[align=center]
تحبني وأحبها , وتهوى أناملي الضغط على تلك الحروف المبعثرة تحتها , لتصوغ لها كلمات قلما جادت بها قرائح المحبين مجتمعة , طالما بكت على قرطبة خوفًا عليه , وحبًّا في بقائه معها , فكأن الحب يسري في جسدينا عبر تلك الأحرف المتراصة تراص اللؤلؤ في عقده , فإذا هي مزدانة في صفحة الماسن كما زينـتها على عنق الكاعب الحسناء .
حبُّ الرمان يغار من اقترابنا رغم اصطفافه المصاغ بحسن , فلو أن أحدًا رأى تلك الدموع من كلينا ؛ لآمن بأن حب الزواج عبث ليس له قيمة , ولعلم أن حبنا لا يعلوه حب بين المتحابين , فقد سكبت تلك العيون أغلى ما تملك , لكنها غير مكترثة لانسكابه , فقد كانت أغلى ما يقدمه المحب لحبيبه , فرعى الله القلوب وشغافها حين صارت توائم بلا نسب .
تقول : أحبك , فتنقاد أناملي بلا تفكير لتقول : أحبك أكثر , فتنداح هموم الدنيا بما رحبت به , وتأتي الأشواق طوعًا إلى صفحة الماسن , فإذا بالقلب يرجف رجف غطاء القدر حين ألهبته النار وشبوبها , فتظل الحرارة حبيسة قلوبنا وصدورنا , فكأن ترائب حبيبتي تعشق اللون النبيذي ملكة واقتدارًا .
كم من جاهل زعم أن الفائدة من الماسن تكمن في تعلم العلم وتبادل حواره ؟ ! وكم من خادع نفسه حين ظن أن أحاديث المحبين عبث وتزجية وقت بلا طائل ؟ ! وليتني أعلم كيف استطاعوا أن يقتلوا حب المحبين حين جاءت التقنية بملتقى للعاشقين كما صفحة الماسن ؟ !
لقد علمتني الرقة واللين كأشد ما تكون عليه أي رقة ولين , وكنت قبلاً أحسب أنني فارس الرومانسية وقبلة العاشقين , فصيرتني كسن قلم يكتب أجود المشاعر وألطفها , فكان أن سحرت الناس حين لم تسحرهم حبيبتي .
صفحة الماسن عندي هي للمحبين وحسب , ولا أجد فيها مآرب غير الحب ورقي الحواس , فقد نلت منها ما لم أنله في سني عمري الموحلات بالغفلات , ورحت أتحسر على عمر تقضّى بلا فائدة كنت أطمح إليها أو هكذا توهمت . . . فهل وجد أحد منكم ما أجده ؟ !
محبكم قرطبة [/align]