[align=center]حياة الروح تلاحقها كلما جنَّ عليها الليل فلا تكاد تصيب مأربها , والمجتمع يَعِدُها ولا يفي بوعوده , والدين يأمرها بالوقر في بيتها , والحياء آخذ بمجامع قلبها ونظراتها , فلا تبرح مكانها إلا بعد لأي , وبعد خطوة محسوبة عليها من صغير مجتمعها إلى كبيره .
إن الفتاة فيها مسكنة الضعف في كل شيء , فإن تحدثت ومالت إلى الخطأ قالوا إنها ناقصة عقل ودين , ولا يلتفتون إلى أنها وصية النبي – عليه الصلاة والسلام – حين قال : ( واستوصوا بالنساء خيرًا ) , ولا يعلمون أن الجنة تحت أقدامها , وإن جنحت إلى السلم قالوا إنها مخلوقة من ضلع أعوج , فلا تكاد تشق طريقها حتى يأتي الرجل فيزاحمها بالمناكب والأقدام .
تشيع مسكنة الفتاة في ظل خوفها على عفتها , وفي خوفها على سمعتها حين كانت حامية الأجنة في بطنها , فعدم شرعية تلك الأجنة إلى أبيهم يأتي الشك منها , فهي لا تستطيع أن تشك في شرعية أبنائها من زوجها , بينما هو له الحق في شكه فيها حين كانت وعاء لتلك الأجنة .
في تصدرها المجالس تشيع المسكنة أكثر من غيرها , فلن تجد الفتاة في مجتمعنا كما غير المجتمعات الأخرى , إنها مقتولة بلا خنجر , وخارسة اللسان بلا قطع له , ومغيبة تغييبًا يقل مثله في سائر ( باقي ) الأشياء , إنها مكلومة حزينة , مقهورة غير منصَفة .
في زواجها لا تستطيع أن تخطب لنفسها كما الرجل وإن أحل لها الشرع ذلك , كما في شأن تلك المرأة التي وهبت نفسها للنبي , وكما عمر حين خطب لابنته , إن الفتاة تستحي , فينشأ عن ذلك مسكنة فيها لا يعلم بها إلا بنات جنسها , إنها تموت في اليوم مئة موتة .
كل ما تقدم عن مسكنة الفتاة فيه ما هو من أصل الدين , والدين لا يأمر إلا بخير , وفيه ما هو من ترسبات مجتمعنا المريبة وموبقاته , فمن للفتاة التي يقتلها مجتمعها بصمت ؟ ![/align]