؟ الخلافات بين.. بين الفرق في العصر العباسي هي التي دمرت البنية الداخلية للأمة وجهزتها للعدوان التتري والصليبي، العدوان التتري والصليبي لو جاء إلى أمة قوية ما استطاع، لكنها كانت نخرة جاهزة يعني مثل الإنسان الذي ميت وكان على المنسأة ينتظر أي ريح تسقطه، فبالتالي الخلافات بين الفرق مثل قانون التضييق على أهل البدع وقتل دعاتها هذا صاغته كل الفرق المبالغة في.. في التفسيق، المبالغة في التكفير، حتى لا تكاد تجد عَلَماً دينياً إلا وقد كفَّر أو كُفَّر، ثم بعد ذلك هناك تركيز شديد في الفكر الديني على صلاح النية والصلاح الشخصي بدون النظر إلى العمل، الصلاح العملي التقني، ثم بعد ذلك تركيز صلاح الناس بأنه بصلاح العلماء وصلاح الحكام، وهذا غير صحيح من ناحية اجتماعية، فهناك تبادلية بين المجتمع والقمة، ثم بعد ذلك التساهل مع الحكام والتشديد مع عامة الناس، هذا ظاهرة في فكرنا الإسلامي القديم الذي صيغ في العصر العباسي كله.

ماهر عبد الله: كيف ترى انعكاس هذه النقطة الأخيرة تحديداً في فكرنا الإسلامي السائد اليوم؟ قضية إهمال المجتمع أفراداً وجماعة لصالح الحاكم يعني هل مازالت موجودة بنفس هذا الزخم؟

د. د. عبد الله الحامد: لازالت موجودة وما نجدها الآن في العالم العربي كله، الفارق هو في الدرجة وليس في النوع . هذا حصيلة إنه الفكر الديني ـ طبعاً نحن لا نستطيع أن نقول إن الفكر الديني، أسهم في هذا ـ ، لكنه بحكم إن الدين هو الأساس الذي تُبنى عليه نهضة الأمة كان ينبغي للمفكرين والمثقفين.. والعلماء المتهمين بالدين أن يرسخوا مبدأ العدالة الاجتماعية في الخطاب الديني، الله سبحانه وتعالى يقول: ألم ترَ.. الآية التي تُحدد مفهوم الدين قوله تعالى: (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يَدُّع اليتيم" (يدُّع اليتيم) (ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون) الإسلام جاء هنا بالعدالة مرتبطة بالصلاة، فبالتالي هذا أثَّر علينا الآن في الخطاب الديني، إذاً ممكن الشيخ يرى أكبر الجرائم في مسألة انتهاك المال العام للأمة، الإخلال بمبدأ العدالة، وقد يحس أن هذا ليس له أولوية، ولكن قد يُشدَّد في مسألة قص الأظافر ومسألة اللحية، ومسألة تطويل الثياب، فهذا عدم ترتيب الأولويات هذا ناتج عن خطاب تقعَّد في العصر العباسي، هذا نموذج، أنا أذكر إنه يعني موقف كثير من الإسلاميين الآن من مسألة مثلاً الديمقراطية، الديمقراطية كفر، والحاكمية لله، والشعب لا يمكن أن يكون له مصدر السيادة، هذا كلام غير صحيح، ما دليلكم؟ ما عندكم دليل، الموقف من الديمقراطية هي وسيلة، الاشتراكي ممكن يجعلها وسيلة في بناء الاشتراكية، العلماني يجعلها وسيلة في بناء العلمانية، الإسلامي يجعلها وسيلة لنشر الإسلام، فالمشكلة ليست بين الله وبين الناس، المشكلة بين الحاكم والمحكوم، وبالتالي هذا الفقر والجدب في الفكر السياسي هو الذي أنتج ما نحن نحس به اليوم من تحول الأمم والشعوب إلى قطيع وظيفته أن يسمع ويطيع، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك تكاتف وتعاون بين السلطة وقاعدتها المجتمع.

ماهر عبد الله: يعني فيه جانب سلبي آخر لم تذكره إذا سمحت لي إذا اتفقت معي في الرأي عليه ثمة روح وصاية على الأمة، يعني فضلاً عن تغليب هذا الحاكم، فضلاً عن تهميش الشعب، فيه ثمة ظاهرة أنا باعتقادي هي أخطر وهي روح الوصاية على الدين، بمعنى أن أُنصب من نفسي حكماً عليك، أسمي نفسي وسيطاً وأنت متطرفاً، ما يجعلني أربطها بموضوعك وهو أن المعتزلة عندما سيطروا على بغداد أول ما بدأ بقتال الناس على الهوية عندما جاء من خلفهم وثار عليهم كرروا كردة فعل نفسِ.. هذا ينم عن.. روح وصاية على الدين، أنا الوصي، هل تعتقد أن هناك جذور في الفكر العباسي لهذا الروح؟

د. د. عبد الله الحامد: أعتقد إن الجذور قبل ذلك إنها الروح الصحراوية، الإنسان لا يريد أن يسمح للآخر بالوجود ولا بأن يعبر عن نفسه، وبالتالي انتقلت شخصية رئيس.. زعيم القبيلة إلى –لا مؤاخذة- الشيخ في كثير من الأحيان، فبالتالي الآن نجدها موجودة تجد كثيراً من الفرق تنصب شيخ عاش في القرن السابع أو الخامس أو الثاني العباسي ليفتي في شؤون الحياة الحاضرة، ويُتخذ مرجعية ذات سلطة معنوية من تجاوزها قُمع، هناك إذاً هذه الوصاية فيها وصاية على أجيال الأمة كلها، ومن هنا تصبح مشروعية تجديد الدين ضرورة، ثم هناك هذه الوصاية تجدها مدعومة، بأنه العلماء هم الموقعون عن رب العالمين، سبحان الله العظيم، يعني الله أمرهم بأن يوقعوا عنه، للأسف نحن أحياناً نبتدع بعض الألفاظ بدون نحس.. يعني أنها لا تتناسق مع صفاء الدين وما أمر الله به عباده من التفكير، ثم بعد ذلك الآن نحن نتوراث قضية الحساسية الشديدة من نقد الشيوخ والعلماء وطبعاً هذه عاهة في فكرنا العربي ليس الدين مسؤولاً عنها، والفكر العباسي تأثر بالروح الصحراوية وبالنموذج العربي، نحن نكره النقد، وهذه السمة فينا كلنا حتى أهل الحداثة وغيرهم كل منا في تربيته يكره النقد، وبالتالي أنا أحس أنك إذا نقدتني نقدة بسيطة أحس أنك هدمتني، وعند الناس أيضاً أنا أنهدم عندما أُنقد بنقد بسيط، فبالتالي صار الإنسان يدافع عن أن يُنقد أو أن يُنقد شيخه، لأنه يعتبر مجرد نقد بسيط هدماً للشخصية، وهذا الأمر يعني لا شك إنه سيئ جداً، ثم شيء آخر بالنسبة لعلمائنا انتقلت قدسية القرآن الكريم والحديث الشريف إلى قدسية من شرح ومن فسر، فأصبح الشارح يناله شيء من التعظيم ، وشرحه أيضاً ينال، مثل إذا قلنا صاحب الأمير أو صاحب الوزير، عادةً الوزير أو صاحب الأمير ليس كصاحب إنسان عادي، فكذلك هذا الذي شرح الحديث أو فسر القرآن أصبح له هذه القيمة المركزية، بالتالي صار عندما احتكار للحقيقة، في الغالب تجد عندما يكتبون أو نكتب نقول الحق هو كذا، أيضاً احتكار تمثيل السلف الصالح، كل إنسان الآن يأتي برأي يسنده إلى مرجعية قديمة قد يكون هو صنع هذه الفكرة عند هذه المرجعية، يعني أعاد بناءها على ما هو معروف مثلاً في.. في المسرح، وإن كان التمثيل بالمسرحيات قد لا يكون مناسباً، لكن هو المثل.. المثال الدقيق، يعني تصنع من مثل مسرحية "أوديب" عشرات المسرحيات، لكن أنت تُعيد تشكيلها، فكذلك نجد الآن مثلاً الأحناف أعادوا تشكيل أبي حنيفة، أيضاً كثيرون من الشباب الآن يعيدون تشكيل سيد قطب، يعيدون تشكيل محمد بن عبد الوهاب، يعيدون تشكيل الإمام بن تيمية لينطق بما يريدون، يأخذون نصوص ويتركون نصوص، فالمسألة عملية انتقاء، بالتالي يعني المشكلة أننا نقدم الناس كملائكة لا كبشر لا يخطئون.


يتبع....







التوقيع


أيها ذا الشاكي وما بك داءٌ * كن جميلاً تر الوجود جميلا

قديم 30-05-02, 10:33 pm   رقم المشاركة : 5
أباالخــــــيل
عضو مميز





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أباالخــــــيل غير متواجد حالياً

3 -دور العلماء في تجديد الفكر الديني




سيدي، ذكرت قبل المداخلات أن جزء من الخلل العباسي في روح الوصاية هو أن العلماء أصبحوا الموقعين عن رب العالمين، سؤال الأخ الحسن في البداية وسؤال الأخ تركي ألا يمكن اعتبار العلماء هم الرديف، على اعتبار إنه عانينا من ظلم سياسي، عانينا من سوء تطبيق من قِبَل النخبة السياسية الحاكمة؟ ألم يكن إعطاء العلماء هذه المكانة من جانب آخر، قد يكون من زاوية فكرية هو معيق، لكن من زاوية سياسية صرفة،أومن زاوية اجتماعية أخرى ألم يكونوا الرديف الذي كان بإمكانه أن يعادل الإجحاف الذي كان يقع على يد الحكام؟

د. عبد الله الحامد: كان من الممكن، لكن النموذج التربوي أو اهتمام العالم ظل يتناقص شيئاً فشيئاً، يعني لماذا لانجد في تاريخ الأمة إلا أعداد محدودة مثل العز بن عبد السلام تتصدى لقضية الظلم الاجتماعي؟ العلماء في هذا الجانب أهملوا إهمالاً كبيراً، لأن الإخلال بالعدالة الاجتماعية وبقيم المجتمع المدني هو سبب سقوط الدول، كما ذكر ابن خلدون في علاقة الظلم بالفساد، وكما ذكر بن تيمية عندما قال كلمة: "إن الله ينصر الدولة الكافرة إذا كانت عادلة على الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة" الخلل الذي وقع فيه الفكر الديني أنه لم يعطي مبدأ العدالة الاجتماعية والتضحية في سبيلها ما تستحقه.

ماهر عبد الله: عبارة تنم عن وعي حضاري كالذي نطالب به، يعني لم يكن مشغولاً فقط بما اشتهر عنه من قضية الطلاق والزواج التي سجن بسببها.

د. عبد الله الحامد: نعم، هذا بن تيمية له كتاب "السياسة الشرعية" لكن هذه الكلمات التي نسمعها لمثل بن تيمية أو للغساني طبعاً قال الغساني أيضاً كلمة مثلها، وابن تيمية وابن خلدون بنى على ذلك في مقدمته، لكن بن خلدون للأسف لم يُنظر إليه بصفته مفكراً أو عالماً دينياً، لو كان هناك وعي ديني لدى المهتمين بتطبيق البرنامج التربوي الديني لوضعت المقدمة في أساسيات الدروس، لأنها هي الربط بين الدين بمعنى الصلاة والدين بمعنى قيم المجتمع المدني، والرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة"، يعني الناس سيصلون وسيزكون وسيحجون حتى في ظل دولة كافرة، لكن إذا لم يتحقق العدل الاجتماعي ولم يوجد صناعة ولم يوجد قوة معرفية فستسقط الدولة، سقوط بغداد لم يكن بسبب قلة المؤلفين ولا بقلة المحققين، ولا بقلة المصلين والصائمين، لكن بسبب الإخلال بالقيم المدنية، الإخلال بالعدل، انتشار.. فشو الظلم، سقطت.. سقط البنيان الداخلي.

ماهر عبد الله: طيب لو انتقلنا لسؤال.. أحد أسئلة الأخت أم محمد كونك ذكرت المجتمع المدني في جوابك الأخير، وذكرت قبل المكالمات الديمقراطية، الأخت أم محمد تعتقد أن كل ما تقوم به الدكتور عبد الله الحامد هو محاولة للتوفيق -إذا سمحت لي الأخت أم محمد بإعادة صياغة- تلفيق بين الفكر الإسلامي كما تراه، وبين ما هو مطروح في الساحة اليوم لمسايرة إبداعات العصر ومستحدثاته ليقال أننا عصريين.

د. عبد الله الحامد: قد يبدو هذا لها، وهذا من حقها أن تراه وأن تعبر عنه باللغة التي تراها مناسبة، لكن تبقى الحقيقة قد تكون لها جوانب عديدة، فحصيلة قراءة التاريخ أن الأمم تسقط أو ترتفع بقيم هي أركان الحضارة، فأركان الحضارة هذه لابد من تحقيقها وتحققها سواءً في.. في الصين أو في البلدان العربية أو في الغرب، وبالتالي هل الإسلام يمنع من القيم الحضارية؟ لا يمنع، الإسلام عندما أمر مثلاً بالزكاة، أليست الزكاة لا تنتج إلا عن غنى، أليس الغنى لا ينتج إلا عن صناعة أو زراعة أو تجارة؟ إذن يصبح الاقتصاد مأموراً به في الشريعة، وهكذا، الدفاع عن الأمة، أليست تدافع الأمة بجنس السلاح التي تُضرب به؟ إذن إذا جاءت أمم تغالب الأمة بالتقنية، بالاختراعات، بالصناعات هل نركب هذه المعدات ونحج إلى بيت الله الحرام ونقول (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) أم نسابقهم؟ هل يظل مفهوم الصالحين هو أنهم هم المتعبدون فقط الذي قدم له النووي في كتابه هذا "رياض الصالحين"، "إن لله عباداً فطناء طلقوا الدنيا وخافوا الفتن" طلقنا الدنيا، تزوجها الغربيون، أنتجت لهم أشبال القوة المعرفية والتقنية وغزونا بها الآن، فهذه نتيجة الفك بين إقامة الصلاة وإقامة الحضارة، ثم الديمقراطية هي.. هي الشورى لكن نحن لو قلنا كلمة الشورى لصارت مصطلح مائع الآن، لأن الفقهاء موعوه عندما قالوا هل هي واجبة؟ وهل معلمة أو ملزمة؟ صارت غير مصطلح دقيق، لكن الديمقراطية تحدد معناها، والمودودي نفسه استخدم عبارة الديمقراطية الإسلامية، فهي عندما توصف بالإسلامية ينتهي الجدال، أما أن نتصور أن الدين صلاة وصوماً وحجاً فقط هذه أركان خاصة، لكن للدين أركان عامة التي لا يقوم المجتمع ولا تقوم الدولة ولا تقوم الحضارة إلا بها، فتشجيع العلوم والاختراعات هذا.. فريضة إسلامية، ولذلك محمد رشيد رضا اعتبر القيم المدنية من فرائض الدين، وليست واجبة بالتبعية كما يتصور بعض الفقهاء، بل هي واجبة بالأصالة، لأنه لا يمكن أن توجد أمة قوية بدون قيم مدنية، فبالتالي لماذا نحن نريد نخرج هذه الأشياء من الإسلام؟ الله سبحانه وتعالى يقول: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) والله –سبحانه وتعالى- يقول (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) من الذي يرث الأرض الآن؟ هم الصالحون لعمارتها، هذا قانون وضعه الله –سبحانه وتعالى- على أساس أن الآخرة هي جزاء.. هي دار الجزاء لمن كفر ولمن آمن، أما الدنيا فهي فيها جزاء من ظلم بسطوته ومن عدل باستمراره سواءً صلى أو لم يصلي، فالله –سبحانه وتعالى- ذكر في الذكر الحكيم أنه لا يعاقب الأمم إذا صلحت، (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) فبناء صلاح الدول وعمرانها في الحياة الدنيا هو العدل الاجتماعي، أي دولة تخل بالعدل الاجتماعي ستسقط، فبالتالي ينبغي أن نفرق أن أركان الإسلام فيها ما يحقق مصالح الدنيا، وفيها ما يحقق مصالح الآخرة، فهذا معنى سعادة الدنيا والآخرة و(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة).
ماهر عبد الله لم يبق معي إلا دقيقتين بس نعطي الدكتور فرصة للإجابة، مشكور جداً على هذا، عندك دقيقتين فقط، الأخ أنور البدوي يقول -أو مجمل الكلام لو عدنا إلى كلام الأخت أم محمد أيضاً- ثمة مغالطات فيما تفضلت به من كلام، العصر العباسي كان عصر متميز -بكلام الأخ أنور- أنه أين كانت أوروبا والعالم في.. في ذلك الوقت؟ الأخت أم محمد تقول: منذ متى والتاريخ هو.. هو الحكم يعني حادثة تاريخية انتهى أوانها، الأخ الجار الله قال: العصر العباسي انتهى، ما بقي هو منهج، منهج السلف الصالح، فكيف تدافع عن نفسك أم أن هناك مغالطة استشهاد بتاريخ انتهى ولم يعد قائماً؟

د. عبد الله الحامد: هناك قوانين في الاجتماع الإنساني .. الله –سبحانه و تعالى- له سننه الاجتماعية مطردة على جميع الأمم والشعوب، فبالتالي من أخذ بقوانين النشوء والقوة قوي، ومن أخذ بقوانين الضعف ضعف، فبالتالي لماذا ينكر الناس فائدة التاريخ؟ أعتقد إن هذه مسألة الكلام فيها سيطول إذا جلسنا سنقنع فيها، الذي أريد أن أؤكد عليه في ختام الكلام طبعاً أنا أعتقد أن فيما قلته شيء كثير من الغرابة وغير المألوف، ولاشك إنه الصدمة الأولى لأي فكرة غير مألوفة تبدو رفضية، لكن الشيء اللي أطالب فيه أنا هو الرجوع إلى منهج السلف الصالح، لا إلى متون السلف الصالح، يعني إلى كتب الحديث، إلى القرآن الكريم من أجل رؤية ما هي مقاصد الشريعة، ومن أجل صياغة العقيدة الإسلامية صياغة شاملة تجمع بين أركان الإسلام الخاصة التي تخصنا نحن المسلمين وأركان الإسلام العامة التي لابد منها لإقامة أي مجتمع قوي.


للجميع فائق تحيّاتي...







التوقيع


أيها ذا الشاكي وما بك داءٌ * كن جميلاً تر الوجود جميلا

موضوع مغلق
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 12:41 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة