القدير هنري ،
ذكرت الفاضلة ريداوية بعض ما يجول في بالي .. وأستغل فرصة متصفحك لأسألك إياها ..
لا يختلف اثنان على ردوك الراقيّة واختلافك المهذب وفن احتواء الردود وإن تباينت .. لذا جاء موضوعك هادئًا سلسًا ( رغم اختلاف المجتمع عليه ) ..
السؤال ؛ مم اكتسبت جدية الطرح وهدوء الاختلاف .. ؟!
أخمن من الأسباب ( جدية دراستك وتخصصك ) .. أكذلك ؟!
نأتي إلى الموضوع ؛
للصوت وحده تأثير عميق يهز أوتار النفس ؛ فكيف إذا كان عزفًا متقنًا هادئًا .. ؟!
الموسيقى صورة جمالية سماعية ؛ تشاركك حالتك الوجدانيّة ؛ فتتألم معك أو تطربك أو تسليك أو تذكي شعلة الحنين في حناياك .. !
لذا أنفر من غالب الأغاني التي تحيل جو الموسيقى الهادئ إلى قبح متناهٍ بسبب رداءة كلماتها ..
من يهمش دور الصوت والمؤثرات بشكل خاص ؛ فليجرب رؤية فيلم كاتمًا للصوت .. !
وأجزم أن إحساسه سيكون تحت درجة البرود .. !
فلا المواقف العاطفية تشده ولا المخيفة ترهبه ولا الحماسية تزيد ترقبه ولا المؤلمة تبكيه .. !
بعكس فيما لو كان منصتًا للموسيقى المعبرة الملحقة بتلك المواقف .
إن الموسيقى ليست المعازف وحسب كما هو متعارف ؛ بل كل شيء .. !
وأولها الحرف العربي الأصيل ؛ له موسيقاه التي حيرّت المستشرقين وأبهرتهم .. !
وكيف لو سمعوه من فم أمي .. ؟!
وهنا أشير إلى أن أصوات من نحبهم هي الترياق الذي تهفو الأذن إليه وتأنس الروح سعادة به ..
نأتي إلى ختم الحديث ومسكه وهو العلاج بالموسيقى .. !
هناك دراسات تؤيد ذلك وهناك دراسات على الضد منه وتؤكد أن الموسيقى مسببة لتلف الأعصاب .. !
وأنا أقول ؛ كلا الدراستين ليست وحيًا لنقطع بصحة أحداهما .. !
وأما الوحي فيقول لنا .. ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) !
روحانية القرآن هي الشافية من كل علة .. !
هي المفجرّة لدموع الراحة والابتهال والخشوع والسكينة .. !
لاسيّما إذا سُمعت من مزامير داوود .. !
وهذا ما جعل الكافر الوليد بن المغيرة يصرخ بشهادة الحق : ( إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمرٌ أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ) .. !
أعذرني أخي الفاضل على هذا الاستطراد البعيد عن الموضوع ؛ لكني أتألم حقيقة حين أجد ثلة من الأمة المحمدية تلجأ إلى العلاج بالموسيقى واليوغا وعد الخرفان قبل النوم ... إلخ
لأجل تهدئة النفس واسترخائها ؛ وفي عبق ديننا من خشوع الصلاة وتدبر القرآن خير شفاء من خالق النفس والأدرى بمنافعها ..
ممتنة جدًا لك ، ومنك العذر على الإطالة .