السلام عليكم ,
اليوم وفي طريقي مررت بأحد حدائق بريدة المخصصة للشباب كانت تزخر بعدد هائل من الزوّار .. مجالسهم بمختلف الأحجام
كنت أرى مالا يرون
ثمة خيط سعادة يلتف عليهم .. يحيط بكل دائرة
يأكلون سوياً , يتسامرون , فعلاً هم لهم الحق أن يكونوا أصدقاء حقيقيين لبعضهم البعض لأنهم يوغلون بالتفاصيل
يرون بعضهم كل يوم ! أو أكثر ..
التفت لنفسى تفكرت بها
صداقاتي لا تخرج عن دائرة المدرسة ! لكي أظل مستمتعة أرى صديقاتي كل يوم .. انتهت الثانوية وكان لزاماً علينا أن ينتهي تلاصق أجسادنا ويتلاشى التصاقنا الروحي شيئاً فشيئاً !!
وأنا أنظر لهؤلاء الشباب
في طريقي عائدة بقمة سعادتي ... فقد انقضى ذاك اللقاء الإجباري لقريباتي اللاتي (قط ما اخترتهن!) فجعلهن القدر صديقات بالاجبار أيضاً ..
يالله ,, لماذا أنا بنت ؟
السؤال الذي يؤلمني جداً جداً جداً جداً جداً .. إلى أن تنتهي أنفاسكم وأنتم تنطقونها
على الرغم من الأشياء الكثيرة التي وهبني الله إياها بفضله بعد بذلٍ مني وجهد .. لم يكن هذا الشيء انجازاً مني بل اني ولدت فعرفت نفسي وجدتني "بنت" !!
صعب أن أوصف لكم قدر الألم حينما علمت "ماذا يعني كوني بنت"؟! .. وشدّة الإعصار الذي حل بي حين كبرت قليلاً فعلمت أن ليس جنسي محل اختيار وليس أيضاً فيه مجال للتغير !!؟؟
أحس بكم قد تعجبون منّي !
ومن ثرثرتي هذه .. لا تهملوها أو تصفوني بالجنون ..!!
نظرة في ذاك الشارع الشبابي هيجتني فجئت أشتهي البوح والكشف عن المستور
المستور
المستور
ماذا يعني كوني بنت ؟!
يعني أن لا أعرف من المرح و (الفله و الوناسة) سوى اسماً تعرفه كل بنت ويعيشه كل شاب ..!! (في الاستراحة / في الكوفي / في الشارع) أي مكان !
يعني أن أنحرم من تلك الصداقة التي نعيشها مع بعضنا البعض ونوغل بتفاصيل حياتنا فتختلط أرواحنا .. يكفي أننا لا نلتقي بتلك السهولة كما يحدث معهم ليلاً ونهار !!
يعني أن لا أكون مثلهُ (هو) ينسى ما يعرف بالسمعة ويمارس كل رغباته دون خوفٍ من خدش سمعة يؤلم! أو كلمةٍ تُحكى .. يعني أن يفعل كل ما يطرأ على البال (إن كان متجرداً من الدين والمبادئ) .. ثم يختار أفضل زوجة (بغز الاصبع) لا أكثر !
كوني بنت يعني أن أحافظ على كل ذرة فيني ليهنأ بها زوج المستقبل الذي سيعيش معي 10 سنين أولى عيشة بني آدم الطبيعيين و10 سنين أخرى يذكر فيها أن له زوجاً تنتظره وتربي ولده إذا أراد النوم لا أكثر! بعدها يمل ويتزوج بأخرى ليكون العقد الثالث من ذاك الزواج سنين المشاكل والعقد التي ترفع الضغط وتسبب القلب , تجلب السكر والكلسترول والقولون أولاً ... وفي مطلع العقد الرابع نعتزل بعضناً .. أعيش مع أبنائي محاولةً استرداد صحتي التي سلبها ..!!
هذه هي دورة الحياة الزوجية في بلادنا عفواً في (قصيمنا) طيب الله ثراه !
هذا لا يهم .. أعود لكوني بنت وماذا يعني ذلك ؟؟
يعني أن لا مجال للعيش والاستقلال سوى (الدراسة) التي سمح
بها الرجال مؤخراً منذ ما يقارب 30 أو 40 سنة لبناتهم
وأصبحت العيشه الوحيدة التي تتخذها البنت أنساً لها غير مستعينة بأحد سوى الله سبحانه
كأني بدأت أبكي وشريط الماضي يمر في ذاكرتي .. حين كنت في الصف الثاني ثانوي فتأهلت في الأولمبياد الدولي للكيمياء كان ذلك يعني أن أحضر برنامج تدريبي في العاصمة الرياض إلا أن ذاك الوقت كان (وقت صيد أو بر) وهذا حائل دون أن أجد من يسافر بي 300 كيلو لا أكثر !!
ممارسة الهوايات بالنسبة للرجال تعني أن لا وقت أبداً لأي متعلق أو انجاز يتعلق بكائن يدعى "البنت" !!
تخرجت من الثانوية بنسبة 99 وأكثر , تحصيلي 93 قدرات 90 وكنت من أول دفعة طبق عليها هذا النظام اجباري .. طموحي طب أو أي تخصص صحي يجعلني أظمن وضيفةً مباشرة والعيش دون الحاجة لأحد!! طموحي بعثة خارجية سابك ! أرامكوا! .. أو حتى على الأقل جامعة رائدة كجامعة الملك فهد للبترول والمعادن
إلا أن الجدار الكبير الملعون المسمى بـ "البنت" يحول دون أشياء كثيرة
والمجتمع الألعن الذي يرسي دعائمة ... يجعلني في قسم شرعي أحفظ فيه فأملي على نفسي بورقة الاجابة ! أكرهني وأكره ثلاثة حروف هي منّي (باء / نون / تاء)
ينتهي المطاف بالانهزام ككل البنات في هذا العالم (ولو خبأن ذلك)!!
هل ممكن أن أكون في الجنة أي شيء طيراً شجرة نهراً أي شيء المهم غير البنت!؟ يا رب
كانت نظرة منّي لتلك الجلسات التي وهبتكم السعادة والمرح وتلك السيارات التي وهبتكم الحرية
تأملت فيكم فوجدت أبواباً من "جلسات الفله" أمامكم .. وذكرت حالي فعلمت أيضاً أن أبواباً من "الانجازات العلمية" ليس أمامها شيئاً يحول بالنسبة لكم .. فاستغلوا كونكم (شباب) بنفع الأمة فيما لا تستطيع عليه البنت!!!
لا يكن جنسكم سبيلاً للاستعلاء أو اللعب بالأعراض .. (ضامنين أن العيب فالجيب)
كما تدين تدان! ومن اهتم في أول عمره بالتفاهات ما وجد في آخر عمره ما يرفعه عنها ويأهله للانجازات
يا رب وفّق الجميع لطاعتك