عندما كنت أتسوق أنا وعائلتي في احد أسواق الرياض الكبيرة, وأثناء تجوالي في السوق, و جدت نفسي في منطقة محظورة جدا, أدركت أنها محظورة عندما رأيت الرجل المكلف بحفظ النظام بالسوق, وهو يلوح بيده بما يفيد أن أمرا عظيما قد طرأ وعلى صاحبكم المغلوب على أمره تنفيذ الأمر بالوقوف, وإذ أنا استجيب لأمره انتابتني نوعا من الحيرة , خاصة انه يؤشر لزوجتي بالاستمرار ودخول المنطقة المحظورة فأخذت نفسا عميقا مع تحريك ما استطعت أن أمسكه من شعرات شنبي وهي إشارة طاووسية تعني أن قتالا قد استعد له صاحبكم وعلى "السكيوريتي" أن يواجهني والغلبة ستكون لبطلكم, وبعد أن أدرك أن الحرب قائمة لا محالة وأنها ستكون حربا غير متكافئة بيني وبينه رغم ما يملكه من علاقة قوية مع جميع أصحاب المحلات, وبعد مداولات ومحادثات صاحبت تلك المحادثات ضغوط شديدة علي فان الأمر اقتضى أن نعرض مشكلتنا على أهل الحل والربط وفعلا تم الاستعانة بالخبراء من المتسوقين وأهل العلم منهم, وبحكم نفوذه فإنهم قرروا تنفيذ قانون عدم التكافؤ بين المرأة والرجل(قانون الفصل) القاضي بالفصل بيني وبين زوجتي في السوق, وقد نفذوا ما أراد فالحكم صدر وبكل سهولة وهذا ليس ضعفا بصاحبكم بأن يرضخ لهذا الحكم العادل ولكن رضخ له بعد أن أدرك أن المنطقة المحظورة خصصت للنساء فقط, حيث البائعات وجميع العاملات من النساء فمن الطبيعي إلا يكون أبو شنبات في المنطقة المحظورة, فعلى زوجتي أن تدخل بسلام داخل السوق لوحدها, والغريب في الأمر أن زوجتي مؤيدة لقانون عدم التكافؤ, فقد وجدت فيه أنه أفضل قرار أصدرته وزارة العمل, فالفصل العنصري أتاح لها أن تختار أزياؤها بحرية دون حجاب قد يمنع بعض التفاصيل الدقيقة بالفستان, كما أتاح لها أن تجادل بالسعر, والاهم من ذلك أنها تطلب المقاس المناسب لها دون حرج وهناك خدمة مهمة لن تلقاها المتسوقة إلا من بني جنسها وهي مساعدة البائعة لها باختيار اللون أو الموديل عندما تحتار أي لون أو موديل مناسب لها فالبائعة لديها إلمام بما يناسب المرآة, فالمرأة لا يعرفها إلا أمراة.
ومن المتوقع أن سبب تأييد زوجتي لهذا القرار هو أنها أتاح لها شراء ما غلي ثمنه دون رقيب, فالفصل العنصري حجب أجهزتي الرادارية, وهي نظري ويدي ولساني, فالرؤيا أصبحت معدومة فلا أشاهد مواقع البضائع الرخيصة والتي في السابق كنت اتجه إليها وأعسكر حواليها, ويدي لا تصل الى داخل سلة المشتريات لأخذ ما أختارته زوجتي من بضاعة وارجاع ماغلي ثمنه منها إلى مكانها, ولساني أصبح عديم الجدوى فلا تسمع نصيحتي الكاذبة(مسكينة) بأن ما اختارته غير مناسب لها.
أخيرا, أقدم شكري وتقديري لك يا دكتور غازي القصيبي على قرار إسناد بيع الملابس النسائية إلى بائعات, فقد فعلت خيرا بنسائنا بهذا القرار, فقد ثبت انه قرار صائب وحكيم كان من المفترض أن يقر منذ سنوات, لكن البعض عارض هذا القرار, لأنه صدر من الدكتور غازي القصيبي, فلو صدر من إنسان غير غازي لباركوا له, وأعتبروه من أفضل القرارات التي سيستفيد منها المجتمع.