أحمد الجابري، صوتٌ مملؤٌ بالشجنِ والحنين، وحنجرةٌ قال عنها الروائي السوداني الكبير محمود محمد مدني " حنجرة الجابري زي البسطونة " وهي عصا الخيزران التي تكون مرنة وقوية، ولعمري أنَّه تشبيه بليغ، فكذلك كان صوت الجابري، قوياً ومَرِناً ومسكوناً بالشجن. لقاءهُ مع الشاعر الضخم سيف الدين الدسوقي أهدى الغناء السوداني واحدة من أجملِ وأرَّق الأغنيات هيَّ أغنية:
رسالة
ويستهلُّها الجابري ، بعد المقدمة الموسيقية الرائعة بسؤالٍ استنكاري نجح الدسوقي في رَّصِ عباراته " مافي حتى رسالة واحدة؟ " ثمَّ ينسكب الشجنَ والحبَّ والوجد في أغنيةٍ جعلت - ولا زالت - دموع الكثيرين تجري . ولعلَّ كل مَن استمع لهذه الأغنية غالب دموعه حينما تبكي الكمنجات ويبكي معها صوت الجابري:
لمَّا آخر مرَّة شفتك قبلِ ما أودع وأسافر ..
كنت حاسس إني خايف وإني متردد وحاير
داير اتصبر أمامك داير أضحك وماني قادر !!!!
يا إلهي!!! كيفَ هوَ الحالُ عندما نحاولُ الضحكَ في لحظاتِ البكاء ؟!!
ستبقى هذه الأغنية حيَّة في وجدان عشاق الأغاني السودانية، لأنَّها مترابطة الأجزاء، كلمة ولحن وأداء. رحم الله أحمد الجابري فقد كانَ فناناً عظيماً وإنساناً نقياً،بقلبٍ كقلوب الأطفال وأطال الله عمر شاعرنا سيف الدين الدسوقي.
مافى حتى رسالة واحدة؟ بيها أتصبَّر شوية ؟؟
والوعد بيناتنا انك كل يوم تكتب إلىَّ
هل يجوز والغربة حارة بالخطاب تبخل علىّ؟
لما آخر مرة شفتك قبل ما أودع وأغادر
كنت حاسس أنى خائف إنى متردد وحاير
داير أتصبر أمامك داير أضحك ومانى قادر
بس دموعك لما فاضت ضيعت صبرى الشوية
وصحت موعدنا الرسايل..
وين رسايلك وين كتاباتك الىّ
وصرت بعدك يا حبيبى ذرة فى بحر الزمن
بعت للآلام مواهبى بعتها بأبخس تمن
وحشة ما بتعرف رسايل..
وغربة عن أرض الوطن
بس أمل واحد بعيشه لو رسالة تصل إلىَّ
بيها أطمن عليكم..
مُش حرام تبخل عليَّ؟؟