لذكرى انتمائك لباطن الأرض .. هذه الدمعة *
كثيرٌ عليّ ما أحتمله ..
وتلك الذكرى تعيدني إلى بابك الخشبي .. وذاكرتك المثقوبة التي تعقد حاجبيك لها وأنت تسألني : من أنتِ يا ابنتي ..؟
لأختلق في كل مرة .. لك شخصيّة أمضي بها تلك الساعات التي أقضيها أمامك وكأنها سنين عُمرك ..
كنتُ لكَ ( مزنة ) وأنتَ تقتلع أنفاسك من صدرك لكي تحدثني عن جمال تلك الأنثى اللعوب ..
أو ( هادية ) التي لم تكن تناسب قبيلتكم ..
لعلّ دمعاتك على رحيل ( بدرية ) تجدّد فيّ حزن القرابةِ لها ..
أوما يؤنسك طيف إحداهنّ الآن في باطن الأرض ..؟
ـ
في هذه الأيام أرى بؤسك في عينيّ .. وفي جفاف شفتيّ ..
تردد دائماً .. ( الموت هبة الله للأرض )
صدقتَ .. مامن نعمة هي أوعظ وأجلّ من ذلك الموت ..
كل المواعظ صامتة ..
الموت علّمها ذلك ..
الأحزان .. الرحيل .. الموت .. السكنى الأخيرة ..
كلها صامته ..
حتى هذا الموت الذي يقترفنا كلّ يوم صامت أيضاَ ..
طيفك يوحي إليّ بأنه سيقترفني قريباً ..
لعلك ترجوه أن يدع روحي في هذا الجسد لا لشيء إلا لإسعاد أمّي ..
عيناك ..!
أجل هي عينيك حين تهمس شفتيك بـ ( أمّي ) ثم تطرق طويلاً حتى تسألني .. :
من أنتِ .. ؟
لعلّي ضممتك يوماً حزناً على حزنك ..
أجل هيّ أمّك كل النساء ..
كنتَ تبحث عن أمّك لا عن أنثى .. تهجُرُك ..
كنتَ تكذب : أحببت الكثير من النساء ..!
أنت لم تعشق سوى أمّك ..
،
الموت يهدينا إياهم يا أنت ..
لنحزن ..
ونتألم ..
نحن نرتقي لأننا نتألم ..
والموت هو مبضع ذلك الألم ..
لاتحزن لأنكَ تموت .. أنت تنتقل لدنيا أكثر هدوء .. وأكثر أمن ..
نحن هنا خائفين .. نرى الموت يسري في كل الكون ..
( قتل مساء أمس .. البارحة .. واليوم .. قتلى كُثُر .. )
أمّي تطرق كثيراً .. وهي تدرك جيّداَ أن خلفهم عويل وعزاء و ... أمّهات يبللنَ مايقي خدودهن تلك الليلة ..
،
أعلم يا أنتَ .. بأنّك تهبُّ لكل ذكرى تذكرُ : الأمهات ..
الأمهات الأمهات ..
أترى أنّهنّ سر الحياة ...؟
وتلك الهبة هي مايقضّ مضاجعهنّ ..؟