[align=center]
لم أدرك بعدُ سبب مجيئها إلينا , فقد حار الجميع من مرآها , فكأنني أنظر إلى شفاههم تريد أن تنكر عليها وجودها بيننا , فلم ألبث كثيرًا حتى رحت أسوق قدميّ إليها , فما إن وقعت عيني على عينها حتى بكت بكاء من لم يبكِ من قبل !
أطرقتُ مليًّا قبل أن أحدثها بما يعتلج في صدري , وإني لمطرق ؛ فما راعني إلا صوتها الخافت يقول بألم : رويدك أحمد , فإني مفارقة فلا تعجل , وإنك لمعني بأن تسمع عني ما أقول !
شدني قولها , وأقلقني بكاؤها قبلئذ , فما كنت أحسبها إلا طالبة العون والسند , فمن تكون حين عرفت اسمي ؟ !
استراحتنا تكاد تكون في طرف المدينة , ولا سبيل لفتاة إليها , فما عسى أن تكون حين حرت في شأنها بلا مضض ؟ وأي شيء قد تصادف مجيؤها إلى حضورنا الجماعي في تلك الليلة الليلاء ؟ !
تمتمتْ بدعاء مبهم , ثم استجمعت قواها قائلة بحزم : أبي يحتضر هذه الساعة , وقد دفع عني ذئبًا بشريًّا كاد أن يفتك بي , فإن كان رجلاً في دفاعه , وأبًا في بسالته , فإني ابنته في إسعافه , فعادت أدراجها حتى أوشك الظلام على أن يبتلعها , فتبعناها حتى كان لها ولأبيها ما أرادا !
لقد كانت جميلة بخلقها , وسيمة في شجاعتها !
لقد كانت ابنة جارنا العم صالح ![/align]