أختي العزيزة ( شقردية ) بداية أعتذر عن التأخر في التعليق والمداخلة لظروف عمل حالت بيني وبين أن أتواصل مع الإخوة .
أما بخصوص مناقشتك لموضوعي فعلى العكس فقد سررت حينما رايتك تفلسفين الموضوع وتناقشي الشارد والوارد فيه . وهذا مما يثري الموضوع ويفتق الذهن .
تساؤلاتك حيال الحقيقة الشرعية أو الخاطرة أو وجهة النظر أو المسلمة .. أنا أنظر لما ذكرت في السابق بأنه " تصور " يرتكز على حقيقة " عقلية " على صلة بغدير " الدين والمعتقد " وفي رأيي أن الكثير من الأخوة يشاطرونني القول بأن القيمة الفاضلة هي جامع لمعاني النقاء والصفاء والكمال كما ذكرت في السابق , أي أنها مثالية أفلاطونية فاضلة . وقداسة القيمة الفاضلة مستمدة من كونها هي المقياس الذي نَبِين من خلالها الخبيث من الطيب , وبمقابلها وضدها من القيمة الهابطة الدنيئة نستطيع أن نتلمس الفضيلة ونعانقها . هي كوجه العملة تماماً ما أن يظهر لك صدق حتى تجد بمقابله كذب , وما أن يظهر لك حب حتى تجد الكره وهكذا , فهي ثقل قِيَمي أخلاقي من الصعب إيضاحه بمعزل عن ضده , ومن هنا استمدت القيمة الفاضلة قداستها لأنها مسيرة حياة ونظام كون لم يوجد عبثاً ولهواً . ولك أن تسيري على القياس ما شئت من تضاد .
ومن قال لك أنه لا يجب أن يدعو أحد لحسن الخلق أو إتباع المصطفى كما ذكرتِ بخصوص المعلم ومن سلك مسلكه . أبداً ! فليدعو وليبشر ولينشر ما شاء من قيم ومكارم . ولكن يجب أن يكون ذلك خارج نطاق المادية والارتزاق والأمر بالشئ والإتيان بضده ! وهنا إشكالية زعم " مربي الأجيال " فالمعلم ما هو إلا " موظف " ليس له الحق أن يرتهن الفضيلة أو يدعيها . فالفضيلة التي يرعاها المعلم " فضيلة صناعية " لها زمانها ومكانها وفق ظروفه ومكانته البشرية العادية التي لا تسمح بأن نطلق عليه " مربي فاضل " بقدر ما يناسبه من كونه " ناقل للمكارم " والأسفار ! دون أن نقول متبني لها وراعي ! وحقيقة لا أريد الاسترسال أو البوح بما اعتقده " تماماً " حيال هذا الموضوع فلا المكان ولا الزمان , ولا الوضع الاجتماعي , والمعيشي السائد يسمح لي بالاستطراد والبوح بمكنوني . فللعرف والتقليد والعادة صولة وجولة في منع ولجم كثير مما نود ذكره ! .
أما حيال استنكارك للكذب والخداع والمكر خارج جدران الفصل !! فهذا ما لم أكن أتصور إنكاره منكِ لا سيما وأنك ذكرتِ أنكِ مهتمة ومتابعة لقضايا التعليم ودهاليزه . أختي الفاضلة برأيي حينما يدعو شخص للتقيد بالنظام واحترام القوانين ثم يخالف بنفسه ما يدعو له دون ضرورة غير " ثُم ماذا " واللامبالاة فهو بذلك كذاب منافق , شخص حينما يحذر التلاميذ والصبية من رمي النفايات من نافذة السيارة ثم يرميها , شخص يدعو للحوار واحترام الحق العام ثم يتبختر ويقصي الغير في كل مناسبة معتداً برأيه منكراً جاحداً للغير آراءهم , شخص يدعو لنظافة الشخصية وتقليم الظافر وتقصير الشعر وآداء صلاة السنة قبل الفرض وغيره وغيره من الصور الحياتية السلوكية البسيطة .. ثم يهتك عرض كل تلك الفضائل بنفسه فما هو عندي إلا فاسق مخادع ماكر ! وبخصوص التعميم فقولك حياله هو ما اعتقده , ويعتقده كل عاقل بعون الله .
أما ما ذكرت بخصوص أصناف المرتزقة والمقتاتين بالفضيلة كصاحب العقار وصاحب المكتب وغيرهم .. فأنتِ أقررت بما كنت تنكرين , بدايةً ! أما هؤلاء فهم على أقل تقدير لم يوضعوا من قبل المجتمع موضع " الآية " والمنقبة التي يجب أن تشع نوراً باستمرار , فهم ليسوا ضحايا لنظرة مجتمعٍ حمل الغير مالا يحتمل .
أما تعجبكِ من نتاج البشرية ! فلا تتعجبي من بشرية تخلق الغش والخداع والمكر وتتنفس القيمة الهابطة بأقسى صورها بين الأخ وأخيه وبين الجار وجاره مع أي نزوة تتقد بسببها جذوة الشر في البشر ! فما هي هذه البشرية ؟! هي بشرية خلقناها نحن العوام الهوام بآلة الكذب وبواطن الغِل والحقد والكره الكامنة في لا شعور وشعور البشر .
لا . أختي ! سأقول هو ذاك الرسول عليه السلام ! فلا يرتزق برسالته بشر ! .
أشكركِ أختي الكريمة على تساؤلاتك واستفساراتك , وأرجو أن تلتمسي لي العذر في تقصيري من إيصال كل ما يجول في خاطري حتى تتضح الصورة , فليس كل ما يدور في الخلد يقال ! .