إلى الذي مر من هنا وما التفت للجنوب ,,
إلى الذي نزف رائحة (البن) قبل أن يغرقه المغيب ,,
إلى شرفات حرير عينيه علّه يوما أن يمر من هذا الطريق
عله يرضى ,,,
يمضي يبحث عن ذاته بين بحة صوته ونداء أمه ,,
بين مسافات طفولته وشتاء معاطفه ,,
يمضي حين يأتي متاخرا ويرحل أولا ,, لم يعتد الوقوف طويلا ,, يرسم حزنه على نخيل خطواته ثم يرحل ,,
إليه ,, إليه ,,
إليك ,,
الآن تخبرني أن الأرصفة ماعادت لائقة بالمشي ,, وأن خرائط المعطوبين تتشبث بثوبك ,, وأن التراب الأحمر لم يعد هو وطنك ,,
وأنك من بينهم تائه أسيف ,,
لم يبحثوا عنك ,, حين أضعتهم ,, لأنه لا أحد يبحث عنك ,,
لم يبكوا عليك حين مرضت ,,, لأنه لا أحد يبكي عليك ,,
لم يودعوك حين رحلت ,,, لأنه لا أحد يعرف رحيلك ,,
وتبكي حين أضعتهم ,, حين مرضت ,,حين رحلت ,,
وحدك لم تكن تجيد الانتقام ,, ولا كتابة خواتيم الأخبار ,, ولا القفز على عربات القطار التي لاتخلف موعدها كما أنت ,, معها ,,
وحدك تحترف المرور بين شراشف النائمين ,, تحترف استعمال أطراف قدميك الحافيتين ,, تحترف التنفس من أطراف,, أطراف حزنك ,,
ووحدها راحئة (البن) المعتقة بك تفضحك كل مرة ,,
وكل مرة تقسم ألا تعود ضارعا بين القبور ,,
وكل مرة تقسم ألا يندلق اسمها من بين خياناتك ,,
(أنت) من كان يحنث كل مرة نتفق على أن يكون الرحيل فجرا ,,
لأن بقية من كأس ضارعة لم ينتهي ,,,
ولأن أحمر شفاهها خرائط في عيني أمك ,,
ولأن الجار مشغول بإحكام نوافذه حتى لايسمع أصوات خيانتك ,,
ولأن بقية ستركم مرمية على الأرض ,,
ولأن القطط تنتظر عشاء ماشفع الوقت لشهوة الجوع ,, فكان حظا لها ,,
وتزعم أنك تأتي فجرا ,,!!
( الفجر) الذي لايعرفه الخونة ,,هو موعد رحيل المشردين
(الفجر) الذي يصحو دون أن ينفجر بـ (منشيتات) تغيير الكروش
(الفجر) الذي يفضح اتساخ ثوبك من دم الخيانة
(الفجر) الذي يذبل أسيفا في عيني (أوديب)
وتزعم أنك مشرد ,,,متسخ بتهمة الوطن ,,!!!
(الوطن) الذي يجرب عصر خمرته فوق رأسك ,,
(الوطن) الذي يتعطر بـ (شانيل) وينتعل الـ ( ألدو) ليكون الرقم واضحا فوق جسدك النحيل
(الوطن) الذي علّمك بامتياز مزية التحاف (المنشتات) المتضخمة بالملايين على شوارع (منفوحة) و(الجرادية)
ليوقظك عامل النظافة ,, وأنه أحق بتلك (الكراتين) و (الجرائد)
وعلّم غيرك كيف ينام الوطن على صدور غواني قصور (لندن) و (جنيف) و(باريس)
(الوطن) الذي علّمك بامتياز قراءة الأرقام الطويلة وتهجأة المليارات
وعلّم غيرك لغة ( التنقيط) في بارات (كازا) ومنتجعات (ليتل بالم)
ولأنك تحترم (الوطن) كنتَ حافيا تتلظى فوق هجيره تتطهر من اتساخك بتهمة (الوطن) ,,!!
وتزعم أنك مشرد ,,, متسخ بتهمة (الوطن)
يوما ما مرّ من هنا ,, ويوما ما سيعود ,,
يارب اجعل قلبه في حواصل طير لاتقضمه ,,,
واجعلني عند حسن ظنه بي ,,,
ــــــــــــــــ
!!
!