هموم ((الشاغلات))
يطلق العامة على كلمة العاملة المنزلية اسم ((شغالة)) أي بمعنى كثيرة الشغل؛ ولكن ما يسمى بالشغالات انقلبن في السنوات الأخيرة لهم على القلب و((الشاغلات)) أكثر من شغالات،فهن شر لابد منه تعودنا عليه بكل مساوئه، فلم يعد بالإمكان الاستغناء عنهن، وفي الوقت نفسه ضقنا ذرعاً بمشاكلهن، وأصبحنا بصددهن أضيع من الأيتام على مائدة اللئام، فاستقدام شغالة هذه الأيام أصبح ((شغله)) أو ملهاة تراجيدية طويلة عريضة في حد ذاته.
الغريب في الأمر أن جميع الدول المجاورة، ليست الخليجية فقط، بل بعض الدول الأخرى جميعها لديها عمالة منزلية، من جنسيات عمالتنا، ولكنها لا تعاني كما نعاني نحن علما ً بأن كلفة استجلاب العمالة المنزلية في السعودية، بما في ذلك الرواتب الشهرية، وما تأخذه مكاتب الاستقدام في البلدان الأصلية، وهي الأعلى بين هذه الدول.فالمشكلة إذا ً داخلية لها أسباب وجذور.
وأول هذه الأسباب هي سفارات الدول التي يتم منها الاستقدام تتدخل بشكل سافر في الشؤون الداخلية السعودية، بحيث تؤدي العمالة لهاربة وتمنحهم الحصانة، وتخفي في كثير من الأحيان المسروقات التي يتم أخذها من بيت الكفيل، ثم تقوم باستخراج ورقة سفر وتسفر العاملة أو العامل من مطاراتنا دون جواز سفر ودون علم الكفيل الذي تنهب حقوقه ولا يبقى له إلا جواز العاملة!، أو دون أي اعتبار لشروط عقد العمل مع العاملة. ولكن هذه السفارات لا تقدم على هذا العمل في أي دولة أخرى مجاورة. فهل يعقل أن يكون هناك مندوب لسفارة في مكتب رعاية الخادمات داخلي يتصرف وكأنه سفير فوق العادة؟
وفي الحقيقة تضيع طاسه الكفيل الذي يحضر العاملة لحاجة في منزله، فإذا هو منحها مرتبها بانتظام شجعها على الهروب للسفارة، أو لأي مكان آخر، وإذا هو حجز رواتبها اتهم باضطهادها. وإذا هو أغلق الأبواب عليها خوفا ً من الهروب أو من زوار السوء اتهم بانتقاص حقها الإنساني، وإذا هو فتح لها الباب هربت، أو أدخلت أغراب لبيته.
وسمعت بالأمس بأن إحدى السفارات تشترط شروطاً جديدة مضحكة لعقد العمل وكأن الآية انعكست وهي أ؟ن رب البيت هو من سيعمل في بيت العاملة وليس العكس، ومن ذلك صورة لأفراد العائلة، ومخطط للمنزل، وصورة موثقة بالمرتب، وضعف الراتب وغير ذلك . فما سيكون شعور أحدنا بأن الشغالة رفضت عقدة لأن المدام شكلها مش ولا بد، أو بيت مافي هلو! ويضاف لكل هذه المتاعب بعض الرسوم الداخلية التي فرضت في وقت السنين العجاف, من تأشيرة، وإقامة، وغرامات وغير ذلك مما يجعل فرائص المواطن ترتعد ويستسلم للعمالة وللمكتب وغيرها، فجميع الدول الخليجية الأخرى ليست بها رسوم تأشيرة للعمالة المنزلية لمواطنيها ولا رسوم إقامة, والدول حباها الله وأطال عزها لديها فوائض كبيرة في ميزانيتها، وليست بحاجة لهذه الرسوم من المواطنين، والتخفيف عليهم في هذا الوقت بالذات الذي يشهد ارتفاعا ً كبيرا ً في كلفة المعيشة، مع إفلاس معظمهم في سوق الأسهم ((المبارك)) قد يترك أثرا ً كبيرا ً في نفوسهم ويحد من أمر تحكم العمال’ فيهم، ويخفف من وطأة الحياة عليهم.
والأمر الآخر هو التحقيق في الرسوم التي تأخذها مكاتب الاستقدام من المواطنين سواء في الداخل أو الخارج، فالمعروف أن كلفة استقدام العمالة في الإمارات،والكويت، والبحرين لا تتجاوز ألف ريال فلماذا تكلفنا نحن 7000 ريال؟ فإذا كانت هذه الدول تفرق ضدنا في أمور العمالة فبإمكاننا التأثير عليها في أمور أخرى كفرض رسوم إضافية على بضائعها، أو فرض ضرائب مشابهة عليها عند دخولها للمملكة ومعاملتها بالمثل.