أخي الكريم ..
رحم الله ابن عساكر حين قال : ( أعلم يا أخي - وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه
حق تقاته - أن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومه ، وأن من أطلق لسانه
في العلماء بالثّلب بلاه الله قبل موته بموت القلب ).
وجاءت الأحداث الأخيرة المريرة ، جاءت الفتن التي كقطع الليل المظلم ،
التي نعيش فيها هذه الأيام ونتجرع غصصها . فماذا حدث ؟؟
حدث ما يريد الأعداء ، واستبيحت لحوم العلماء ، ولم يقتصروا على نهش أعراض طلاب العلم والدعاة ،
بل فتح الباب على مصراعيه لكل من هبّ ودبّ ، حتى تطاول العامه ، وتطاول المنافقون والعلمانيون على علمائنا .
وقلما تدخل مجلسا فتجده منزها عن الوقيعة في عالم من العلماء .
قال تعالى: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }. سورة النور آيه 63
وقال تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلماء }. سورة فاطر آيه 28
وقال تعالى: { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون }. سورة الزمر آيه 9
وعلماء الدين لا يقارنون مع علماء الطب أو علماء الهندسة أو علماء الفلك وغيرهم ،فليسوا سوا ،
فالعلماء هم ورثة الأنبياء ،
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (( فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر العلماء هم ورثة الأنبياء
إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر )).
أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي
إن مما يدل على خطورة إيذاء مصابيح الأمة * العلماء * ، حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم قال:
(( قال الله - عز وجل - في الحديث القدسي: ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ))). رواه البخاري.
أخي الكريم:
كلنا يدرك أن من أكل الربا فقد آذنه الله بالحرب ، إن لم ينته ويتب عن ذلك الجرم العظيم ، كلنا يدرك هذا ،
ولكن هل نحن ندرك أيضا أن من آذى أولياء الله فقد حارب الله - جل وعلا - كما تبين من الحديث السابق!!
هل نحن نستحضر هذا الوعيد الشديد ، عندما نهم بالحديث في عالم من العلماء ؟؟
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( من آذى فقيها فقد آذى رسول الله صلى اللهه عليه وسلم ،
ومن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد آذى الله - عز وجل - ).
قال الحسن: ( كانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار ).
وقال الأوزاعي: ( الناس عندنا أهل العلم ، ومن سواهم فلا شيء ).
وقال سفيان الثوري: ( لو أن فقيها على رأس جبل لكان هو الجماعة ).
لعل في هذه النصوص تبـيـيناً لفضل العلماء ، وتذكيراً ببعض ما يجب لهم علينا من حقوق .
أخيرا أقول للمتحدثين في العلماء اتقوا الله وتوبوا إليه وأنيبوا ،
أثنوا على العلماء بمقدار غيبتكم لهم وإلا فأنتم الخاسرون ، والعاقبة للمتقين .
هذا وأسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ، وأن يعيذنا من فتنة القول والعمل ، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد ،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .