«ديوانية العثيم» والسفارة السعودية في لندن..!! (2)
بقلم ... دكتور زياد الصالح - لندن
دأبت صحيفة (....... ) منذ سنوات ضمن برامجها السنوية على انتخاب عدة شخصيات لها مساهمات وأنشطة في عدد من المجالات (السياسي ، والاجتماعي ، والاقتصادي ، والإعلامي) وسيتم الإعلان عن الفائزين في أقرب وقت بإذن الله مساهمة من (الحقائق) كمشروع ثقافي وفكري في تكريم وتقديم المبدعين في كافة أقطار الوطن العربي .
وما سأكتبه اليوم واتناوله في مقالتي هذه هو سيرة لشخصية مواطن سعودي يأتي من باب التعريف به ، وبجهوده الإنسانية التطوعية والخيرية المنبثقة من القيم الدينية والعربية الأصيلة التي يتحلى بها هذا الانسان والذي استطاع بتوظيفه لها ان يحقق مشروعاً هاماً يشار له بالبنان ..وخصوصاً بعد أن وقعت بين يدي سيرته الذاتية التي جمعها فريق (الحقائق) ، وبعد أن تم ترشيحه ضمن الأسماء المتنافسة لنيل جائزة شخصية عام (2007) في مجال العمل الاجتماعي والإنساني المقدمة من (الحقائق)..وحيث انه حتى كتابة هذا المقال المرشح الأكثر حظاً من حيث عدد أصوات اللجنة العليا المسئولة عن المفاضلة ، واختيار المرشح الأجدر والأكفأ من بين عدد من الأسماء التي كانت في دائرة التنافس والتي رشحتها لجنة مكونة من عدد من كبار المثقفين والمفكرين والإعلاميين العرب كهيئة مناط بها هذا العمل سنوياً ومسئوليتها اختيار وتحديد الشخصية الأفضل من حيث خدمتها وعطاءها وجهودها التي بذلت في مجال تخصصها.
إن تناولي لسيرة الدكتورأحمد بن صالح العثيم الخاصة والعامة ، والحديث عن (ديوانيته) التي تمثل في (لندن) دار وملتقى مفتوح لكافة أبناء الجاليات العربية والإسلامية من دون استثناء للتعارف والتقارب المطلوب في مثل هذه العاصمة الهامة والمؤثرة في كثير من شؤون المنطقة العربية..كما انها دار تعبر عن مدى انفتاح الانسان السعودي ، وحرصه على الوحدة العربية واللقاءات العربية من خلال هذا التجمع الذي يعتبر أهم نجاحاته لاسيما وانه قام على قاعدة العمل الاجتماعي والانساني ..أي بعيداً عن السياسة مما يجعل المراهنة على استمرارها وبقاءها ونجاحها مهما حاول البعض من التقليل من شأنه أمراً محسوماً.
إن فكرة هذه الديوانية وما بذل من جهود خيرة في سبيل انجاحها في مكان مثل (لندن) ، وزمان كثيراً ما يتنكر الإنسان لثقافته العربية وحتى الاسلامية ، يعتبر انجازاً عظيماً لخدمة الثقافة العربية والاسلامية..
ان الفكرة والهدف التي قدمها طواعية هذا الإنسان وبجهوده الفردية التي يعرفها ويلمس الجميع مدى مساهمتها ودورها ، يجب علينا جميعاً ان نقف معها لا أن نحاربها أو نحاول أن نطفأ شمعتها.
لهذه الاسباب وغيرها سأستعرض مع القارئ سيرة الدكتور احمد بن صالح العثيم ، والتي هي على النحو التالي :
1- قبل إحدى عشر عاماً تقريباً حط رحاله (الدكتور احمد العثيم) في عاصمة الضباب ترافقه أسرته الصغيرة آنذاك ، وذلك من أجل إكمال دراسته في الحصول على درجة الدكتوراه ، غادر الدكتور العثيم بلاده طالباً العلم وعلى نفقته الخاصة ، كانت دراسته على الرغم من حصوله على شهادة الماجستير من جامعة (الأمير نايف) بالرياض عام (1993م) دلالة على مدى ما تملكة شخصيته من حماس وطموح لامحدود في طلب العلم ، وان التحصيل العلمي في حساباته أولى من جمع المال.
2- في الجامعة كان مثال للطالب السعودي المتفاني في تحصيل وطلب العلم والمعرفة ، ونموذج مميز في الجدية والانضباط ، وقدوة في طيب المعشر، وحسن الأخلاق ، لقد كان هذا الطالب المجتهد والمتحفز في طلبه للعلم والمعرفة أفضل تعبير حقيقي ينفي الاتهامات التي تروج عن الطلبة السعوديين خاصة والخليجيين عامة حول سوء سلوكهم ، وانفلاتهم الخلقي والانحلال القيمي والديني بمجرد مغادرتهم ارض دولهم الخليجية وابتعادهم عن بيئاتهم ذات الثقافة المحافظة ، والتي تحمل مخزون وارث لعادات وتقاليد عربية عريقة تفرض نوعاً من الرقابة الاجتماعية الصارمة على ممارسات وسلوك الفرد الذي يعيش داخلها.
3- أثناء سنوات الدراسة ومع تطور معرفة الدكتور العثيم وإحتكاكه واختلاطه بمحيطه الانجليزي الجديد..لم يستطع كبح جماح ماتحمله جيناته الوراثية..وما توارثه كابر عن كابر..من عشق للتجارة ورغبة في ممارسة العمل التجاري..فقد كان يحمل أهم شهادة يحترمها هذا القطاع ، وهي التجربة والخبرة منذ نعومة أظافره من إحدى أعرق مدارس التجارة ألا وهي مدرسة والده الشيخ صالح العثيم - رحمه الله - فقد كان لإزدياد معرفته وتعمقه في فهم الأسواق البريطانية العريقة والشهيرة ، وملاحظته لسلوك الجمهور البريطاني وغيره من رواد تلك الأسواق مستثمرين ومشترين إلى اقتحام هذا السوق والدخول فيه من أوسع أبوابه ليصبح بذلك طالباً مجتهداً ورجل أعمال ناجح شعاره المصداقية والتواضع أولاً وأخيراً..
لقد تمكن هذا الإنسان من فهم المزاج الأوربي من حيث المؤثرات في توجهات سلوكه الشرائي لمتطلباته واحتياجاته الاستهلاكية..كما حرص على التمسك والالتزام بتطبيق الأنظمة والمعايير القانونية بعد أن أستوعبها جيداً.
4- شَكلت علاقات الدكتور العثيم ومعارفه بالعديد من أبناء الجالية العربية والإسلامية وخصوصاً النخبوية منها مكانة مميزة له بينهم ، فقد كان لبساطة الدكتور أحمد عند استقباله لهم في منزله وترحيبه وتواضعه وكلامه مع ضيوفه ، وإحساس وشعور هؤلاء الضيوف بصدق أحاسيس ومشاعر هذا الإنسان سبباً في تعمق مشاعر الثقة والاحترام والتقدير بينه وبينهم ، وبين بعضهم البعض..كما كان لوجهة نظره وآراءه وتشجيعه لهم في التواصل وتوطيد العلاقة بينهم وبين بلاده المملكة العربية السعودية..وجاء تشجيعه الدائم لهم لحضور احتفالات السفارة السعودية بالمناسبات الوطنية والأعياد الدينية من خلال تجمعهم في منزله ومن ثم الانتقال إلى مقر السفارة دوراً داعماً وزخماً إيجابياً لتضييق الفجوة التي عادة ما تتكون بين مثل هذه الجهة الرسمية الحكومية (السفارة) ، وأبناء الجالية الإسلامية والعربية..كما كان لديوانية الدكتورأحمد الدور الكبير في تصحيح وتغيير النظرة المملوءة لدى البعض منهم بالعديد من المغالطات عن المملكة.
5- لقد مثلت ديوانية العثيم نافذة خير وجسر للتواصل وتبادل لوجهات النظر بين أبناء الجالية الواحدة حتى في عاصمة الضباب.
6- ساهمت تلك الديوانية على الالتقاء الدائم والمستمر والتقارب بين أبناء الجاليات العربية والإسلامية بإقامة العديد من المناسبات والأمسيات التي تقيمها على شرف أديب أو شاعر أو مثقف يلتقي من خلال الديوانية بأبناء جلدته ليسمع منهم ويسمعوا منه ما لديه من جديد.
ثانياً : فيما يخص أبناء الجالية السعودية فقد حرصت الديوانية على الآتي :
1- لقد فتح الدكتورالعثيم قلبه وديوانيته لكافة إخوانه من الطلبة السعوديين والمبتعثين للدراسة في بريطانيا دون استثناء ، وحتى الزائرين والمرضى المراجعين ، وكان حريصاً على جيرانه أبناء البعثة السعودية بلا استثناء فكان أول الداعين لضيف جديد جاء إلى الأراضي البريطانية من أجل العمل ضمن هذه البعثة ابتداءاً ممن تقلدوا منصب سفير وانتهاءاً بأصغر موظف عرفته السفارة للإلتقاء والتعارف مع بقية أبناء الجالية ، فلا يمضي أسبوع إلا ويأتي اتصال هاتفي من قبل (أبا محمد) ليوجه لك دعوة بلهجته القصيمية لحضور مأدبة غداء أو عشاء على شرف ضيوفه من أبناء وطنه أو لمناسبة وداع آخر كان في زيارة عمل أو رحلة علاج من مرض ألم به.. في دعوته تلك ، تشعر بحرصه الشديد على الحضور والمشاركة.. وفي وداعه عند مغادرتك لديوانيته تلمس المناصحة الأخوية الصادقة التي نفتقدها هذه الايام ، والدعاء بالتوفيق آخر الكلمات التي تلامس مسامعنا حين نهم بالمغادرة من الديوانية..ليؤكد بذلك أنه ما فتح هذه الديوانية وأنشئها إلا حباً ووفاءاً لوطنه ومن أجل أولئك المغتربين من ابناء الوطن.
2- الدكتور العثيم ، ومن خلال هذه الديوانية أجاد التعبير بأسلوب راق وحضاري عن مدى حرصه كمواطن سعودي على التمسك وتطبيق أهم ماورد في سنة نبيه الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص..فكانت ديوانيته تعبيراً حقيقياً عن الإسلام وجوهر أهدافه وسلامة تعاليمه في بلد عادة ما يحمل هذا الدين تبعات أعمال فئة أبعد ماتكون عن الإسلام..لتوظف أعمالها وتساهم لدى العديد من أبناء هذا البلد بتشويه صورته والعبث بها من خلال إلصاق مالا يجوز ويستحق كدين سماوي قائم على "ادعوا إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".
3- إن ديوانية الدكتور احمد العثيم كحقيقة وواقع تأتي أيضاً تعبيراً عن التضحية بالغالي والنفيس من قبله كمواطن تحمل نفقات مالية ضخمة في سبيل بناء وتشييد هذا الصرح الكبير القابع أمام مبنى (أكاديمية الملك فهد) وما يتبعه من ملاحق أخرى كغرفة الطعام وغيرها، أفراد أسرته أولى بها..وما أصعب تحقيق ذلك في ظل القوانين المتشددة والتي تعمل من خلالها المجالس البلدية لدى الانجليز.. إضافة لما سبق من تضحيات نجد هذا الإنسان يسخر وقته الثمين ، ومجهوداته لتحقيق قيام هذا المشروع الإنساني والاجتماعي الخيري ..مما يدل على مدى كرم وأريحية هذا الإنسان وإلى أي حد هو متمسك بتحقيق هدف سامي ، وخدمة إنسانية عظيمة لا يمكن لعاقل منصف إنكارها أو تجاهلها إلا إذا كان حاقداً أو مبغضاً لحسد في داخل نفسه وما أكثر الحساد في وقتنا هذا.
4- ان هذا المشروع الإنساني ليس كما يعتقد البعض يقف عند إقامة المناسبات وإقامة الحفلات بل نجده يتجاوز هذه الاهداف المعنوية على أهميتها..ليأخذ على عاتقه جانباً ومنحى آخر وذلك من خلال ملامسته لمن لجأوا إليه من أبناء الجالية السعودية ممن انقطعت بهم السبل وكانوا بسبب ضيقة مالية بحاجة ماسة لمبلغ متواضع من طلبة وغيرهم كالمرضى للحصول على قرض فقد ساهم صندوق خاص بهذا المشروع في تأمين ودفع العديد من المبالغ المالية لفك ضائقة لهذا الطالب أو ذاك المريض.. الذي عادة ماتكون الاجراءات البيروقراطية سبب في تأخير مستحقاته المالية أو من كان على عجل من أمره ولم يحن موعد استلامه لمخصصه المالي.
اما فيما يخص سيرته الذاتية :
ولد الدكتور احمد بن صالح العثيم بمدينة الرياض فى سنة 1964م وهو من أبناء منطقة القصيم وله ولدان وبنتان وتعد عائلته واحدة من كبريات عائلات القصيم .
وعن الخبرات العملية :
- رئيس مجلس إدارة مجموعة العثيم التجارية .
- شريك متضامن فى مجموعة لازوردي للذهب والمجوهرات بالرياض سابقاً.
- رئيس شركة العثيم للاستشارات الشرعية والقانونية والأمنية (المملكة المتحدة) .
- رئيس مجلس إدارة العثيم للاستشارات الاقتصادية (الرياض).
- رئيس مجلس إدارة مجلة جواهر الذهب والمجوهرات.
- عضو جمعية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
- عضو جمعية المحامين العرب بلندن .
- عضو جمعية المحامين العرب بالقاهرة .
- مشارك فعال في العديد من المجالس العلمية والندوات والمؤتمرات والمعارض الدولية والخليجية.
وأخيراً ، الإنتاج الفكري والثقافي :
- بحوث في تقييم ظاهرة الغش التجاري .
- بحوث اجتماعية واقتصادية.
- الموسوعة العلمية للذهب والمجوهرات الجزء الأول (الذهب والفضة).
- الموسوعة العلمية للذهب والمجوهرات الجزء الثاني (الأحجار الكريمة والماس واللؤلؤ).
- كتاب ذهبيات - كتاب اقتصاديات - كتاب السلوك الإجرامي ودور المجتمع في رعاية السجناء - كتاب حوكمة الشركات العائلية .
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا هو : ماذا عن موقف السفارة السعودية في (لندن) من هذا المشروع الإنساني الطموح..؟! وعن حقيقة جهودها في الدفع باتجاه تحقيق ما يسعى له هذا المشروع وغيره من أهداف إنسانية سامية للوصول إليها..؟!
إن هذه الأسئلة مع غيرها ستكون محور الجزء الثالث عن مشروع ديوانية الدكتور العثيم ، نتمنى من السفارة والقائمين عليها ان تساهم معنا في فهم الإجابة عليها فأملنا بهم كبير ، ونظرتنا المتفائلة بأبناء بعثة سفارة خادم الحرمين الشريفين بلندن وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير / محمد بن نواف بن عبد العزيز آل سعود..لن تخيب فما عُرف عنه يحفظه الله.. من تشجيع وحرص على أمثال هذه المشاريع الإنسانية كفيلة تماما - مهما قصر أو طال الزمن - في الوقوف والمآزرة ، فجميعنا يعرف بصماته وحقيقة وقفاته مع مشروع من هذا النوع.. مشروع ندعو الله ان يزداد وهجاً يوماً بعد يوم ويعم بنفعه الجميع.
----------------------------------------------------------------------منقول بتصرف
هذا ما سطرة الدكتور زياد الصالح في احد مقالاته عن زيارتة الى لندن والالتقاء بسفير المملكة هناك وتطور الامر وصولاً الى مواطن سعودي يحكي قصة ديونيته وذكر الكاتب ان الدكتور احمد العثيم انموذج فريد من المواطن العربي ....
تحياتي ...