ولأني لا اعرف منصور ,,
ــــــــــــ
لحظة عابرة ,,,
كان يمر هنا ,,يكتب كل شيء بيده اليمنى ,,لايعرف معنى اليسار ,,
أراد أن يسرع شأنه شأن الفرسان البيض ,,
هناك الموعد ياصديقي كرمع ,,
على حافة الكوثر بعيدا عن ضجيج كومة من الحديد ضاقت به فلفظته بياضا من السحاب ,,
تسحر من ريق حوصلة صغيره (هيثم) ,,
ولسانا عف عن حرفين وكلمتين حتى لايكونا نشازا في صحائفه البيضاء ,,
ويدا مامدت لغير فقير ,,
ثمة أماكن لاتليق إلا بأجساد فجرية ,,تعرف كيف تشرق الشمس في عيون الصغار الذين يحتضنون جرائد الأمس بانتظار احمرار فرن الخباز ,,
ثمة أزمان لاتتوقف إلا لأناس يعرفون وقت السحر وركوب التسابيح الليلية في حفيف مهيب لنزول الإله فوق رؤوسهم الحاسرة إلا من جلال الهيبة ,,,
كل شيء يا كرمع مهيب ,,
التهانئ العيدية التي ماتت أسيفة في مسمعه ,,
الصوت الأخير في فم هيثم ,,وانتحار حرفين في قلبه ( الألف والباء )و ( الألف والميم ),,
اللحظة الحاسمة التي تختار شهداءها بعناية تتجاوز العناق الحميمي لافظة بهم في فم المصلين: اللهم ارحمهم
الغرف التي جربت اسدال الستائر بيد أم هيثم ,,كيف ستعرف العصافير بعد رحيل كاسيها ومطعمها أن لحظة فتح الفم لايرتبط بعد اليوم بفتح هذه الستائر ,,
الشراشف البيضاء التي آثرت أن ترافقهم لونا حتى باب الجنة ,,
ثمة أناس لايختارون الفجيعة العادية ,,الرحيل العادي ,, الموت الذي ينزل هكذا بعد شيخوخة أو مرض ,,
لابد أن تستشهد المدينة غرقا بدموعها على رحيلهم المفاجئ ,,
هو لم يحضر ليلا ,, لكنه أراد الحضور الذي يليق بالطيبين ,, أراده عرسا معتقا برائحة سنابل الجنة ,,
أراد أن يكون وزوجه فجيعة الكنوز النادرة الذين نخسرهم مرة بعد الرحيل ,,وألف مرة قبل الرحيل ,,
حبيبي كرمع ,,لاتأسف ,, أظن منصور من الأخفياء الذين تسبقهم أعمالهم نحو السماء شافعة لهم بفتح بابها بموكب يليق بهم ,,
أما نحن فعلينا رسم المراثي التي لن يقرؤوها ,, لن يعرفوها ,,نجرب الخيانة كل يوم قبل الرحيل ,,حتى إذا رحلوا سقطنا منهكين بخديعتنا ,,
ومن يعرف باب السماء ليلا ,, لن تنكره السماء وقت الرحيل,,
أحسن الله عزاءك وجبر مصابك عزيزي ,,