[c] بسم الله الرحمن الرحيم
أستيقظ من نومه ذلك اليوم وهو يشعر بأنه شخص غير الشخص الذي قضى عشرون عاما من عمره لم يشعر يوما واحدا بأنه مثل غيره إنسان يضحك لحظة الفرح ويبكي عندما يحين الحزن .. فكل هذه المشاعر لايعرفها أصلا ولايستطيع التفريق بينها كغيره من البشر !!
لكنه ذاك اليوم شعر أو أحس بشعور غريب يغمره لأول مرة بحياته ... ونظر إلى الشمس لحظة أستيقاضه وهو يقول .. هل هذه هي الشمس التي كنت أراها كل يوم ؟؟
فلأول مرة يرى فيها نور الشمس وكأنه خيوط ذهبية تتدفق من النافذة مداعبة جسده النحيل تحاول جذبه إلى حياة يملؤها النور ...
فلم يكن فاقد البصر حتى تتغير نظرته إلى الحياة بهذه الدرجة .. ولكنه رغم مايملكة من مقومات عقلية وفكرية حسيه إلا أنها مغيبة بفقده الحيلة التي تجعله يعيش فيها كما يعيش الآخرين !!
فقد ظهر إلى هذه الدنيا وحيدا لأب لايملك من متاعها مايسد به رمقه وشغفه للحياة .. فكيف له أن يوفر له مايشد عوده ويقويه لمواجهة معترك الحياة ..
ومما زاد عزلته تغلب جاذبية والده ( حبا له وخوفا عليه !!) على محاولاته المستمرة للطيران والتغريد مع باقي السرب في السماء الواسعة .. فكان والده يفرح ويبكي ويحمل عنه كل مايمكن أن يتعبه أو يضايقه في حياته ... مما تسبب بعزلة عن المحيط الذي يعيش به ملحفا بجلباب أبيه ..
وكغيره ممن يعيشون في الظلام وبعيدا عن نور الشمس !! فقد نشأ هزيل الجسم رخو العظلات وعظام بالكاد تستطيع أن توقفه على رجليه !!
ولأنه ذلك اليوم قد أستطاع الخروج من القفص الذهبي بعد وفاة والده !! فقد قرر أن يخوض معترك الحياة بنظرته ورؤيته الخاصة غير المسيّج بها من قبل والده الحنون !!
فكان أول مافكر به أن يقوي جسده وقلبه بشكل يضمن لعقله وفكره العمل على إيصاله لجانب الظافرين بمبتغاهم من هذه الحياة ..
ولجهلة الكبير بجوانب الحياة كلها فكان لابد له أن يسأل عن أفضل السبل يسرا وسرعة الى تحقيق هدفه .. فكان الجواب من الجميع أن الحل الناجع لعلاج ما أصابه من نحل وضعف هو تناول .. السلطة !!!!
لذلك قرر الذهاب الى السوق لشراء ذلك الشئ السحري الذي سوف يجعله كباقي أقرانه ممن سبقوه في مضمار الحياة ..
ولأن صاحبنا لايعرف ماهية السلطة لاشكلا ولالونا فقد كان أول ماقاله عند دخوله السوق بعفوية وبصوته الجهوري (( الذي لايملك في حياته شيئا أفضل ولا أعلى منه !! )) أريد سلطة !!!!!!!!!
فقال له بائع الطماطم عندي لك مالايمكن عمل السلطة بدونها وبها تستغني عن كل مايمكن إضافته إليها وهي من من لم تصله سموم التكنلوجيا ولا مبيداتها !!
عندها تنبه صاحبنا إلى أن السلطة ليست شيئا مستقلا بذاته وإنما هي مكونات تجمع ليحصل منها على مراده .. فقرر البحث عن مايفيده أكثر وأكثر ..
فكانت محطته التاليه عند بائع الخيار وقد تقدم إليه بطلبه الذي يغلفه بشئ من المعرفة قائلا .. أريد شيئا للسلطة !!
فقال له البائع عندي لك الخيار أهم مقومات السلطة وأحد ثوابتها التي لايمكن التنازل عنه كما أنه لوحدة سلطة إن إحتجت الى ذلك !!
فقال له صاحبنا مستخدما ماأكتسبه من معرفة جزئية !! .. لابأس ولكني أخشى أن يكون فيه بعض سموم التكنلوجيا أو مبيداتها !!!!!!!!
فقال له البائع لاتخشى ذلك فهذا الخيار بلدي وليس محمي ولم يرش بتلك المبيدات الحشريه !!
أنتشى صاحبنا فخرا بما وصل إليه من علم وواصل المسيرة بحثا عن أكثر من ذلك وكان توقفه بعدها عند بائع الخس الذي بادره بقوله .. هل تريد خسا يغنيك عن تضييع وقتك بتقطيع السلطة !!
فرد عليه صاحبنا بكلام الواثق من نفسه !! .. لكن يبدو أنه إنتاج محمي وليس بلدي !!!!
فقال له البائع ضاحكا .. لاتخف فهم لم يقوموا حتى الان بإنتاج خسا محميا فكله بلدي .. وأنظر الى خضار ورقه الطبيعي الخالي من الحشرات والمبيدات ..
فأعتراه بعض الخجل ولكن لم يثنه عن مواصلة البحث عن باقي مكونات السلطة الحقيقية !!!!
فأنصرف ملتفتا يمينه لينتقل إلى بائع الجزر .. فتوقف عنده وسأله سؤال مبهما لايدل على جهله قائلا ماذا لديك ؟؟
فرد عليه البائع .. إنه الجزر الطازج الذي يغريك برائحته وطعمه الطيبين ..
فحمل صاحبنا بيده بعضا منه مظهرا إبتسامة النصر بقوله للبائع ..ولكن لماذا أوراقه باهته ؟؟ وما هذه الحشرات التي عليها ؟؟ فكيف سأكله بهذا الشكل ؟؟!!!!!!!!!
فأطلق البائع ضحكة سمعها كل من حوله قائلا .. هل ستشتريه لك أم لبقرتك ؟؟!! إذهب فليس لدينا مايباع هذا اليوم أصلحك الله !!!
فكانت صدمة لصاحبنا مسحت عن وجهه كل تلك المعنويات المرتسمة عليه نتيجة ماأكتسبه من علم ومعرفة ..
ليتأكد بعدها أن كل ماحلم بتحقيقة ذلك اليوم لن يأتي بتلك السهولة التي كان يتوقعها فخرج من السوق باديا عليه آثار الخيبة التي أصابته نتيجة فشله بتحقيق هدفه في وقت قصير ... ومع ذلك لم ينسب ذلك الفشل الى جهلة ولكن بمكابرة قال لنفسه لابد أن أولئك الباعة ليست لديهم السلطة فحاولوا إيهامي بأن مالديهم يفي بغرضي لأشتري منهم !!
لذا قرر مغادرة السوق والبحث عن سوق آخر لعله يجد لديهم السلطة المطلوبة ...
وصل الى السوق الآخر ولم يجد فيه إختلافا كبيرا عن السوق السابق لافي شكله ولامحتواه وحتى الباعة فيه ليسوا ببعيدي الشبه عن باعة ذاك السوق ..
أصابته خيبة أمل في العثور على مايطلبه ولكنه قرر السؤال عسى الله أن يجعل له عندهم خبرا ..
فأتجه الى بائع الطماطم وسأله مباشرة .. هل عندك سلطة ؟؟
فرد عليه البائع .. نعم لدي الطماطم وهومن اهم مكونات السلطة ولكن .. رغم أن الطماطم تحتوي على 95% من وزنها ماء و حوالي 4% من وزن ماءها سكر - دهون - وبها املاح معدنية مثل النحاس و الكبريت و حديد و بوتاسيوم و فوسفور و كالسيوم و 26% من وزن مائها فيتامين سي و نسبة الالياف الموجود بقشرتها تساوي غرام ونصف
وأكل الطماطم بقشرته يسهل عمل الامعاء و مكافحة الامساك - و تفيد في تقوية عظام الاطفال و حمايتهم من الرشح و البرد - كذلك مفيدة للمصابين بالروماتيزم و النقرس و الرمال البولية و حصى الكلى و المثانة - كما أنها تساعد في تعديل نسب الحموضة بالمعدة و الدم - وتحتوي على نسبة عالية من فيتامين ( اي ) المنشط للطاقة الجنسية
إلا أن ذلك لايغنيك عن غيرها في عمل السلطة فأنت تحتاج بالأضافة الى الطماطم بعض الخيار لتجعل سلطتك أفضل طعما وأكثر نفعا ..
شعر صاحبنا بالأرتياح لكلام البائع مما دفعه الى أن يشتري بعض الطماطم ويتجه بعدها نحو بائع الخيار عملا بنصيحة بائع الطماطم ..
فقال للبائع لوسمحت أريد بعض الخيار لأعمل منه سلطة مع الطماطم الذي أحمله !!
فرد عليه البائع .. سمعا وطاعة أخي ولكن .. رغم مافي الطماطم من فائدة ورغم أن الخيار يحتوي على 85% من وزنة ماء و 40% من وزن ماءه بروتين و 10%دهون و كالسيوم - وحديد - وفيتامين سي
واليافه مفيده لتنقية الدم و ادرار البول و ازالة الشوائب من المثانة و يساعد في تسكين الصداع - كما ينصح باطعامة لمرضى السكر حيث انه يساعد في تنقية اجسامهم من السموم و خصوصا المصابين بالبول السكري لان فية عنصر فعال مثل الانسولين يساعد على تخفيض مستوى السكر في الدم و البول و لكن بنسبة بسيطة جدا
إلا أن إضافة الخس إليهما فيها فائدة كبيرة فهو يحتوي على نسب عالية من الاملاح المعدنية مثل الحديد و النحاس و الفوسفور و الكالسيوم و اليود و الزرنيح و الكبريت و المغنيسيوم والياف وفيتامين أ - وفيتامين ب - وفيتمين سي - وفيتامين اي
و يحتوي على مادة تسمى تراليرس التي تمتاز بخصائص منومة و مهدئة للاعصاب واكثر فوائده المؤكدة انة مدر للبول - كذلك منشط قوي للمعدة و معالج للامساك المزمن ويعتبر مقوي للذين يعانون من الضعف الجنسي
فلماذا لاتأخذ بعضا منه ؟؟
فوافق صاحبنا على عرض البائع بإقتناع كامل وشكره على ذلك وتوجه للخروج من السوق قبل أن يسمع بائع الجزر يقول له ..
لماذا لاتشتري جزرا لتكمل به بضاعتك التي تدل على أنك من محبي السلطات .. فرد عليه صاحبنا ولكني أخذت كل ماتحتاجه السلطة من طماطم وخيار وخس ..
فقال البائع ولكن لاتنسى أن الجزر يحتوي على 70% من وزنة ماء - 13 غرام سكريات - 5 غرامات بروتين - 50 مليغرام دهون - 8 مليغرام حديد - فيتامين سي و فيتامين أ - ويحتوي كذلك على الكالسيوم و البوتاسيوم - يحتوي قشره على 90% من عناصره الغذائية املاح معدنية و فيتامينات
ويعتبر من اكثر الخضار فائدة للنظر فهو يزيد من قوة الابصار , كما اثبتت الابحاث الحديثة ان اكله يوميا يساعد في الحماية من سرطان البنكرياس لوجود الالياف و مادة الكاروتين - وعصيره جيد في حالة الضعف العام و كثر النعاس و ضيق الخلق والتعب - كذلك عصيره يحمي اللثة من الاصابة بالسرطان و يستخدم في علاج السل و السعال الشديد كما يفيد الاشخاص المصابين بالامساك لوجود الالياف بكمية كبيرة- ويساعد في تكاثر الخلايا التي تتكون منها كريات الدم الحمراء و مقاومة الجسم للعدوى و الجراثيم و خصوصا للعيون و المسالك البولية و الهوائية ...
أندهش صاحبنا من كل تلك الفوائد بالجزر مما أغراه كثيرا بأخذ بعضا منه قبل إنصرافه من السوق محملا بالعديد من مكونات السلطة وبالكثير من المعلومات القيّمة عن كل مايحمله متيقنا بأن ماحصل عليه هو بداية الطريق الصحيح لعلاج علته في النقص الحاد في جسمه وفكره .. ومتيقنا بأن سبب ذلك هو توفيق الله له بالأتجاه لذلك السوق الذي يقطنه بائعين يهتمون بإهداء النصيحة والمشورة الصحيحة أكثر من أهتمامهم بتسويق بضاعتهم مما يجعل ذلك سببا لتوفيقهم في كسب رضى الله ثم رضى زبائنهم عنهم ..
وأنت أخي الكريم حاول دائما التوجه الى المكان المناسب لطلب حاجتك حتى لايتم التدليس عليك بماتطلبه ضنا منك بأنه الحق المراد والمبتغى ..
وأعلم أن لكل بائع وسائله في الغش والتدليس التي قد تفوت على أكثر الناس حرصا وحذرا ..
لذلك فلا تطلب الحق إلا من أهله لأن أهل الباطل لايملكون الحق وإن أدعوه ..
وللجميع تحياتي
الرمادي
[/c]